أقوال العلماء ومذهب الإمام مالك في من يمسك المصحف خلف الإمام في صلاة التراويح

الحمدلله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه.

اختلف العلماء في حكم حمل المصحف فيها، فذهب مالك والشافعي وأحمد إلى جواز ذلك واستدلوا :

- عن أبي بكر بن أبي مليكة :"أن عائشة، أعتقت غلاما لها عن دبر، فكان يؤمها في رمضان في المصحف".(صحيح رواه ابن أبي شية في المصنف).

ورد عليهم : بأن تلك مراجعة كانت قبيل الصلاة ليكون بذكره أقرب.(تبيين الحقائق).

- عن ثابت البناني قال:"كان أنس يصلي وغلامه يمسك المصحف خلفه، فإذا تعايا في آية، فتح عليه".(حسن رواه ابن أبي شيبة).
ورد عليهم : أن هذا اجتهاد صحابي علم له مخالف.

القول الثاني : الكراهة، وهو قول النخعي وسعيد بن المسيب والشعبي، وهو رواية عن الحسن، واستدلوا:

- عن ابن عباس قال:"نهانا أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه أن يؤم الناس في المصحف، ونهانا أن يؤمنا إلا المحتلم". (رواه ابن أبي داود في المصاحف).
ورد عليهم بأن الأثر ضعيف.

- عن إبراهيم:"أنه كره أن يؤم في المصحف وقال: لا تشبه بأهل الكتاب".(حسن رواه ابن أبي داود في المصاحف).
ورد عليهم : أن النهي عن التشبه بالكفار ما كان من خصائصهم، ألم تر أننا نأكل أكلهم؟.

القول الثالث : الحرمة ولو قرأ بطلت صلاته، وهو مذهب أبي حنفيفة وابن حزم واستدلوا :

-عن عبد الله قال:"ّكنت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علي، فلما رجعنا سلمت عليه فلم يرد علي وقال: إن في الصلاة لشغلا".(متفق عليه).
ووجه هذا أن الحركة في الصلاة لغير حاجة مبطلة لها، ومن لا يحفظ القرآن غير مكلف بما لا يطيق.

ورد عليهم أن حركة المصحف حركة يسيرة لا تؤثر، فعن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :"كان يصلي وهو حامل أمامة بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا سجد وضعها وإذا قام حملها".(متفق عليه).

- في هذا تليقن من المصحف فأشبه التلقن من غيره، فكأنه تعلم من معلم وذلك مفسد لصلاته، ألا ترى أن من يأخذ من المصحف يسمى صحفيا.(المبسوط.السرخسي).

ورد عليهم : أن القراءة من عمل الصلاة، والنظر في المصحف كالنظر إلى شيء وكالنظر إلى محل سجوده ولا فرق.(مختصر قيام الليل).

وبهذا فقد علمت مذهبك إن كنت مقلدا، وعلمت الدليل إن كنت من طلابه.

والذي نراه أن المأموم لا يحمل المصحف بل يستمع لإمامه،لقول ربنا{وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}. إلا أن يكون خلف الإمام ليفتح عليه إن أخطأ.
ومن كان وحده في بيته فله ذلك.

والله الموفق.

أئمةمروك - د. قاسم اكحيلات