خطبةصلاة الاستسقاء: اللهم أغثنا - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبةصلاة الاستسقاء: اللهم أغثنا



أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ،أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْحَىَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.الْحَمْدُ لِلَّهِ الْغَنِيِّ الْمَجِيدِ، يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ وَيُرِيدُ، أَحْمَدُهُ تَعَالَى حَمْداً يَلِيقُ بِكَرَمِهِ، وَأَشْكُرُهُ عَلَى عَظِيمِ نِعَمِهِ،وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، تَنْزِلُ برحمتِهِ الأمطارُ، وتجرِي بقدرتِهِ الأنْهَارُ والبحَارُ، ولعزَّتِهِ يُسبِّحُ الليلُ والنهارُ، وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ، وصفِيُّهُ مِنْ خلقِهِ وحبيبُهُ، المبعوثُ بالرحمةِ، والموصوفُ بالحكمةِ، فاللَّهُمَّ صَلِّ وسلِّمْ وبارِكْ علَى سيدِنَا محمدٍ وعلَى آلِهِ الأطهارِ، وعلَى أصحابِهِ الأخيارِ، وعلَى 
.مَنْ تَبِعَهُمْ بإحسانٍ إلَى يومِ القرار
.
أَمَّا بَعْدُ: فَأُوصِيكُمْ عِبَادَ اللَّهِ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، قَالَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: [يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ]
أيهَا المؤمنونَ: إنَّ اللهَ تعالَى يُرسلُ الأمطارَ لِيُغيثَ بِهَا الإنسانَ، ويُنبتَ الزرعَ، ويُحيىَ البلادَ، ويرحمَ المخلوقاتِ، قالَ سبحانَهُ:وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الوَلِيُّ الحَمِيدُ] فالمطرُ مِنْ أعظمِ النِّعَمِ التِي يَمتَنُّ اللهُ تعالَى بِهَا علَى عبادِهِ، قالَ عزَّ وجلَّ]: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَاباً ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَاماً فَتَرَى الوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء}

وكانَ مِنْ هدْيِ الأنبياءِ عليهمُ السلامُ عنْدَ تَأَخُّرِ الغيثِ أَنَّهُمْ يستسقونَ ربَّهُمْ حتَّى يُغيثَهُمْ بالمطرِ، قالَ اللهُ تعالَى فِي شأنِ موسَى عليهِ السلامُ حينمَا استسقاهُ قومُهُ: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِب بِّعَصَاكَ الحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ}والاستسقاءُ مِنْ هدْيِ رسولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َفعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ  رضي الله عنه قَالَ: خَرَجَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الْمُصَلَّى يَسْتَسْقِى، فَدَعَا وَاسْتَسْقَى ثُمَّ اسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ وَقَلَبَ رِدَاءَهُ). وقَدِ استسْقَى الخلفاءُ الراشدونَ والصحابةُ مِنْ بعدِالنَّبِىِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، كَانَ إِذَا قَحَطُوا اسْتَسْقَى بِالعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ، فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنَّا كُنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِنَبِيِّنَا فَتَسْقِينَا، وَإِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِعَمِّ نَبِيِّنَا فَاسْقِنَا»، قَالَ: فَيُسْقَوْنَ"). فبِدُعاءِ العباسِ والصحابةِ الكرامِ رضيَ اللهُ عنْهُمُ استجابَ اللهُ سبحانَهُ دعاءَهُمْ وسقَاهُمْ
.
عبادَ اللهِ: إنَّ مَنْ يقصدُ اللهَ تعالَى ويرجُوهُ أَوْ يسألُهُ لِيُعطِيَهُ فعليهِ أَنْ يكونَ مُنكسِرًا للهِ مُتذلِّلاً لِعظمَتِهِ خاشعًا مِنْ هيبتِهِ، قالَ تعالَى:{ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ }وقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للاِسْتِسْقَاءِ مُتَوَاضِعاً مُتَبَذِّلاً مُتَخَشِّعاً مُتَضَرِّعاً  فالخشوعُ للهِ تعالَى والانكسارُ لهُ سببٌ للاستجابةِ والقبولِ، فأبشِرُوا بالغيثِ، وأمِّلُوا فِي ربٍّ كريمٍ لاَ يَردُّ مَنْ قصَدَهُ، وتضرَّعَ إليهِ. وابسطُوا أيدِيَكُمْ بالصدقةِ والعطاءِ، فهِيَ مِنْ أعظمِ أسبابِ الغيثِ ونزولِ المطرِ، قَالَ رسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:« بَيْنَا رَجُلٌ بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرْضِ فَسَمِعَ صَوْتاً فِي سَحَابَةٍ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ. فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأَفْرَغَ مَاءَهُ فِي حَرَّةٍ، فَإِذَا شَرْجَةٌ مِنْ تِلْكَ الشِّرَاجِ قَدِ اسْتَوْعَبَتْ ذَلِكَ الْمَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ الْمَاءَ فَإِذَا رَجُلٌ قَائِمٌ فِي حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الْمَاءَ بِمِسْحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ مَا اسْمُكَ؟ قَالَ: فُلاَنٌ. لِلاِسْمِ الَّذِي سَمِعَ فِي السَّحَابَةِ. فَقَالَ لَهُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ لِمَ تَسْأَلُنِي عَنِ اسْمِي؟ فَقَالَ: إِنِّي سَمِعْتُ صَوْتاً فِي السَّحَابِ الَّذِى هَذَا مَاؤُهُ يَقُولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاِسْمِكَ، فَمَا تَصْنَعُ فِيهَا؟ قَالَ: أَمَّا إِذَا قُلْتَ هَذَا فَإِنِّي أَنْظُرُ إِلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ 
أَنَا وَعِيَالِي ثُلُثاً، وَأَرُدُّ فِيهَا ثُلُثَهُ»

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: لقَدْ حثَّنَا اللَّهُ تَعَالَى عَلَى التوبةِ والاِسْتِغْفَارِ، فقَالَ عزَّ وجلَّ]: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا المُؤْمِنُونَ] واللهُ سبحانَهُ يُحبُّ مِنْ عبادِهِ أهلَ التوبةِ والاستغفارِ، قالَ
تعالَى: { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ) ومَنْ أكثرَ مِنَ الاستغفارِ أمدَّهُ اللهُ تبارَكَ وتعالَى بالقوةِ، وأغاثَهُ بنزولِ الأمطارِ، ورزَقَهُ البركةَ فِي المالِ والذريةِ والحياةِ الكريمةِ السعيدةِ، فتقربوا إلى الله بصالح العمل لديه واستكينوا لربكم ، وارفعوا أكف الضراعة إليه ، ابتهلوا وتضرعوا واستغفروا ، فالاستغفار مربوطٌ بما في السماء من استدرار قالَ تعالَى حكايةً عَنْ نوحٍ عليهِ السلامُ: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً)وقالَ سبحانَهُ عَلَى لسانِ هودٍ عليهِ السلامُ: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم 
مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ }

يجب علينا أن نصلح ما فسد وأن نطهّر قلوبنا من الغل والحقد والحسد ، علينا أن نقوم بأداء الصلاة وإيتاء الزكاة ، وإصلاح الأهل والبنين والبنات . فلا قيمة للاستغفار إذا كان مجرَّد لفظ يُرَدَّدُ على اللسان ، ولا أثر لصلاة الاستسقاء إذا كانت مُجَرَّدَ عادَةٍ تفعل.

علينا أن نخلع عنا أردية الخطايا ونتجرد من الذنوب والمظالم ليُرفعَ ما بنا ،عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ قَالَ أَقْبَلَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-
فَقَالَ « يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ خَمْسٌ إِذَا ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَأَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِى قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يُعْلِنُوا بِهَا إِلاَّ فَشَا فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالأَوْجَاعُ الَّتِى لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِى أَسْلاَفِهِمُ الَّذِينَ مَضَوْا. وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلاَّ أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمَؤُنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ. وَلَمْ يَمْنَعُوا زَكَاةَ أَمْوَالِهِمْ إِلاَّ مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ وَلَوْلاَ الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلاَّ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَخَذُوا بَعْضَ مَا فِى أَيْدِيهِمْ. وَمَا لَمْ تَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ وَيَتَخَيَّرُوا مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلاَّ جَعَلَ اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ 

». الذنوب والمعاصي لها شؤمها وأثارها فكم أهلكت من أمة وكم قصمت من قرية " وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قرناً آخرين" " وتلك القرى أهلكناهم لما ظلموا.. "فبالظلم والفساد تهلك القرى وبالمعاصي تزول النعم ويحلُ الفقرْ وتتوالى المحنُ والشدائد وتتداعى الفتن قال تعالى:( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ، ويقول سبحانه:( ذلك بأن الله لم يك مغيراً نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم وأن الله سميع عليم} .

والنبي صلى الله عليه وسلم حذر من المعصية لما لها من أثار سيئة على الأفراد والمجتمعات فقد روى الإمام أحمدُ رحمه الله عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال : أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلماتٍ ، وذكر منها « وَإِيَّاكَ وَالْمَعْصِيَةَ فَإِنَّ بِالْمَعْصِيَةِ حَلَّ سَخَطُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » وقال صلى الله عليه وسلم" وإنَّ العبد ليحرمُ الرزقَ بالذنب يصيبه ".

بسبب المعاصي تنتشر الأمراض الفتاكة ، والآفات القاتلة ، والحوادث المروعة ، قال تعالى:( ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}. فالمعصية تجعل النعمةَ نقمةً ، والرحمةَ عذاباً ، ألا ترون الأمطار تهجم أحياناً بفيضانات مهلكةٍ ، وسيولٍ عارمةٍ تدمّر القرى والمدن ، فتذهب بكثير من الأرواح والمساكن وتغير معالم الأرض ، وتحدث شراً مستطيراً.

حتى البهائم تئن من ويلات المعاصي ويدركها شؤمها ، قال الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه رضي الله عنه: إن الحُبارى لتموت في وكرها من ظلم الظالم ، وقال عكرمةُ رضي الله عنه :" دواب ُالأرضي وهوامها حتى الخنافس والعقارب يقولون :
منعنا القطر بذنوب بني آدم وقال مجاهد رحمه الله : " إن البهائم لتلعن العصاة من بني آدم إذا اشتدت السنة ، وأمسك المطر تقول هذا بشؤم معصية بني آدم "

اللَّهُمَّ إنَّا قَدْ بسَطْنَا أيدِيَنَا إليكِ بالدعاءِ والرجاءِ، فاسْقِنَا الغيثَ برحمَتِكَ يَا أرحمَ الراحمينَ، اللَّهُمَّ اجعَلْنَا مِمَّنْ آمَنَ واتَّقَى، وتابَ واستقامَ واستغْفَرَ وأنابَ، اللَّهُمَّ أَرسِلِالسَّمَاءَ علينَا مِدْرَارًا. واغفِرْ لنَا إنَّكَ كنْتَ لَنَا غفَّارًا.نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَبِسُنَّةِ نَبِيِّهِ الْكَرِيمِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.أقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
         
                      
الخطبةُ الثانيةُ
أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ، أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ الْحَىَّ الْقَيُّومَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ.الحمدُ للهِ والصلاةُ والسلامُ علَى سَيِّدنَا رسولِ اللهِ وعلَى آلِهِ وصحبِهِ ومَنِ اهتدَى بِهُدَاهُ.

أيهَا المؤمنونَ: لقد علَّمَنَا رسولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عندَ احتباسِ المطرِ أَنْ نلجَأَ إلَى اللَّهِ تعالَى ونطلُبَ منْهُ السُّقْيَا بالدعاءِ، وأداءِ صلاةِ الاستسقاءِ، فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ:أَصَابَتِ النَّاسَ سَنَةٌ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ قَامَ أَعْرَابِىٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، هَلَكَ الْمَالُ وَجَاعَ الْعِيَالُ ، هَلَكَتِ الْمَوَاشِى وَانْقَطَعَتِ السُّبُلُ فَادْعُ اللَّهَ لَنَا أَنْ يَسْقِيَنَا . 

قَالَ فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ ، فَقَالَ « اللَّهُمَّ اسْقِنَا ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا »
قَالَ أَنَسٌ وَلاَ وَاللَّهِ مَا نَرَى فِى السَّمَاءِ مِنْ سَحَابٍ وَمَا فِى السَّمَاءِ قَزَعَةٌ ، قَالَ فَثَارَ سَحَابٌ أَمْثَالُ الْجِبَالِ ، ثُمَّ لَمْ يَنْزِلْ عَنْ مِنْبَرِهِ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَطَرَ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ ، قَالَ فَمُطِرْنَا يَوْمَنَا ذَلِكَ ، وَفِى الْغَدِ وَمِنْ بَعْدِ الْغَدِ وَالَّذِى يَلِيهِ إِلَى الْجُمُعَةِ الأُخْرَى ، قَالَ وَاللَّهِ مَا رَأَيْنَا الشَّمْسَ سِتًّا فَقَامَ ذَلِكَ الأَعْرَابِىُّ أَوْ رَجُلٌ غَيْرُهُ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، تَهَدَّمَ الْبِنَاءُ وَغَرِقَ الْمَالُ ، فَادْعُ اللَّهَ لَنَا . فَادْعُ اللَّهَ يُمْسِكْهَا فَرَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَدَيْهِ وَقَالَ « اللَّهُمَّ حَوَالَيْنَا وَلاَ عَلَيْنَا اللَّهُمَّ عَلَى الآكَامِ وَالظِّرَابِ وَبُطُونِ الأَوْدِيَةِ وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ » . 

قَالَ فَمَا جَعَلَ يُشِيرُ بِيَدِهِ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنَ السَّمَاءِ إِلاَّ تَفَرَّجَتْ حَتَّى صَارَتِ الْمَدِينَةُ فِى مِثْلِ الْجَوْبَةِ ، قَالَ فَأَقْلَعَتْ وَخَرَجْنَا نَمْشِى فِى الشَّمْسِ حَتَّى سَالَ الْوَادِى - وَادِى قَنَاةَ - شَهْرًا . قَالَ فَلَمْ يَجِئْ أَحَدٌ مِنْ نَاحِيَةٍ إِلاَّ حَدَّثَ بِالْجَوْدِ .أيْ بالمطرِ الغزيرِ

أيها المؤمنون : مَنْ الذي لا يقع في المعصية والخطيئة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تذنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ " أخرجه مسلم .

وروى الترمذي وابن ماجه وأحمد أنه صلى الله عليه وسلم قال : " كُلْ ابْنُ آَدَمَ خَطَاءٌ وَخَيَرُ الخَطَائيِنْ التَوابُونْ " إن المذنبَ مع ذنبه ينبغي أن يكون ذليلاً خائفاً مشفقاً ، يخشى على نفسه من شؤمِها ، ويلتهب فؤاده ندماً وحسرةً ، ويرفع يديه لمولاه تائباً مستغفراً ، فهو ممن قال الله فيهم : ( والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون}  .

التوبةُ الصادقةُ تمحو الذنوب مهما عظمت ، ومن ظن أن ذنباً لا يسعه عفو الله ، فقد ظن بربه ظن السوء، نعم – إخوتي في الله - باب التوبة مفتوح ، مهما تعاظمت الذنوب ، وتكاثرت المعاصي واستحكمت الغفلات ، فلا قنوط من رحمة الله ، ولا بعد عن الله ، فالله سبحانه يبسط يده باللَّيل ليتوب مسيء النهار ، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل ،
حتى تطلع الشمسُ من مغربها.

فهلمَّ – أخي المسلم – إلى رحمة الله وعفوه ومغفرته، هلمَّ إلى التوبة قبل فوات الأوان، واذكر نداء ربك جل في علاه : ( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم )، ( وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون ) ،
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد. 

اللَّهُمَّ إنَّا ندعُوكَ فحقِّقْ رجاءَنَا، ولاَ ترُدَّ دعاءَنَا، اللَّهُمّ َأنتَ اللهُ لاَ إلهَ إلاَّ أنتَ الغنيُّ ونحنُ الفقراءُ إليكَ، أنزِلْ علينَا الغيثَ واجعَلْ مَا أنزلْتَ لنا قوةً وبلاغًا إلى حين، يَا مَنْ يُجيبُ المضطرَّ إذَا دعاهُ ويكشفُ السوءَ جئنَاكَ تائبينَ مستغفرينَ، فاقبَلْ توبَتَنَا واغسِلْ حوبَتَنَا، اللهمَّ إنَّا نستغفرُكَ منْ كلِّ ذنبٍ يحبسُ قطْرَ السماءِ،

اللَّهُمَّ إنَّا نستغفِرُكَ ونستسقِيكَ، اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَغْفِرُكَ إنَّكَ كُنْتَ غَفَّاراً فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَاراً،
اللَّهُمَّ اسقِنَا سُقْيَا نافعةً تزيدُ بِهَا فِي شُكرِنَا، وارزُقْنَا رزْقَ إيمانٍ، إنَّ عطاءَكَ لَمْ يكُنْ محظورًا، اللَّهُمَّ اسْقِ عِبَادَكَ وبلادَكَ، وَأحْيِ بَهَائِمَكَ، وَانْشُرْ رَحْمَتَكَ يَا أرحمَ الراحمينَ،اللَّهُمَّ أنزِلْ فِي أرضِنَا رَبِيعَهَا، وارْزُقْنَا منْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ وَأَنْبِتْ لنَا مِنْ بَرَكَاتِ الأَرْض ِوأنتَ خيرُ الرازقينَ،
اللَّهُمّ َاسقِنَا الغيثَ ولاَ تجعَلْنَا مِنَ القانطينَ، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَاغَيْثاً مُغِيثاً عَاجِلاً نَافِعاً غَيْرَ ضَارٍّ تُدِرُّ بهِ أرزاقَنَا وتُنْعِمُ بهِ علَى بَدْوِنَا وحَضَرِنَا واجعلنا لك شاكرين 

اللهم يا ناشر السحاب في السماء، ويا منزل الغيث والماء، فانشر علينا رحمتك وأنزل علينا غيثك، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث، اللهم مغفرتك أوسع من ذنوبنا ورحمتك أرجى عندنا من عملنا،

اللهم اسق عبادك وبهيمتك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت، اللهم اسقنا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلا للذين آمنوا، ربنا إنك رءوف رحيم. 

سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين. ورحم الله عبدا قال آمين..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا