خطبة الجمعة عن بعض ماجاء في فضائل الصدقة
الحمد لله رب العالمين، الجواد الكريم، سبحانه يجزي المتصدقين، ويضاعف العطاء للمحسنين, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل سبحانه: (إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم) وأشهد أن سيدنا محمدا عبد الله ورسوله، كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان، فاللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون؛ أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته ، وأحذركم من معصيته ومخالفته.
أيها الأحبة في الله! تعالوا بنا اليوم في هذه الجمعة المباركة،الجمعة الثانية من شهر رمضان المبارك ،نتحدث وإياكم عن بعض ماجاء في الصدقة .وإليكم إن شاء الله تعالى هذه الكلمة نتعرض فيها لبعض ماورد في هذا العنوان العريض عنوان الصدقة وإن كان الوقت والمقال لايتسع لبسط الكلام فيه لأنه يحتاج إلى اسفار كبار، ووقت أيضا طويل جدا ،لأن الله سبحانه وتعالى ذكره في أكثر من مئة موضع
والنبي ﷺ كذلك قلما تجده في خطبة أومجلس أو مناسبة لم يذكر فيها الصدقة ولم يرغب فيها بل إنه صلى الله عليه وسلم كثيرامايذكر أجرها ويرغب فيها ويدعوا أصحابه إليها فقد جاء في الحديث الصحيح أن النبي دعاهم ذات يوم حين جاءه وفد من الاعراب من مضر مُجْتَابِي النِّمَارِ مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عامتهم من مضر، بل كلهم من مضر ، فَتَمَعَّرَ وَجْههُ ﷺ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، (أي من الفقر)
فدخل ثم خرج، فأمر بلالا فأذن وأقام ، فصلى ثم خطب فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾ وقرا الاية الَّتِي فِي سورة الْحَشْرِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ﴾ تصدق رجل من ديناره من درهمه من ثوبه من صاع بُرِّهِ من صاع تَمْرِهِ، قال الصحابي منذر بن جرير فتتابع الناس حتى رأيت كَوْمَيْنِ من طعام وثياب ،حتى رأيت وجه رسول الله ﷺ يَتَهَلَّلُ كأنه مُذْهَبَةٌ وفي رواية مَذَهَبَةٌ (كأنه قطعة من الذهب)
فقال رسول الله ﷺ «مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، حتى جاء رجل من الأنصار بِصُرَّةٍ كادت كفه تَعْجِزُ عنها بل قد عَجَزَتْ فتتابع الناس في الصدقة.
فالصدقة أيها الأحبة في الله أجرها عظيم وفوائدها تتبعها بعض العلماء حتى وصلت إلى مئة فائدة، ويكفيها أن نستمع لقوله تعالى في سورة البقرة ﴿مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِئَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ﴾ وكذلك قوله سبحانه وتعالى ﴿إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ﴾
وكان النبي ﷺ يحدث الصحابة يوما ويرغبهم في الصدقة
وقال لهم إن المرء يوم القيامة يستظل في يوم العرض تحت ظل صدقته. وكذلك قال كماجاء في الصحيحين في حديث السبعة الذين يستظلون بظل عرش الرحمن يوم لاظل إلاظله؛
ومنهم الرجل الذي تصدق بصدقة فأخفاها حتى لاتعلم شماله ماتنفق يمينه ،وفي رواية حتى لاتعلم يمينه ماتنفق شماله ،فهذا من السبعة الذين يظلهم الله في ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله.
ما أحسنها من مزية وأعظمها من فائدة وكذلك البركة فمنها فائدة البركة في العمر وفي البال والوقت ومن ذلك حديث الصحيحين أن النبي ﷺ قال (مَنْ أَحبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ في رِزقِهِ ويُنْسأَ لَهُ في أَثرِهِ (أي في أجله) فَلْيصِلْ رحِمهُ) أي بالصدقة .
وكذلك رضا الله سبحانه وتعالى أن الله سبحانه وتعالى يرضى عن عبده بالصدقة ،وورد في ذلك كثير من الأحاديث وأنها لها باب من أبواب الجنة الثمانية خاص بالصدقة يدخل منه المتصدقون يوم القيامة.
من ذلك حديث الصحيحين ( من أنفق زوجين في سبيل الله فإنه يدعى يوم القيامة من باب الصدقة ) .
وكذلك الصدقة تكون برهان لصاحبها برهان على صحة إيمانه وبرهان على صدقه مع الله سبحانه وتعالى وعلى حسن معاملته وعلى يقينه .من ذلك الحديث الصحيح ...الصَّلَاةُ نُورٌ, وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ, وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ, وَالْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ, كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو, فَبَايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُهَا أَوْ مُوبِقُهَا. ففي هذا الحديث النبي ﷺ عنون للصدقة بأنها برهان وأعطاها حظ البرهان وما أعظمه من حظ فالبرهان أقوى من الدليل فهو حجة قاطعة على صدق هذا العبد وإخلاصه مع الله سبحانه وتعالى، وحسن نيته ،وأنها تبيض وجه صاحبها يوم القيامة ،وكانت الصدقة تقع من النبي ﷺموقعا عظيما وتبيض وجهه وتبرق أسارير وجهه ،وجاء بذلك الحديث أن أول صدقة بيضت وجه النبيﷺصدقة بني تميم ،
وكذلك أيضا من فوائدها أنها تجري على صاحبها بعد الموت ،ففي الحديث الصحيح إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية،
فهذه الصدقة تبقى يجري نفعها ومددها وبركتها على صاحبها ،وهو في قبره يصعد له بها كل يوم عمل صالح حتى يدخل الجنة وإذا كان من أهل الجنة فإنه يترقى بسببها في منازل الجنان وكذالك رفع البلاء ،فإنها من أسباب رفع البلاء فقد جاء في الحديث الصحيح ( بادروا بالصدقة، فإن البلاء لا يتعداها )
وكذلك أيضا الصدقة من أسباب العلاج ، فمن أراد الدواء والشفاء من الأسقام والعلل والوقاية وأن يحصن جسمه وبدنه ونفسه وروحه من الأمراض الحسية والمعنوية فعليه بالصدقة ..داووا مرضاكم بالصدقة ..هذا الحديث صححه غير واحد من المحدثين
وكما أنها أيضا من الأسباب النافعة لاشك في ذلك في المودة بين ذوي الأرحام وغيرهم فهي تجلب المودة وتذهب سخيمة الصدر واذا كان شخص يحمل لك أحقادا أو ضغائن أو نحو ذلك فتصدق عليه جاء بذلك الحديث
ومنه أيضا الرجل الذي جاء إلى النبي ﷺ فقال يارسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني وأحسن إليهم ويسيئون الي وأحلم عنهم ويجهلون علي فقال له النبيﷺ لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل (أي الرماد الحار ) ولايزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.
فنسأل الله سبحانه وتعالى ،بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يجعلنا من المتصدقين في كل أحوالنا ،في غنانا وفقرنا ،في صحتنا ومرضنا ،في حضرنا وسفرنا ،وفي سائر أحوالنا إنه ولي ذلك والقادر عليه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين.
الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد ن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد :فيا أيها الإخوة والأخوات أوصيكم ونفسي بتقوى الله وطاعته وأحذركم من معصيته ومخالفته.
أيها الإخوة والأخوات ! إعلموا أن المسلم العاقل الحازم ذو الهمة لا يقصر فيى الصدقة، ولايستنقص منها شيئا فهي عند الله سبحانه وتعالى بمكانة والله سبحانه وتعالى يربيها جاء بذلك الحديث أنه يضاعفها ويربيها لصاحبها كما يربي أحدنا فلوه وهو فصيله أي ولد الناقة حتى يعظم.
جاء بذلك الحديث أن الشخص إذا تصدق بتمرة من كسب طيب ولا يقبل الله إلا طيبا فكأنما يضعها في كف الرحمان يربيها حتى تكون أي تصير مثل الجبل العظيم يلقاها يوم القيامة كذلك.
وقد قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه (فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره)وقال النبي ﷺيانساء المومنات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة وقال النبيﷺ لأبي ذر يا أبا ذر إذا طبخت مرقة فأكثر مائها وتعاهد جيرانك وكذلك الآية التي وردت في الذين يلمزون ويستنقصون الصدقات ويسخرون من أهل الصدقات القليلة ورد فيهم الوعيد الشديد من الله سبحانه وتعالى (الذين يلمزون المطوعين من المومنين)هذه الآية وردت في سبب الصدقة في رجل يسمى أبا خيثمة، تصدق بصدقة يسيرة تسمى صاع وكان هذا جهده فسخر منه المنافقون فرد الله عليهم سبحانه وتعالى (الذين يلمزون المطوعين من المومنين والذين لايجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم).
نسأل الله سبحانه وتعالى بمنه وجوده وكرمه أن يتقبل من المحسنين ،وأن يضاعف نفقاتهم ويرضيهم وأن يبسط صدورهم ويشرحها وأن ينور قلوبهم ويتقبل صدقاتهم، وأن يعيننا في هذا الشهر العظيم الذي كان النبي يجود فيه بالخير الكثير، حتى أنه تصدق بثوبه الذي كان عليه وجلس في البيت عن الصلاة وتأخر عنها فانتظره الصحابة رضوان الله عليهم كثيرا، وسألوه بعد ذلك فاعطاهم الخبر أن سائلا سأله حتى سأله ثوبه فأعطاه إياه وبقي ﷺ ينتظر عارية ثوب من أحد أصحابه.
فاللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى ءآله وأصحابه وأهل بيته أجمعين.
الدعاء ....
أئمة مروك - إعداد :أبنو الدياني إمام وخطيب المسجد العتيق جماعة لبيار كلميم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا