خطبة الجمعة مكتوبة :نعيم الجنة والصفقة الرابحة - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة الجمعة مكتوبة :نعيم الجنة والصفقة الرابحة


الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس لعباده المؤمنين نزلاً، ويسر المكلفين للأعمال، وهداهم النجدين ليبلوهم أيهم أحسن عملاً.
أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه وأستغفره، أرسل الرسل وأنزل الكتب وأقام الحجة على خلقه فهو لم يخلقهم عبثًا ولا سدى. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، الداعي إلى رضوانه والمرغب في جنته ً. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأزواجه وذريته وأصاحبه، والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أمابعد: إخوة الإيمان اتقوا تعالى واشكروه على ماهداكم إليه من نعمة الإسلام والإيمان وماأعده لعباده الصالحين في دارالجنة والرضوان جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين ،عباد الله نعيم الجنة والصفقة الرابحة هوعنوان موضوع خطبة اليوم . نحكي فيهاعن وجه من وجوه نعيم أهل الجنة حتى نتشوق لها ونعدالعدة ثم نورد فيها بعضا من قصص الصحابة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكيف كان شوقهم للجنة وكيف عملوا لها ومن اجلها وماذايبدولون في سبيلها والظفر بنعيمها الذي لايزول ولامقارنة بينه وبين نعيم هذه الدنيا الفانية  عباد الله:

إنها الجنة دار المتقين، ورغبة المخبتين، ومقصد الصالحين، والصفقة الرابحة لتجارالأخرة ومهوى أفئدة المحبين والزهاد والمتقين. روى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد الساعدي رضي لله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((قال الله عز وجل: أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، واقرؤوا إن شئتم: { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون}، وفي المتفق عليه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إن أول زمرة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر، ثم الذين يلونهم على أشد كوكب دُرّي في السماء إضاءة، لا يبولون ولا يتغوّطون ولا يتمخّطون، آنيتهم فيها الذهب، ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان، يرى مخ ساقهما من وراء اللحم من الحسن، لا اختلاف بينهم ولا تباغض، قلوبهم على قلب رجل واحد، يسبحون الله بكرة وعشيًا)).
قال تعالى :{ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ..}

في المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبيﷺ قال: ((إن أهل الجنة ليتراءون أهل الغرف من فوقهم كما تتراءون الكوكب الدري الغابر في الأفق من المشرق أو المغرب لتفاضل ما بينهم))، قالوا: يا رسول الله، تلك منازل الأنبياء لا يبلغها غيرهم، قال: ((بلى والذي نفسي بيده، رجال آمنوا بالله وصدقوا المرسلين))
 وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبيﷺ قال: ((إن للمؤمن في الجنة لخيمة من لؤلؤة واحدة مجوفة، طولها في السماء ستون ميلا، للمؤمن فيها أهلون، يطوف عليهم المؤمن فلا يرى بعضهم بعضًا)).
وهذاماأعلى همم الصحابة وأبهج سرائرهم وقلوبهم وجعلهم يفضلون نعيم هذه الدنيا الفانية بنعيم الأخرة الأفضل والاكبروالباقي حيث كانوا يضحون بانفسهم وأرواحهم وأموالهم في سبيل الله وفي طاعته ورضاه من أجل ماذا ؟ من أجل أن ينالوا الجائزة الكبرى التي هي الجنة ويفوزوا برضوان الله تعالى في جنته ودار كرامته . 

ومن أمثلة ذلك ماوقع للصحابي الجليل صهيب الرومي فبعد أن هاجر النبي  إلى المدينة لم تعد مكة موطنًا لأهل الحق والإيمان، فراحوا يتسابقون فرارًا بدينهم إلى طيبة  الطيبة حيث الأمان والإيمان، ولكن قريشًا كانت تعيق أولئك الفارين بدينهم بكل حيلة ما استطاعت، وكان منهم هذا الصحابي الجليل صهيب الرومي صاحب التجارة والمال الوافر، أقامت عليه قريش رقباء يقومون عليه ليل نهار حتى لا يفلت من أيديهم بنفسه وماله.

وفي ليلة باردة تسلّل صهيب من بينهم، ويمّم وجهه شطر المدينة، لم يمض غير قليل حتى فطن له رقباؤه، فهبوا من نومهم مذعورين، وامتطوا خيولهم السوابق، وأطلقوا أعنتها خلفه حتى أدركوه، فلما أحسّ بهم وقف على مكان عالٍ وأخرج سهامه من كنانته ووتر قوسه وقال: يا معشر قريش، لقد علمتم والله إني من أرمى الناس وأحكمهم إصابة، ووالله لا تصلون إلي حتى أقتل بكلّ سهم معي رجلاً منكم، ثم أضربكم بسيفي ما بقي في يدي شيء منه، فقال قائل منهم: والله، لا ندعك تفوز منا بنفسك وبمالك؛ لقد أتيتَ مكة صعلوكًا فقيرًا فاغتنيت وبلغت ما بلغت، فقال صهيب: أرأيتم إن تركت لكم مالي، أتخلون سبيلي؟ قالوا: نعم. فدلهم على موضع ماله في بيته بمكة فخلّوا سبيله، ثم عاود يحث المسير إلى رسول الله  والمؤمنين، فلما بلغ مكانا يسمى قباء ثم رءاه رسول الله مقبلاً فهَشّ له وبَشّ وقال: ((ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى، ربح البيع أبا يحيى)).
إن هذه الكلمة الصادقة وذلك اللقاء الحنون وتلك الطَلّة البشوشة والمحيّا الطلق أنست صهيبًا كل أمواله، كلّ تجارته، أنسَته دُورَه وضَيعته، غاصت في أعماقه فتلاشى معها طول السفر وتعب الطريق ونصب الوحدة ولوعة فراق الأوطان.

أيّ تجارة وأي مال إذا كان ثمنها قولة حقّ وصدق: ربح البيع أبا يحيى؟! فلتهجَر البلاد والدور إذا كان الثمن "ربح البيع أبا يحيى"، ولتفنَ الدنيا بشهواتها وملذاتها، بأموالها وقصورها وزهرتها، إذا كان المقابل ربح البيع أبا يحيى، ولكنها معادلة صعبة لا يحسن فهمَها كفار قريش بالأمس ولاحتى تجار دنيا اليوم ولاالذين يملكون الأموال الطائلة والدورالشاهقة والاراضي الشاسعة .ومن النمادج المشرقة أيضافي البذل والعطاء ماوقع للصحابي الجليل ابوطلحة الأنصاري

ففي البخاري ومسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه يقول: كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالا من نخل، وكان أحب أمواله إليه بَيْرُحَاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان رسول الله  يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس: فلما أنزلت هذه الآية: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ}قام أبو طلحة إلى رسول الله  فقال: يا رسول الله، إن الله تبارك وتعالى يقول: { لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ }، وإن أحب أموالي إلي بَيْرُحَاء، وإنها صدقة لله أرجو بِرها وذخرها عند الله، فضعها ـ يا رسول الله ـ حيث أراك الله، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((بَخ، ذلك مال رابح، ذلك مال رابح، وقد سمعت ما قلت، وإني أرى أن تجعلها في الأقربين))، فقال أبو طلحة: أفعلُ يا رسول الله، فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه. والمقربون أولى بالمعروف ،وفي هذا الحديث دليل على جواز الصدقة بالمقربين إذاكانوا فقراء. اللهم إنا نسألك رضاك والجنة ونعوذ بك من سخطك والنار، اللهم إنا نسألك الجنة وما يقرب إليها من قول وعمل، ونعوذ بك من النار وما يقرب إليها من قول وعمل.
آمين نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث سيد الأولين والآخرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .

الخطبة الثانية
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول وآله وصحبه
وبعد: عباد الله تلكم هي بعض من نمادج الصحابة الذين ضحوا بكل غال ونفيس ابتغاء رضوان الله تعالى ، ومن النمادج ايضاة صحابي جليل يدعى أبا الدحداح، فقدورد في قصته :
ان غلاما من الأنصار يملك بستانًا يجاور بستان رجل من الصحابة، فأراد الغلام أن يبني حائطًا يفصل بستانه عن بستان صاحبه، فاعترضت له نخلة هي في نصيب الآخر، فأتاه فقال: أعطني النخلة أو بعني إياها، فأبى، فأقبل الغلام على رسول الله فشكا له الحال، فأمره أن يأتي بصاحبه، فأقبلا والنبي عليه الصلاة والسلام بين أصحابه، فقال له: ((أعطه النخلة))، قال: لا، فكرّر عليه ثلاثًا وهو يأبى، عندها قال النبي : ((أعطه النخلة ولك بها نخلة في الجنة))، قال: لا، والصحابة يرقبون الموقف ويكبِرون العرض ويعظمون الثمن ويستنكرون الإحجام من الرجل. وبينما الدهشة تعلو الوجوه وصمت الاستغراب يملأ المكان فإذابصوت أبي الدحداح رضى الله عنه وهو يقول: يا رسول الله، إن أنا اشتريتُ النخلة ووهبتها الغلام ألي النخلة في الجنة؟ قال: ((نعم))، فقال أبو الدحداح: يا هذا، قد ابتعتُ النخلة ببستاني الذي فيه ستمائة نخلة، فقبل، فذهب أبو الدحداح مسرعًا إلى بستانه ينادي زوجته: يا أم الدحداح، اخرجي وأبناءك فقد بعت البستان. قالت: لمن؟ قال: لله بنخلة في الجنة، قالت: ربح بيعك وبارك الله لك فيما اشتريت. ثم أقبلت على صبيانها تخرج ما في أفواههم وتنفض ما في أكمامهم حتى أفضت إلى الحائط الآخر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: ((كم من عذق معلّق أو مدلىّ في الجنة لأبي الدحداح)). ستمائة نخلة وماء نقيّ وظلّ وافر وأشجار وثمار، أطيار وأزهار بنخلة واحدة. نعم ولم لا؟! إنها نخلة في الجنة. في المتفق عليه عن أبي سعيد الخدري رضي

الله عنه عن النبي  قال: ((إن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد المضمر مائة سنة لا يقطعها))، وروى مسلم عن أبي هريرة عن النبي  قال : ((ينادي مناد: إن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدا، وإن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدا، وإن لكم أن تشبّوا فلا تهرموا أبدا، وإن لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدا، فذلك قوله عز وجل: { وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمْ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} جعلني الله وإياكم من أهل الجنة وأسكننامن فردوسها الأعلى مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين ،آمين . الدعاء..
أئمة مروك_إعداد وترتيب أحمد البعمراني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا