مساعي لتفعيل صندوق الزكاة بالمغرب ووزير الأوقاف يوضح
وقال التوفيق، خلال اجتماع لجنة الخارجية والدفاع الوطني والشؤون الإسلامية والمغاربة المقيمين في الخارج بمجلس النواب، إن تنظيم الزكاة "يظل مسألة يقرر فيها أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في الوقت الذي يراه والكيفية التي يراها".
وأضاف الوزير المغربي "منذ مدة، أمرنا أمير المؤمنين جلالة الملك محمد السادس بإعداد جميع الوثائق والتصورات المتعلقة بالزكاة ودليل خاص بها، وهي وثائق موجودة"، لافتاً إلى أن العاهل المغربي "سيقرر تنظيمها بالكيفية التي يراها مناسبة للشرع والاجتهاد".
ويأتي ذلك في وقت ارتفعت فيه دعوات إلى تفعيل صندوق الزكاة لمواجهة التداعيات الاجتماعية والاقتصادية لجائحة كورونا، كان من أبرزها دعوة وزير المالية السابق، والأمين العام الحالي لحزب الاستقلال المعارض، نزار البركة، الحكومة، إلى تفعيل صندوق الزكاة، الذي سبق أن أحدثه الملك الراحل الحسن الثاني، وتوجيه مداخيله إلى "دعم المغاربة، الذين يعانون من تداعيات الأزمة".
واعتبر البركة، خلال ندوة افتراضية نظمت نهاية الشهر الماضي، أن "من شأن تفعيل هذا الصندوق تقديم حلول للمشاكل الاجتماعية، علماً أنه أصلاً حساب مدرج في الميزانية العامة للدولة منذ الثمانينيات لكن لم يتم تفعيله إلى حد الآن".
فيما نشر موقع العمق المغربي تصريحات لعبدالسلام بلاجي خبيرالاقتصاد الإسلامي، أن الحاجة لمؤسسة أو هيئة مختصة بالزكاة سيكون مفيدا لعدة أسباب، مشيرا إلى أن المغاربة يؤدون الزكاة بجميع أنواعها، من زكاة الأموال وزكاة التجارة وزكاة الانتاج الفلاحي، وزكاة الفطر عند نهاية رمضان، وهذا الأداء يسد كثيرا من حاجة الفقراء والمحتاجين من الفئات الهشة ولكنه لا يؤديها بفعالية مطلوبة، لأنها تؤدى بشكل فردي وبمبالغ صغيرة".
وأبرز بلاجي، في تصريح لجريدة "العمق"، أن الحاجة لمؤسسة مختصة بالزكاة سيكون مفيدا لعدة أساب، سواء من حيث تعبئة هذه الاموال الزكاوية في مختلف المجالات الاقتصادية، أو من حيث إعداد قاعدة بيانات للفقراء والمحتاجين على مختلف مستوياتهم، مبنية على أسس علمية صحيحة".
ومن بين الأسباب أيضا، يضيف المتحدث، أن تفعيل هذه المؤسسة، سيمكن "من توزيع وتقسيم أداء الأموال الزكاوية تقسيما عقلانيا كما جاءت به الشريعة، وهي أولا توجه لفئة من المحتاجين الذين يستهلكون فقط، ولفئة من المستحقين الذين لهم مؤهلات علمية ووتوفر فيهم الشروط، كالطلبة والباحثين المستحقين لها، ثم توزع لفئة المستحقين الذين خرجوا من الدورة الاقتصادية أو هم مهددون بالخروج منها وهم المدينون أو المستثمرون الصغار او المتوسطون الذين إما أفلسوا أو هم مهددون بالإفلاس".
وتابع بلاجي، أننا "سنكون أمام فئات متنوعة وأمام مؤسسة مؤهلة لتستجيب لحاجيات هذه الفئة، الأخيرة التي نتصور أنها ستكون خاضعة لوصاية وزارة الأوقاف لأنها هي التي تنوب عن الملك بصفته أميرا للمؤمنين، وأنه ستكون لها هيئة إدارية أو مجلس إداري مكون من القطاعات التي يمكن أن تكون مفيدة، مثل المالية والشؤون الاجتماعية والعلماء والخبراء المؤهلين لمثل هذا العمل، كما لا بد أن تكون ذات مصداقية وشفافية لأنها مؤسسة تعبدية أولا ومؤسسة مالية".
وحول حاجة المغرب لتفعيل الصندوق اليوم، أكد بلاجي، أن المملكة في حاجة إليه "سواء في حالة الشدة أو الرخاء"، مضيفا أنه "في حال الشدة نكون أكثر حاجة، وهناك دراسات قامت بها مؤسسات محترمة منها البنك الاسلامي للتنمية، وبعض هذه الدراسات قالت إنه اذا طبقت الزكاة بشكل علمي يمكنها أن تعطينا ما بين 3 إلى 6 في المائة من مجموع الانتاج الداخلي الاجمالي، وهذا مبلغ مهم جدا ويمكن القول إنه على الأقل ينبغي العمل على استقطاع نسبة 1 في المائة من الناتج الوطني الاجمالي، حتى لا يكون إعطاء الزكاة لمؤسسة صندوق الزكاة إجبارية 100 في المائة، ونترك للمكلفين نوعا من الاختيار بعطاء نسبة معينة للصندوق ونسبة أخرى يتشرفون بتوزيعها بأنفسهم" وفق قوله.
واسترسل، "يمكن أن نشجع الناس على إعطاء الزكاة خاصة الشركات بنوع من الاعفاءات الجبائية، التي تراعي إعطاءهم للزكاة مادامت تقوم بدور اجتماعي، وهذا كذلك يخفف من الضغط الجبائي الذي تتخوف منه الإدارات الجبائية، حيث تقول إن تأسيس صندوق الزكاة، من شأنه أن يزيد من الضغط الجبائي، فإذا عملنا على هذه التقنية فسنتوصل إلى ضغط جبائي متوازن وتكون فيه فائدة للبلد ولا يؤدي لزيادة الضغط الجبائي".
وعن الأسباب وراء عدم تفعيل صندوق الزكاة إلى غاية اليوم، قال بلاجي، إن "عدة محاولات كانت لتأسيس حساب خصوصي للزكاة" مبرزا أن، "المحاولة الاولى كانت ما بين سنتي 1979 و1980، في عهد الراحل الملك الحسن الثاني، وتوجت بإدراج حساب خصوصي للزكاة في ميزانية الدولة، والذي لا يزال موجودا لكنه يدرج في المبزانبة للتذكير، بمعنى أنه ليس له مداخيل أو مصالح".
أما المحاولة الثانية، يضيف بلاجي، فكانت سنة 1998، وذهبت إلى المدى البعيد حيث أنجز دليل لجباية الزكاة بتعاون بين وزارة الأوقاف والمالية، وبتكليف من الراحل الملك الحسن الثاني، وتم إنجاز مشروع ظهير شريف للتوقيع عليه ولكن في سنة 1999 كانت وفاة الملك، دون التوقيع عليه.
ثم المحاولة الثالثة، سنة سنة 2004، والتي كانت "أكثر نضجا لكنها لم تخرج إلى حيز الوجود لتزامنها مع إنشاء المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وربما كان هناك تخوف من تعارض بين المؤسستين" يقول المتحدث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا