حقوق المصطفى ج3 حَقُّ طَاعَةِ رَسُـولِ اللهِ ﷺ - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

حقوق المصطفى ج3 حَقُّ طَاعَةِ رَسُـولِ اللهِ ﷺ

بقلم فضيلة الأستاذ : رشيدالمعاشي

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الإخوة المسلمون:  

ما زلنا نعيش وإياكم مع الحبيب المصطفى سيدنا محمد رسول الله ﷺ، وقد ركزنا كلامنا في الجمعة الماضية على الحق الثاني من حقوقه ﷺ على أمته، ألا وهو: حَقُّ مَحَبَّتِهِ ﷺ، وخلاصة ما ذكرنا في ذلك: أنه لا يكمل إيمان المرء إلا بمحبة رسول الله ﷺ أكثرَ من كل المخلوقات، 

قال – عليه الصلاة والسلام -: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَلَدِهِ وَوَالِدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ. ولذلكم ضرب لنا الصحابة الكرام أروع الأمثال في محبته ﷺ، فحين سئل علي بن أبي طالب: كيف كان حُبكم لرسول الله ﷺ؟ قال - رضي الله عنه - : كَانَ - وَاللهِ - أَحَبَّ إِلَيْنَا مِنْ أَمْوَالِنَا وَأَوْلَاَدِنَا وَآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا، وَمِنَ الْمَاءِ الْبَارِدِ عَلَى الظَّمَأِ. 

أما اليوم فسنعيش وإياكم – بحول الله تعالى - هذه اللحظات المبـــــاركة، وهذه الدقائق المعدودة، مع الحــق الثالث من هذه الحقـــــوق المباركة، ألا وهــــو: طَاعَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ، وسنركـــــز كلامنا على هذا الحــــق من خــــلال ثلاثة عناصــــر:

🍀العنصر الأول: مفهوم الطاعة وحكمها، فالطاعة في اللغة هي: الاِنْقِيَادُ دُونَ مُمَانَعَةٍ. وفي اصطلاح الشرع هي: اِمْتِثَالُ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابُ النَّوَاهِي عَنْ رِضًى وَمَحَبَّةٍ... لأن محبة رسول الله ﷺ ليست مجرد كلمات يلوكها اللسان، بل هي شجرة كريمة ما إن تستقر في قلب المؤمن حتى تثمر كل أنواع الإتباع والاقتداء بالمحبوب ﷺ، ولله در الشاعر القائل:

مَنْ يَدَّعِي حُبَّ النَّبِيِّ وَلَمْ يَفِدْ *** مِنْ هَدْيِهِ فَسَفَـاهَةٌ وَهُــــرَاءُ

فَالْحُبُّ أَوَّلُ شَرْطِهِ وَفُرُوضِـهِ *** إِنْ كَانَ صَادِقاً طَاعَةٌ وَوَفَاءُ.

فطاعة رسول الله ﷺ في أمره ونهيه واجبة على كل مسلم ومسلمة، مصداق ذلك قـول الله – تعــالى -: وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ. وقوله – سبحانه -: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا. وما رواه البخاري أن رسول الله ﷺ قال: كُلُّ أُمَّتِي يَدْخُلُونَ الْجنَّةَ إِلاَّ مَنْ أَبَي. قِيلَ: وَمَنْ يَأَبى يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الْجَنَّةَ، وَمَنْ عَصَانِي فَقَدْ أَبَى. وما رواه البخاري ومسلم أنه ﷺ قال: مَن أطَاعَنِي فقَدْ أطَاعَ اللَّهَ، ومَن عَصَانِي فقَدْ عَصَى اللَّهَ.  

🍀العنصر الثاني: فضل الطاعة، فطاعة رسول الله ﷺ دليل على كمال المحبة والإيمان، وسبيل إلى مرافقة النبي ﷺ في أعلى الجنان، مصداق ذلك ما رواه الطبراني: أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَاللهِ إِنَّكَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ نَفْسِي وَأَهْلِي وَمَالِي وَوَلَدِي، وَإِنِي لَأَكُونُ فِي الْبَيْتِ فَأَذْكُرُكَ، فَمَا أَصَبِرُ حَتَّى آتِيَكَ فَأَنْظُرَ إِلَيْكَ، وَإِذَا ذَكَرْتُ مَوْتِي وَمَوْتَكَ عَرَفْتُ أَنَّكَ إِذَا دَخَلْتَ الْجَنَّةَ رُفِعْتَ مَعَ النَّبِيئِينَ، وَإِنِي إِذَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ خَشِيتُ أَنْ لَّا أَرَاكَ، فَلَمْ يَرُدَّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ ﷺ شَيْئًا حَتَّى نَزَلَ جِبْرِيلُ - عَلَيْهِ السَّلَاَمُ – بِقَوْلِ اللهِ – تَعَالَى -: وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيئِينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَــــدَاءِ وَالصَّالِحـــــِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا.  

 نفعني الله وإياكم بكتابه المبين، وبسنة نبيه المصطفي الكريم، وجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين....

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الإخوة المسلمون:

🍀العنصر الثالث: من مواقف الطاعة، إذا رجعنا إلى سيرة الصحابة الكرام – رضوان الله عليهم - فسنجد أنهم قد بلغوا في طاعتهم وانقيادهم لرسول الله ﷺ ما لم يوجد له نظير من قبل ومن بعد، ومن أروع المواقف في ذلك ما رواه البخاري ومسلم عن أنس – رضي الله عنه - قال: كُنْتُ سَاقِيَ القَوْمِ في مَنْزِلِ أبِي طَلْحَةَ، فَنَزَلَ تَحْرِيمُ الخَمْرِ، فأمَرَ رَسُولُ اللهِ ﷺ مُنَادِيًا يُنَادِي: ألَا إنَّ الخَمْرَ قدْ حُرِّمَتْ، فَقالَ لِي أَبُو طَلْحَةَ: اذْهَبْ فأهْرِقْهَا، فَخَرَجْتُ فَهَرَقْتُهَا، فَجَرَتْ في سِكَكِ المَدِينَةِ... فهذا – أيها الإخوة المسلمون - شأن كل مؤمن صادق، شعاره السمع والطاعة دون تردد على قدر المستطاع، امتثالا عمليا لقول الله – تعالى -: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمُ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ. 

🌴الــــدعــــــــاء🌴

 هذا وخير ما نختتم به الكلام، ونجعله مسك الختام، أفضل الصلاة وأزكى السلام، على خير الورى سيدنا محمد ﷺ، فإن الله وملائكته يصلون عليه، وقد أمركم الله - عز وجل - بالصلاة والتسليم على هذا النبي الأمي الأمين فقال جل شأنه: يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا.

 أللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، السادات الأصفياء الحنفاء، الراشدين المرشدين المهتدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، أللهم انفعنا بمحبتهم، واحشرنا يا مولانا في زمرتهم، ولا تخالف بنا اللهم عن نهجهم وطريقهم القويم،

 أللهم انصر الإسلام والمسلمين، واجمع كلمتهم على اتباع الحق يا رب العالمين، أللهم انصر أمير المؤمنين، جلالة الملك محمدا السادس، أللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتجمع به كلمة المسلمين، أللهم أصلح به البلاد والعباد، وأقر عينه بولي عهده مولانا الحسن، واشدد عضده وقو أزره بأخيه السعيد المولى الرشيد، واحفظه في كافة أسرته وشعبه،

 أللهم اجعل بلدنا هذا بلدا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، أللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، أللهم ارحم الأموات ونور عليهم قبورهم، وأصلح الأحياء ويسر لهم أمورهم، أللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا