خطبة مكتوبة عن الظلم وعواقبه - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة مكتوبة عن الظلم وعواقبه


من إعداد :الخطيب أحمد البعمراني
الحمد لله الذي حرم الظلم على نفسه وجعله بين العباد محرماوأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله حذرنا من الظلم وعاقبته فقال (إياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة )اللهم صل وسلم على هذا النبي الأمين وعلى آله وصحابته اجمعين ومن تبعهم بإحسان واهتدى بهديهم إلى يوم الدين .


أمابعد: إخوة الإيمان اوصي نفسي وإياكم بتقوى الله ومخافته في السر والعلن إمتثالا لقوله عزوجل {ياايها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والارحام إن الله كان عليكم رقيبا }
مرَّ رجل برجل قد صلبه الحجاج، فقال: يا رب، إن حلمك على الظالِمين قد أضر بالمظلومين، فنام تلك الليلة، فرأى في منامه أن القيامة قد قامت، وكأنه قد دخل الجنة، فرأى ذلك المصلوب في أعلى علِّيين، وإذا منادٍ ينادي: حلمي على الظالمين أحلَّ المظلومين في أعلى عليين.
وأظلمُ الناس مَن ظلم لغيره؛ أي لمصلحة غيره، باع آخرته بدنيا غيره!
لذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يوم المظلوم على الظالِم أشدُّ من يوم الظالِم على المظلوم، وكان معاويةُ رضي الله عنه يقول: إني لأستحيي أن أظلم مَن لا يجد عليَّ ناصرًا إلا الله!
فإن الله تعالى يراقب ويشاهد وسيجازي كلا بعمله ومااقترفته يداه
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ ﴾

قال أبو الدرداء رضي الله عنه: "إياك ودمعة اليتيم، ودعوة المظلوم؛ فإنها تسري بالليل والناس نيام".
 
لا تظلمنَّ إذا ما كنت مقتدراً
فَالظُلْمُ مَرْتَعُهُ يُفْضِي إلى النَّدَمِ.
تنامُ عَيْنُكَ والمَظْلومُ مُنَتَبِهٌ
يدعو عليك وعين الله لم تنم
إن الظالِم معلوم لدى الذي بيده الأمر، ﴿ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ ﴾
القوة العظمى تترصَّد للظالم، ﴿ إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ ﴾ تراقبه، تُمهله، لكنها لا تُهمله، فإذا أخذته لن تفلته!
نبي الله يقول: ((إن الله يُملِي للظالم، فإذا أخذه لم يفلته)) ثم قرأ: ﴿ وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ﴾ 

﴿ وَلَوْ تَرَى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ ﴾
ليتذكر كل ظالم الموت وسَكرته، والقبر وظلمته، والميزان ودقَّتَه، والصراط وزلَّته، والحساب وسرعته، والحشر وأحواله، والنشر وأهواله. 

تذكر إذا نزل بك ملك الموت ليقبضَ روحك، وإذا أُنزِلت في القبر مع عملك وحدَك، هناك يتخلَّى عنك البعيد والقريب، والعدو والصديق، والطبيب والحبيب، وهناك ينادي المنادي: "جاؤوا بك وتركوك، وفي التراب وضعوك، ولو ظلوا معك ما نفعوك، ولا ينفعك إلا أنا، وأنا الحي الذي لا أموت"!
ثم تدعى للحساب في يوم يطول فيه وقوفك، ومن ثَمَّ استغاثاتك، ﴿ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا ﴾
هذا رجل كان له خصومٌ ظَلَمة، فشكاهم إلى أحمد بن أبي داود، فقال: قد تضافروا عليَّ وصاروا يدًا واحدة، فقال: يد الله فوق أيديهم، فقلت له: إن لهم مكرًا، فقال: ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله، قلت: هم من فئة كثيرة، فقال: كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله.
وقال يوسف بن أسباط: مَن دعا لظالِم بالبقاء، فقد أحب أنيُعْصَى اللهُ في أرضه.
الظلم حرَّمه الله سبحانه وتعالى على نفسِه، وحرَّمه كذلك على خَلقه: ((يا عبادي، إني حرَّمتُ الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرمًا، فلا تظالموا))؛ رواه مسلم.
الظلم ظلمات، والشح من المهلكات، عن جابر أن رسول الله قال: ((اتَّقوا الظلم؛ فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، واتقوا الشح؛ فإن الشح أهلك مَن كان قبلكم، حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم))؛ رواه مسلم.
وقوله عليه الصلاة والسلام: ((لتؤدُّنَّ الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يُقادَ للشاة الجلحاء من الشاة القرناء))؛ رواه مسلم.
والظلم ثلاثة أنواع: (ظلم الإنسان لربه، وظلم الإنسان لغيره، وظلم الإنسان لنفسه)).
النوع الأول: ظلم الإنسان لربه؛ وذلك بكفره: ﴿ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾: 254]، أو شركه في عبادته، وذلك بصرف بعض عبادته لغيره: ﴿ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾
نجاني الله وإياكم من الظلم وأهله ونفعني وإياكم بالقرآن العظيم وبحديث سيد الأولين والآخرين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

الخطبة الثانية
الحمدلله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلا على الظالمين
اللهم صل وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم
أما بعد عباد الله :
النوع الثاني: ظلم الإنسان لغيره من عباد الله ومخلوقاته؛ وذلك بأكل أموال الناس بالباطل، وظلمهم بالضرب والشتم، والتعدي على الضعفاء، والظلم يقع غالبًا بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار.
قال رسول الله: ((مَطلُ الغني ظلم))؛ ويعني ؛ منع أجر الأجيرمن الغني .
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أَعطَى بي ثم غدر، ورجل باع حُرًّا ثم أكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرًا فاستوفَى منه ولم يعطِه أجره))؛ رواه البخاري.ومن الظلم ماأخبرعنه النبي عليه الصلاة والسلام:( من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه من سبع أرضين.( متفق عليه وفي الحديث (لعن الله من غير منارات الأرض) صحيح
وقال النبي عليه الصلاة والسلام أيضا : ((مَن اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه، فقد أوجب الله له النار، وحرم عليه الجنة))، فقال رجل: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ فقال: ((وإن قَضيبًا من أراكٍ))؛ رواه مسلم.
ولقد عُذِّبتِ امرأةٌ في هرَّة حبستها حتى ماتت جوعًا، فدخلت فيها النار؛ رواه البخاري ومسلم. حبستها؛ أي: بدون طعام، فما بالنا بمن حبس المسلم وعذبه وقتله؟! 

وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن كانت عنده مظلمة لأخيه؛ من عِرضِه أو من شيء، فليتحلَّلْه من اليوم قبل ألاَّ يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه))؛ رواه البخاري.
وكان يزيد بن حاتم يقول: ما هِبْتُ شيئًا قط هَيْبَتي من رجل ظلمتُه، وأنا أعلم أن لا ناصر له إلا الله، فيقول: حسبي الله، الله بيني وبينك.
ونادى رجل سليمان بن عبدالملك - وهو على المنبر -: يا سليمان، اذكر يوم الأذان، فنزل سليمان من على المنبر، ودعا بالرجل، فقال له: ما يوم الأذان؟ فقال: قال الله تعالى: ﴿ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾
النوع الثالث: ظلم الإنسان لنفسه؛ وذلك باتباع الشهوات وترك الواجبات، وارتكاب الذنوب واقتراف السيئات، وإغضاب رب الأرض والسموات"، ﴿ وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ﴾
وهذا النوع من الظلم لا يؤاخذ صاحبه إن تاب وأناب، بل يُقرِّبه الله ويُدنِيه يوم الحساب، علم أن له ربًّا غفورًا يمحو السيئات، ويقيل العثرات، يغفر الذنب، ويقبل التوب،. لقوله عليه الصلاة والسلام : ((كل ابن آدم خطاء وخيرالخطَّائين التوابون))، والله تعالى يغفر ولا يظلم، قال تعالى {وماربك بظلام للعبيد }
وفي يونس عليه السلام:قال تعالى ﴿ وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ ﴾ ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾
اللهم جنِّبنا الظلم وبطانته وأَلْهِمنا العدل وأهله..

هناك تعليق واحد:

  1. ما شاء الله جميل جعله الله فى ميزان حسناتكم

    ردحذف

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا