خطبة الجمعة:وليصم سمعك وبصرك عن المحرمات ولسانك من اللغو والرفث
الحمدلله الذي فرض علينا صيام رمضان، وجعله
شهر المغفرة والعتق من النيران،وجعل غايته التقوى وطاعة الرحمان،نحمده سبحانه تعالى حمد من الصائمين الحافظين صومهم من الفسوق والعصيان،ونصلي ونسلم على خير الأنام،وعلى آله وصحبه الذين صامت جوارحهم عن الآثام،وعلى التابعين وتابعي التابعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم العرض على محيي العظام.
شهر المغفرة والعتق من النيران،وجعل غايته التقوى وطاعة الرحمان،نحمده سبحانه تعالى حمد من الصائمين الحافظين صومهم من الفسوق والعصيان،ونصلي ونسلم على خير الأنام،وعلى آله وصحبه الذين صامت جوارحهم عن الآثام،وعلى التابعين وتابعي التابعين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم العرض على محيي العظام.
اما بعد:أيها الصائمون: أوصيكم ونفسي بتقوى الله عزوجل،فتقوى الله هي غاية كل عمل صالح،فهيغاية التوحيد والصلاة والصوم والزكاة والحج ،والتقوى هي: امتثال الأوامر واجتناب النواهي.
أيها المؤمنون:إن العاقل لا يحمله عقله على أن يغرس شجرة لا غاية لها ولا يرجو من وراء غرسها غاية،فهو يستحضر غايتها أولا قبل تناول المعول ومباشرة شق الأرض،فإما أن يرجو ظلها أو ثمرها أو غير ذلك،فكذلك الصائم فعليه أولا أن يستحضر الحكمة والغاية من الصوم ،والحكمة هي تحصيل التقوى.
قال تعالى:《ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ 》.
وهذه الغاية لا تقتضي صوم البطن والفرج فحسب،بل تتعداه إلى صوم الجوارح كلها.
فإن العاقل لا يقبل أن يمسك نفسه عن المباح ويطلقها تحصد الاثام،لأنه يتخذ الصوم وسيلة إلى تربية النفس على طاعة الله ورسوله،والإمساك عن المحرمات،وهذا الشهر الفضيل فرصة ثمينة وزمان كاف لتربية النفس على ترك المعاصي،وفطمها على حب الشهوات، وتزكيتها وتهذيبها وتحليها بمكارم الأخلاق.
ولله در القائل:
والنفس كالطفل إن تهمله شب على ... حب الرضاع وإن تفطمه ينفطم.
أيها المؤمنون:إذا كان الصوم في اللغة هو مطلق الإمساك ،فإن الصوم عند أولي الالباب لا يتوقف على الإمساك عن شهوتي البطن والفرج من الفجر من المغرب ،بل هو عندهم امساك عن جميع المحرمات،فهم لا يقتصرون على الصوم البطن والفرج فقط بل تصوم كل جوارحهم،عن الحرام في جميع الأزمنة والأمكنة.
إخواني في الله:ومن صوم الجوارح صوم اللسان عن اللعن والسب والشتم وقول الكلام الفاحش.
قال النبي صلى الله عليه وسلم:َ : " إِذَا كَانَ يَوْمُ صَوْمِ أَحَدِكُمْ فَلا يَرْفُثْ ، وَلا يَسْخَبْ ، فَإِنْ سَابَّهُ أَحَدٌ أَوْ شَاتَمَهُ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ : إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ "
ومعنى قوله: (فلا يرفث) أي لا يتكلم بالكلام الفاحش (ولا يصخب) أي لا يكثر اللغط.
فإن العاقل لا ينطق بالكلام الفاحش،وما ينطق به إلا السفيه،ولله در من قال:
مَنْ يُعْنَ بِالْحَمْدِ لا يَنْطِقْ بِمَا سَفه ... وَلا يَحدْ عَنْ سَبِيلِ الْمَجْدِ وَالكَرَم.
فعلينا أن ندرب السنتا ابتداء من اول يوم في رمضان على التحلي بالقول السديد،والتخلي عن الكلام المحرم والرذيل والمذموم،من كذب وغيبة ونميمة وهذر،وقذف،وقول الزور وغير ذلك،قال النبي صلى الله عليه وسلم:( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ) رواه البخاري
إخواني في الله:لقد كره العلماء للصائم كثرة الكلام المباح الذي لافائدة منه وهو الهذر قال الإمام ابن عاشر رحمه الله تعالى في منظومته الفقهية :
وكرهوا ذوق كقدر وهذر.
وذلك لأن الكلام المباح طريق الى الغيبة وغير ذلك ،ويشغل عن ذكر الله وقراءة القرآن ،فإن دقائق رمضان لا تقدر بثمن لهذا لا ينبغي أن نفنيها ونضيعها فيما لا يعود علينا بنفع ،كالمزاح والفكاهة والجلوس على الألعاب والنوم وغير ذلك ولله در القائل:
لا تـجعلن رمضـان شهر فكاهة *** تـلهـيـك فيه مـن القبيـح فـنونـــه
واعـلـم بأنـك لا تنـال قــــــــبولها*** حتــى تكون تصومـــه وتصونه.
إخواني في الله:اعلموا أن الصيام كالثوب الابيض يجب المحافظة عليه وصونه من الأوساخ والادناس،ويكون ذلك بالمحافظة على الجوارح وصونها من الآثام والمعاصي وإن كان هذا مطلوب في جميع الأيام والشهور إلا أنه في رمضان آكد، لأنهم قالوا:المعصية تغلظ بالزمان والمكان.
قال تعالى:《ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تتقون...》.
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبسنة سيد الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين .
قال تعالى:《ياأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تتقون...》.
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبسنة سيد الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين .
《الخطبة الثانية》
الحمد لله رب العالمين،نحمده تعالى وبه نستعين ،ونصلي ونسلم على النبي الأمين ،وعلى آله وصحبه والتابعين.
اما بعد "أيها الصائمون اجتهدوا أيما اجتهاد في صون جوارحكم عن المنهيات ،صونوا أعينكم عن النظر الى العاريات؛وعن متابعة الأفلام والمسلسلات ،وعن تتبع عورات الراقصات 《قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ》.
صونوا آذانكم عن سماع الغيبة والنميمة والاغاني،صونوا قلوبكم عن الحقد والحسد والبغضاء.
سئل ابن مسعود:
كيف كنتم تستقبلون رمضان ؟
قال : ماكان أحداً منا يجرؤ على استقبال الهلال وفي قلبه ذرة حقد على أخيه المسلم.صونوا جوارحكم تنالوا أجرا عظيما وتحظون بقبول الصيام ان شاء الله.
ولله در القائل:
إِذَا لَم يَكُنْ فِي السَّمْعِ مِنِّي تَصَاوُنٌ
وَفِي بَصَرِي غَضٌّ وَفِي مَنْطِقِي صَمْتُ
فَحَظِّي إِذَنْ مِنْ صَومِيَ الجُوعُ وَ الظَّما
فَإِنْ قُلْتُ إِنِّي صُمْتُ يَومِي فَمَا صمت
وَفِي بَصَرِي غَضٌّ وَفِي مَنْطِقِي صَمْتُ
فَحَظِّي إِذَنْ مِنْ صَومِيَ الجُوعُ وَ الظَّما
فَإِنْ قُلْتُ إِنِّي صُمْتُ يَومِي فَمَا صمت
و قَالَ جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ : " إِذَا صُمْتَ فَلْيَصُمْ سَمْعُكَ وَبَصَرُكَ وَلِسَانُكَ عَنِ الْكَذِبِ وَالْمَحَارِمِ ، وَدَعْ أَذَى الْخَادِمِ ، وَلْيَكُنْ عَلَيْكَ وَقَارٌ وَسَكِينَةٌ يَوْمَ صِيَامِكَ ، وَلا تَجْعَلْ يَوْمَ فِطْرِكَ وَصَوْمِكَ سَوَاءً " .وما صون هذه الجوارح إلا برياضة خفيفة ووقت قليل وشهر رمضان.
《إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا
والحمد لله رب العالمين.
أئمة مروك - من إعداد الخطيب :حسن العباري الهشتوكي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا