خطبة الجمعة : أحوال المومنين في رمضان - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة الجمعة : أحوال المومنين في رمضان


الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه.كما يحب ربنا ويرضى.له الملك كله وله الحمد كله.واليه يرجع الأمر كله .وأشهد ألا اله إلا الله وحده لا شريك له لا رب غيره ولا إله سواه.لواء وشعار ودثار أهل التقوى.واشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله بلغ عن أمره .فرفع الله ذكره .وشرح له صدره.ووضع عنه وزره. وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره .اللهم صل وسلم وبارك وأنعم عليه وعلى آله الأخيار وصحابته الأبرار .ومن سلك مسلكهم واقتفى أثرهم إلى يوم تتقلب فيه القلوب والأنصار .
أما بعد:

فيا أيها المسلمون إن رمضان شهركم أهل الإيمان وفخركم يا أمة القرءان فاغتنموا نهاره بالصيام وليله بالقيام واعلموا أن الله تعالى شرع لكم صيامه وقيامه وللمؤمنين فيه أحوال خاصة تزيد في الإيمان ويجزي عليها الرب تبارك وتعالى بالجنان.

ألا وإن من أحوال المسلم في رمضان أن يعلم يقينا أن هذا الشهر الكريم مظهر من مظاهر رحمة الله تبارك وتعالى. بعباده .ففيه ترفع الدرجات وتوفر الطاقات وتقضى الحاجات وتكفر السيئات. وتضاعف الحسنات. وتفتح أبواب الجنات.

 ففي مسند أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : أعطيت أمتي في رمضان خمس خصال لم تعطهن أمة من الأمم قبلها .خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك وتستغفر لهم الملائكة حتى يفطروا ويزين الله لهم كل يوم جنته .يقول يوشك عبادي الصالحون أن يلقوا عنهم المئونة والأذى ويصلوا إليك .وتصفد فيه مردة الشياطين فلا يخلصون في رمضان إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره ويغفر لهم في آخر ليلة .قيل يا رسول الله أهي ليلة القدر؟ قال لا إنما يوفى الأجير أجره اذا قضى عمله)

ففي رمضان تتجلى رحمة رب العالمين على عباده المؤمنين. أيام معدودات كم فيها من النفحات الربانية والرحمات الإلهية. فقل للمعرضين عن الله ورحمته من سيآنس غدا في القبور وحشتكم. ومن سيرحم غدا تحت الثرى غربتكم؟

عباد الله ومن أحوال المؤمنين في رمضان ترك الحرام والإبتعاد عن اقتراف الآثام. وما ينقص من أجر الصيام .فقل للجامعين المال الحرام كفاكم ما جمعتم فإن الله مطلع عليكم وعالم بأحوالكم وقل للعاكفين على الذنوب إن الله علام الغيوب ومطلع على العيوب فتوبوا إليه فإنه يقبل توبة العبد حين يتوب.وقل للشباب الذين  يؤذون المؤمنات ويلمزون الغافلات. إن الموت يطلبكم والله عز وجل سيسألكم وقل للغافلات عن الصلاة والذكر المدمنات على الأفلام والمسلسلات.

لقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : سبحان الله ماذا أنزل الليلة من الفتن .وما فتح من الخزائن؟ أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع آخرها أولها أيقظوا صواحب الحجرات فرب كاسية في الدنيا عارية في الآخرة .

وكم من امرأة لا هم لها إلا في اللباس فهي كاسية في الدنيا اما في الآخرة فقد تكون عارية لأنها لم تلبس في الدنيا لباس التقوى .

عباد الله هذا شهر التوبة فإن لم نتب فيه فمتى نتوب؟ وان لم نرجع إلى الله فيه فمتى نؤوب؟ فعلى كل فرد منا أن يتوب إليه ويذكر يوم يعرض عليه عمله الذي يسره أو يسوءه. يوم تشهد عليه جوارحه وأعضاؤه فينقطع جوابه كما جاء في الحديث الصحيح .فيختم على فيه ويقال لفخذه انطقي فتنطق فخذه ولحمه وعظامه بعمله ما كان وذلك ليعذر من نفسه وذلك المنافق وذلك الذي يسخط الله تعالى عليه)

ومصداق هذا قول الله تعالى (ويوم نحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون حتى إذا ما جاءوها شهد عليهم سمعهم وابصارهم وجلودهم بما كانوا يعملون وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء) .

أيها المسلمون وإن من أحوال المؤمنين في رمضان الإكثار من الأعمال الصالحة من القربات ونوافل الطاعات. في نهار رمضان وليله فإن الأعمال الصالحة في رمضان أوكد وأعظم أجرا ولعل أظهر ذلك أن الله تبارك وتعالى جعل لليل مزية على النهار فأسرى بالنبي صلى الله عليه وسلم ليلا .ونجى موسى وقومه ليلا ونجى لوطا وأهله سحرا.

ومن أراد التقرب إلى الله فليناج ربه ليلا .وليتقرب إليه في جوفه. ولا يكن ممن يصوم النهار ويحبس فيه نفسه عن الشهوات فإذا انسلخ النهار وجاء الليل انقض على المعاصي والآثام وسهر على القبيح والحرام فكما تعظمون نهار رمضان فعظنوا ليله. ولقد وصف الله عباد الرحمن بقوله . (والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما)

عباد الله .وإن من أحوال المومنين في رمضان الإنفاق في سبيل الرحمن تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي وصفه ابن عباس بقوله : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة رواه البخاري ومسلم.

فجودوا وأنفقوا يبارك الله لكم في أرزاقكم. فكم لله في أرضه من عباد بيوتهم مستورة. وقلوبهم مكسورة وأحوالهم معسورة. فهنيئا لمن عرف تلك الدور. فأعطاها. وهنيئاً لمن خاف الله فيها فأطعمها وسقاها. وهنيئاً لمن دل عليها وعرفها.

نسأل الله تعالى أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية.
الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه

اما بعد فلئن كان معروفا لدى المؤمنين أن رمضان مضمار للخيرات ومجال للتنافس في الطاعات ولئن كان من المعلوم أنه للفصائل والقربات.

 فإن مما لا شك فيه أنه في المقام الأول شهر القرءان ففي هذا الشهر أنزل الله خير كتبه على خير رسله صلى الله عليه وسلم بواسطة خير ملك في خير ليلة إلى خير أمة (وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين)

 فاقبلوا على القرآن أيها المؤمنون ليلا ونهاراً. سرا وجهارا. واعلموا أن من آداب سلف الأمة ومحبتمه لله تعالى ولكلامه: انهم كانوا يخصصون جل وقتهم في رمضان لقراءة القرآن الكريم فقد كان إمامنا  مالك رحمه الله تعالى  على جلالة قدره وحاجة الناس إلى علمه -إذا دخل رمضان ترك الحديث وترك مجالس العلم وأقبل على قراءة القرآن.

 فاقبلوا على قراءة كتاب ربكم تبارك وتعالى واعلموا أن نبي الله داوود كان يتلوا كلام ربه في الزبور فتجيبه الشم الشوامخ والجبال الرواسخ، وتردد الطير بترديده قال جل جلاله: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والاشراق والطير محشورة كل له أواب}

 والعزاء كل العزاء لقلوب تقرأ القرآن فلا تخشع، ونفوس تسمع ءايات الله تتلى فلا تخضع. وعيون يتلى عليها القرآن فلا تدمع.

{ قل ءامنوا به أولا تؤمنوا إن الذين أوتوا العلم من قبله اذا يتلى عليهم يخرون للأذقان سجدا ويقولون سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا ويخرون للأذقان يبكون ويزيدهم خشوعا }
هكذا ينبغي أن يكون حال المؤمن مع كتاب الله. وحاله في شهر المغفرة والرضوان ليفوز بأعلى الجنان.
الدعاء ..

أئمة مروك - من منشورات لحسين بن الفقيه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا