خطبة الجمعة مكتوبة :الإحسان إلى الجار.حسن العباري
الحمدلله الذي أمرعباده
بالإحسان إلى الجار وحذرهم من الأذى والعار وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك
له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله القائل : ( مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه
سيورثه ) اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .
أما بعد " أيها الإخوة الكرام :أوصيكم ونفسي بتقوى الله عزوجل،
فتقوى الله ما جاورتْ قلبَ امرئ إلا وصل،واحسنوا إلى جيرانكم،فالاحسان إلى الجيران
واجب عليكم، بقوله تعالى :
{و اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين و الجار ذي القربى والجار الجنب ....} الآية. والواجب ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه،بمعنى أن الله عزوجل رتب على الإحسان إلى الجيران أجرا عظيما؛وعلى الإساءة إليهم عذابا اليما والعياذ بالله
{و اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسانا وبذي القربى واليتامى والمساكين و الجار ذي القربى والجار الجنب ....} الآية. والواجب ما يثاب فاعله ويعاقب تاركه،بمعنى أن الله عزوجل رتب على الإحسان إلى الجيران أجرا عظيما؛وعلى الإساءة إليهم عذابا اليما والعياذ بالله
أحبتي في الله :فمن
هو الجار الذي أمرنا الله عزوجل بالإحسان اليه؟ لقد اختلفوا في تعريفه بين موسع
ومضيق. فمن العلماء من قال : ان الجار هو الذي داره ملاصقة لدارك،فهذا جار
بلا شك،ومنهم من قال :ان جارك هو الذي يصلي معك في المسجد،كمسجد الحي أو
الدوار،ومنهم من قال بأن الجيران هم أربعون دارا عن يمينك، وأربعون عن
شمالك،واربعون من أمامك وأربعون من خلفك،فاختلافهم يتمحور بين مضيق وموسع،ويمكن
التوفيق بين ذلك:بأن نقول:أنت مطالب يا أخي الكريم بالإحسان إلى الجيران الأقرب
فالاقرب، مثلا كانت عندك وليمة وأردت أن تدعوا لها جيرانك فإن كانت لا تكفيهم كلهم
بدأت بالاقرب فالاقرب. ...مثلا إذا صنعت طعاما وكان لا يكفي إلا اثنين بدأت بجارك
الملاصق لدارك، ثم الذي يليه،وإذا كان يكفي ثلاثة زدت الذي على الأقرب ....
وهكذا، مثلا ذبحت
عجلا وكان يكفي 160 جارا فإنك تدعوا للطعام أربعين جارا عن يمينك، وأربعين عن
يسارك، وأربعين من خلفك، وأربعين أمامك. . وفي عصرنا الحالي وبالخصوص في المدينة تسكن أسرة فوق دارك فهم جيرانك
كذلك..... وإذا رجعنا إلى الآية الكريمة نجد الله قد أمر بالإحسان إلى الجار ذي
القربى والجار الجنب، فأما الجار ذو القربى فهو الذي بينك وبينه قرابة، على
قول،وأما الجار الجنب فهو الذي لا قرابة بينك وبينه،اما الإحسان إلى الجار ذي
القربى فهو إحسان وصلة. أحبتي في الله :لقد شدد القرآن وشددت السنة المطهرة في الأمر بالإحسان
إلى الجار فيتبين بذلك أن الإحسان إلى الجار له قيمة عظمى عند الله وعند نبيه وليس
بالأمر الهين.
فلقد جاء في الصحيحين
، عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :( ما زالَ جبريل
يوصيني بالجار حتى ظننت انه سيورثه) وكما لا
يخفى عليكم اخواني الكرام فإن التوارث لا يكون إلا بأسباب وهي القرابة والنكاح
والولاء. فالتوارث ينبني على العلاقة الوطيدة بين الوارث والموروث، فكذلك
العلاقة بين الجار وجاره فهي علاقة جد وطيدة وقوية، فلما كان بين الجار وجاره
علاقة القرب ظن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سيكون ضمن الورثة. اخواني في الله:في
بعض الأحيان قد يكون الجار أقرب إلينا من أشد اقاربنا وانفع لنا منهم في الأنس
وغيره،فقد يكون لك ابنك لكنه يسكن بعيدا عنك فلا تراه إلا مرة في الأسبوع أو في
الشهر وقد لا تراه إلا مرة واحدة في العام كله،بينما جارك قد تراه مرات عديدة في
اليوم. أخي الكريم :قد يكون هذا الجار الذي أمرت بالإحسان اليه من الأقارب أو
من الأجانب من المسلمين أو من غيرهم. فإذا كان من الأقارب فله عليك ثلاثة حقوق: حق الجوار وحق القرابة وحق
الإسلام، وإذا كان أجنبيا ومسلما فله عليك حقان؛ حق الجوار وحق الإسلام، وإذا كان
غير مسلم فله عليك حق، وهو حق الجوار
فانظروا يا اخواتي إلى روعة الاسلام دين التسامح
والعدل. فها هو التستري له جار يهودي ومرحاضه يصب أنبوبه في دار التستري
فيتحمل الأذى ويميطه عن داره ولا يشكوه ولا يشتكي،فلما مرض واشتد مرضه ذهب إلى
اليهودي فاخبره بالأمر وقال له إياك أن تظن اني قليل الصبر فما حملني على اخبارك
إلا مخافة أن لا يتحمل أولادي ذاك فتتهدم أواصر الجوار بينكم. فعلم اليهودي أن الإسلام دين المعاملة الطيبة،فأسلم. والنماذج مثل الذي
ذكرنا كثيرة. إخواني في الله :إياكم والإساءة إلى الجيران فإنها تستلزم غضب الله
وسخطه، وتنفي عنكم الإيمان، وتأملوا معي هذا الحديث الذي تقشعر منه الجلود . قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم :((وَاللَّهِ لا يُؤْمِنُ ، وَاللَّهُ لا يُؤْمِنُ ، وَاللَّهِ لا
يُؤْمِنُ . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا ذَلِكَ؟ قَالَ : جَارٌ لا
يَأْمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ)) . رواه البخاري.
فتأمل أخي الكريم
الحديث تجد النفي مؤكد بقسم النبي اﷺثلاث
مرات،وهذا النفي هو نفي كمال الإيمان عن الرجل الذي يؤذي جاره ويسيء إليه، فإن الانسلاخ من الإيمان انسلاخ
من نعمة عظمى، ولا شك أن المؤمن لا يسيء إلى جاره. فلا خير في جار لا يأمن جاره بوائقه ، ذاك الجار الذي يتصف بالشر
والغدر والغلول،والمعاملة السيئة التي تحمل جاره أن يفقد الثقة فيه، فإذا غاب خاف
على أهله وماله، وإذا حضر لا يأمن مكره وغدره. فإذاية الجار دليل على التجرد من كمال الإيمان أو ضعفه، والإحسان إلى
الجار دليل قوة الإيمان،
فإذاية الجار تكون بالفعل كما تكون باللسان، فمن اذايته سرقة ماله، فالسرقة حرام لكن سرقة الجار أشد حرمة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :لأن يسرق أحدكم من عشر أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره. ومن أشد اذايته الزنى بحليلته، فالجبان من يستغل ثقة جاره به، وقربه فيقوم بغدره. .. قنافد هداجون حول بيوتهم بما كان إياهم عطية عودا ...... لأن قرب الجار من جاره يقتضي أن يعرف الجار الخائن الصغيرة والكبيرة عن جاره ويسهل عليه غدره اذا كان لا يخاف الله، وقد يصل البعيد الذي يريد سرقة شخص بالاستعانة بجار ذلك الشخص، فاتقوا الله في جيرانكم، لا تضروهم بقطع طريق أو بالتضيق عليهم، أو برمي الازبال أمامهم، أو بازعاجهم برفع الأصوات، أو بالتشاجر معهم،بشتمهم،أو باغتصاب أموالهم. ...قال تعالى :{ولا تاكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتاكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وانتم تعلمون}
فأحسنوا جوار من جاورتم
ابتغاءرضى ربكم .
فاللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لايهدي لأحسنها إلا أنت وحسن
علاقتنا مع جراننا والأقربين وسائر
المسلمين واهدنا سبل السلام آمين
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم،وبسنة سيد الأنبياء والمرسلين، والحمدلله رب العالمين
الخطبة الثانية
الحمد لله رب
العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه
والتابعين.
أما بعد "
أيها الأحبة الكرام ونحن نتكلم عن الإحسان إلى الجيران،
فكيف نحسن
إليهم؟ أخي المسلم :
الإحسان إلى جارك
يكون باحترامه وتوقيره واحترام أهله وعاداته ومناسباته فليس من الإحسان أن يكون
عند جارك موت،وعندك عرس. ..وهكذا
ويكون بالسلام عليه
وبرد السلام عليه، وبعدم هجره، هذا وان كانت هذه من الحقوق العامة للمسلمين إلا
أنها تتأكد في حق الجيران لما لها من آثار طيبة في إشاعة روح الألفة
والمودة.
ويكون الإحسان كذلك
بحفظ ماله وعرضه في غيابه وفي حضوره،و تحمل الأذى إن صدر منه بأن تدفع بالتي
هي أحسن، وتفقد أحواله ومساعدته وتنفيس الكرب عنه، وقضاء حوائجه،والإنفاق عليه إن
كان فقيراً أو الهدية إن كان غير ذلك فالتهادي يقتضي المحبة.
فعن عائشة رضي الله
عنها :قالت:قلت يا رسول الله ﷺ:إن
لي جارين فإلى أيهما أهدي ؟ قال:إلى اقربهما منك دارا.
رواه البخاري.
فهذا الحديث يبين حرص
عائشة على الهدية لجيرانها وان العدل أن نبدأ في الهدية بالاقرب فالاقرب. ومن
الإحسان إلى الجيران اتحافهم بالطعام وخصوصا اذا علمت انهم يعانون من الجوع، قال
رسول الله ﷺ:يا أبا در إذا صنعت
مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك. رواه مسلم.
ومن الإحسان كذلك أن
لا تمنع جارك اذا أراد أن يغرس خشبة في دارك أو يربط حبلا وهذا يكون أكثر
بين الجيران في السوق ، أو أن يمر إلى أرضه من أرضك. ...
قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم :لا يمنع جار جاره من أن يغرز خشبته في جداره. رواه الشيخان.
ومن الإحسان كذلك :أن
تشاوره اذا اردت بيع شيء فهو أحق بشرائه من غيره لقوله ﷺ:
من كان له شريكٌ في
حائط فلا يبيعه حتى يعرضه عليه.
رواه الإمام أحمد عن
جابر بن عبد الله.
والوان الإحسان
كثيرة،فما كان خيرا فهو إحسان فلا تبخل به، وما كان شرا فهو إساءة فلا تقدم
عليه،ومن يعمل مثقال درة خيرا يره (فمنْ يعمل مثقال درة شرا يره).
اللهم أعنا على
الإحسان إلى جيراننا، واجعل في قلوبنا محبة لهم. .... الدعاء
سبحان ربك رب العزة
عما يصفون والحمد لله رب العالمين.
أئمة مروك ــ حسن العباري الهشتوكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا