حقوق المصطفى ج 2 حَقُّ مَحَبَّةِ رَسُــــولِ اللهِ ﷺ - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

حقوق المصطفى ج 2 حَقُّ مَحَبَّةِ رَسُــــولِ اللهِ ﷺ

بقلم فضيلة الأستاذ: رشيد المعاشي

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الإخوة المسلمون:  

سنعود وإياكم اليوم – بحول الله تعالى - لنواصل حديثنا الذي بدأناه عن الحبيب المصطفى سيدنا محمد رسول الله ﷺ، بمناسبة ذكرى ولادته – عليه الصلاة والسلام -، وقد ركزنا كلامنا في الخطبة الماضية على الحق الأول من حقوقه ﷺ على أمته، ألا وهو: حَقُّ الْإِيمَانِ بِهِ... 

وخلاصة ما ذكرنا في ذلك: أن الإيمان برسول الله ﷺ واتباعَه هو أعظم حق على كل عاقل منصف على وجه الأرض، مصداق ذلك قوله – عليه الصلاة والسلام -: وَالذَي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ، إلَّا كَانَ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ. وسنعيش وإياكم هذه اللحظات المباركة، وهذه الدقائق المعدودة، مع الحق الثاني من هذه الحقوق المباركة، ألا وهو: مَحَبَّةُ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وسنركز كلامنا على هذا الحق من خلال ثلاثة عناصر:

🍀العنصر الأول: مفهوم المحبة وحكمُها، فمحبته رسول الله ﷺ تعني: أَنْ يَمِيلَ قَلْبُ الْمُسْلِمِ إِلَى رَسُولِ اللهِ ﷺ مَيْلًا يَتَجَلَّى فِيهِ إِيثَارُهُ عَلَى كُلِّ مَحْبُوبٍ مِنْ نَفْسٍ وَوَالِدٍ وَوَلَدٍ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ. فهي – إذن - عمل قلبيّ وأمر وجداني يجده المسلم في قلبه، وعاطفة طيبة تجيش بها نفسه، وإن تفاوَتت درجة الشعور بهذا الحب، تبعًا لقوة الإيمان أو ضَعفه، وهي فريضة على كل مسلم ومسلمة، بل لا يكمل إيمان المرء إلا بها، مصداق ذلك قول الله – تعالى -: قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ. وما رواه مسلم أن رسول الله ﷺ قال: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ.

🍀العنصر الثاني: فضل المحبة، فمحبة رسول الله ﷺ دليل على كمال الإيمان، وطريق للعبور إلى أعلى منازل الجنان، ومرافقةِ سيدنا محمد ولد عدنان، مصداق ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أنس – رضي الله عنه -: أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ السَّاعَةِ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟، قَالَ: وَمَاذَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ قَالَ: لاَ شَيْءَ، إِلَّا أَنِّي أُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ﷺ، فَقَالَ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ. قَالَ أَنَسٌ – رضــي الله عنه -: فَمَا فَرِحْنَا بِشَيْءٍ فَرَحَنَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْت!! قَالَ أَنَسٌ – رضي الله عنه -: فَأَنَا أُحِبُّ النَّبِيَّ ﷺ وَأَبَا بَكْرٍ، وَعُمَرَ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ بِحُبِّي إِيَّاهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِمِثْلِ أَعْمَالِهِمْ. فرضي الله عن سيدنا أنس، وعن صحابة رسول الله أجمعين، وعنا بهم يا رب العالمـيـن.

🍀العنصر الثالث: من مواقف الصحابة في المحبة، إن الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم - ضربوا أروع الأمثال في محبة رسول الله ﷺ، فقد سئل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: كيف كان حُبكم لرسول الله ﷺ؟ فقال: كَانَ - وَاللهِ - أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَمْوَالِنَا وَأَوْلَاَدِنَا وَآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الظَّمَأِ.

 ومن أروع مواقفهم في هذه المحبة – ما رواه ابن إسحاق: أَنَّ زَيْدَ بْنَ الدِّثِنّةِ – رَضِيَ اللهُ عَنْهُ – وَقَعَ فِي يَدِ الْمُشْرِكِينَ، فَأَخْرَجُوهُ مِنَ الْحَرَمِ لِيَقْتُلُوهُ، وَاجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ فِيهِمْ أَبُو سُفْيَانَ، فَقَالَ لَهُ أَبُو سُفْيَانَ حِينَ قُدِّمَ لِيُقْتَلَ: أُنْشِدُكَ اللهَ يَا زَيْدُ! أَتُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا عِنْدَنَا الْآنَ فِي مَكَانِكَ نَضْرِبُ عُنْقَهُ، وَأَنَّكَ فِي أهْلِكَ؟! فَقَالَ زَيْدٌ: وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنَّ مُحَمَّدًا الْآنَ فِي مَكَانِهِ الَّذِي هُوَ فِيهِ تُصِيبُهُ شَوْكَةٌ تُؤْذِيهِ، وَأَنِي جَالِسٌ فِي أهْلِي، فقال عنهم أبو سفيان: مَا رَأَيْتُ فِي النَّاسِ أَحَدًا يُحِبُّ أَحَدًا كَحُبِّ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ مُحَمَّدًا، ثُمَّ قُتِلَ زَيْدٌ شهيدًا – رَضِـيَ اللهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ -.

 ولو ذهبنا نسرد مواقف حب الصحابة الكرام لرسول الله ﷺ لوقفنا على ما يفوق الخيال، وما تندهش له العقول، وحسبنا هذا الموقف المشرق، لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، فاتقوا الله – أيها الإخوة المسلمون -، واقتدوا بالصحابة الأخيار، في حب النبي المختار، وعلموا أولادكم حبه، فهو عنوان الخير، وسبيل الفوز والفلاح في الدنيا والآخرة. 

 نفعني الله وإياكم بكتابه المبين، وبسنة نبيه المصطفي الكريم، وجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين....

الخطبة الثانية

 الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الإخوة المسلمون:

بمناسبة الحملة الوطنية التحسيسية لوقف العنف ضد النساء والفتيات، نذكر أنفسنا وإياكم بأن ديننا الحنيف قد أكرم الأنثى غاية الإكرام، ورفع عنها كل ما كانت تقاسيه من أشكال الذل والهوان، وحرم التعدي عليها بكل الأشكال والألوان، لأن الأصل في الأنثى هو الضعف وعدم القدرة على دفع العدوان، يقول الله – تعالى -: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ المُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا. 

وروى النسائي أن رسول الله ﷺ قال: أَللَّهُمَّ إِنِّي أُحَرِّجُ حَقَّ الضَّعِيفَينِ: الْيَتِيمِ وَالْمرْأَةِ. قال الإمام النووي – رحمه الله-: وَمَعْنَى [أُحَرِّجُ]: أُلْحِقُ الْحَرَجَ، وَهُوَ الإِثْمُ بِمَنْ ضَيَّعَ حَقَّهُمَا، وَأُحَذِّرُ مِنْ ذلكَ تَحْذيراً بَلِيغاً، وَأَزْجُرُ عَنْهُ زَجْراً أَكيداً. وروى ابن سعد في طبقاته أن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها – سئلت عما كان يصنع رسول الله ﷺ إذا خلا في بيته فقالت: كَانَ أَلْيَنَ النَّاسِ، وَأَكْرَمَ النَّاسِ، وَكَانَ رَجُلاً مِنْ رِجَالِكُمْ، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ بَسَّامًا... إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، ومن يطع الله ورسوله ويخشى الله ويتقه فأولئك هم الفائزون.

🌴الــــدعــــــــاء🌴

هذا وخير ما نختتم به الكلام، ونجعله مسك الختام، أفضل الصلاة وأزكى السلام، على خير الورى سيدنا محمد ﷺ، فإن الله وملائكته يصلون عليه، وقد أمركم الله - عز وجل - بالصلاة والتسليم على هذا النبي الأمي الأمين فقال جل شأنه: يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا. أللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، السادات الأصفياء الحنفاء، الراشدين المرشدين المهتدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، أللهم انفعنا بمحبتهم، واحشرنا يا مولانا في زمرتهم، ولا تخالف بنا اللهم عن نهجهم وطريقهم القويم، أللهم انصر الإسلام والمسلمين، واجمع كلمتهم على اتباع الحق يا رب العالمين، أللهم انصر أمير المؤمنين، جلالة الملك محمدا السادس، أللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتجمع به كلمة المسلمين، أللهم أصلح به البلاد والعباد، وأقر عينه بولي عهده مولانا الحسن، واشدد عضده وقو أزره بأخيه السعيد المولى الرشيد، واحفظه في كافة أسرته وشعبه، أللهم اجعل بلدنا هذا بلدا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، أللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، أللهم ارحم الأموات ونور عليهم قبورهم، وأصلح الأحياء ويسر لهم أمورهم، أللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

من اعداد: رشـــيـــد الــمــعــاشـــي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا