خطبة الجمعة عن فضائل ليلة القدر والعشر الأواخر - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة الجمعة عن فضائل ليلة القدر والعشر الأواخر



الحمد لله الذي فضل بعض الأيام على بعض ،وبعض الليالي على بعض ،فضلا منه ورحمة ،وتشريفا لها وتعظيما.
نحمده سبحانه وهو القائل:{ ليلة القدر خير من ألف شهر} ونصلي ونسلم على خير البشر، سيد العرب والعجم، القائل: ( لله فيه ليلة خير من الف شهر،من حرم خيرها فقد حرم ) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه الذين كانوا يتحرون ليلة القدر،وعلى التابعين وتابعيهم إلى يوم الحشر.

أمابعد: أيها الإخوة الكرام :أوصيكم ونفسي بتقوى الله عزوجل،وبالاجتهاد فيما تبقى لكم من أيام وليالي رمضان المبارك،فالاعمال بالخواتيم،والعبرة بمن سبق،فشمروا واجتهدوا واخلصوا لعلكم تجدون في هذه العشر الأواخر ليلة القدر فتفوزون بمغفرة الذنوب،وبالاجر العظيم، والثواب الجزيل.

فهنيئا مريئا لمن صادفها ومن اجتهد وتحراها لا بد أن يصادفها لأنها موجودة لا محالة وموجودة بالضبط  في العشر الأواخر من رمضان على المشهور عند جمهور العلماء للأحاديث الورادة في ذلك  منها قوله صلى الله عليه وسلم :
( تحروا ليلة القدر  في العشر الأواخر من رمضان) متفق عليه.
وهي في الأوتار من العشر الأواخر يعني في الواحد والعشرين، والثالث والعشرين، والخامس والعشرين،والسابع والعشرين،والتاسع والعشرين ،لقوله صلى الله عليه وسلم :《تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان》. رواه البخاري.

وتكون  في السابع ومن الأوتار وهذا هو أقرب احتمال، وهو قول الجمهور والله اعلم،وذلك للأحاديث الواردة في ذلك، منها مارواه البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما:أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر،فقال النبي صلى الله عليه وسلم :أرى رؤياكم قد تواطأت في السبع الأواخر فمن كان متحريها فليتحرها في السبع الأواخر. 

ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم :تواطأت أي اتفقت.
وعلى أي فأقرب الأوتار السبع،ولكن العلماء قالوا بأنها تنتقل في الأوتار في كل سنة،ولا تختص بليلة معينة  لحكمة الله يعلمها.

وفي فتح الباري ما نصه"  أرجح الأقوال أنها في وتر من العشر الأخير وأنها تنتقل " والله أعلم .
لعل النبي صلى الله عليه وسلم خفف عنا مشقة تحريها وقرب إلينا المقصود رحمة بنا،وهذا دليل على فضلها فلو كانت كباقي الليالي أو أفضل منها بقليل لما أولاها النبي صلى الله عليه وسلم كل هذا الإهتمام.

أيها المؤمنون: إن المؤمن يجتهد في العشر الأواخر  كلها، ليدرك ليلة القدر، فمن جد وجد،ومن زرع حصد،ويجتهد أكثر في الأوتار،  ويجتهد أكثر من ذلك في السبع الأواخر،  وهذا الاجتهاد يكون بالقيام،على حسب استطاعة المرء،بل ويزيد،فمن يعرف المطلوب يحقر مابذل،والجزاء على قدر العمل،وكلما صبر وزاد العبد في القيام زاده الله في الأجر والثواب،والله عزوجل يقول:إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.

وينبغي أن تكون هذه الأعمال بما فيها القيام   خالصة لوجه الله الكريم،لقول النبي صلى الله عليه وسلم :من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من ذنبه.

أيها المؤمنون:اما عن هدي النبي صلى الله عليه وسلم في هذه العشرفقد كان صلى الله عليه وسلم :اذا دخل العشر الأواخر يحيي ليله. ويكون هذا الإحياء بكل قول وفعل يحبه الله مع تحري الأفضل من قيام وتلاوة القرآن وذكر من تسبيح وتحميد وتكبير وتهليل....وصدقة، ودعاء.

 وأفضل الدعاء في ليلة القدر؛ اللهم انك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا....فقد ثبت أن عائشة رضي الله عنها سألت  النبي صلى الله عليه وسلم عما تقول إذا وافقت ليلة القدر فقال لها:{قولي اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنا }والعفو هو المسامحة على الذنب ومحوه من السجل،بخلاف المغفرة فهي المسامحة على الذنب مع إبقاءه في السجل.فالعفو أبلغ من المغفرة.

أيها المؤمنون:وإنما أخفى الله هذه الليلة كما أخفى الصلاة الوسطى،وساعة الإجابة، لئلا يتربصها الناس وينتظرونها ويهملون ما سواها. ولكي يجتهد المسلم أكثر ولا يعجز، ليزيد أجره بقدر اجتهاده،وإذا اجتهد في العشر الأواخر كلها وكانت في السبع منها فالله لن  يضيعه،فإنه عزوجل يكتب له أجر الاجتهاد ويوفيه له.و هنيئا له بالظفر بليلة القدر ،التي وصفها الله بأنها ليلة مباركة .
قال تعالى :إنا أنزلناه في ليلة مباركة انا كنا منذرين....
فمن بركة هذه الليلة العظيمة الشريفة أن الله عزوجل :أنزل فيها القرءان الكريم  لهداية للناس،وسعادتهم في الدنيا والآخرة.

فالله سبحانه وتعالى :أنزل القرآن الكريم  في رمضان لقوله تعالى:{شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن}وأنزله  بالضبط في ليلة القدر جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى بيت العزة في السماء الدنيا،  ثم بدأ ينزل مفصلا على النبي صلى الله عليه وسلم  على حسب الوقائع والأحداث في  ثلاث وعشرين سنة كما قال ابن عباس رضي الله عنهما.
قال تعالى[انا أنزلناه في ليلة القدر ]

ومن فضلها وبركتها وشرفها:
-أن الله تعالى سماه بليلة القدر أي ليلة التشريف والتعظيم والتقدير والقضاء،يقدر الله  فيها وقائع السنة.
ومن تفخيمها وتعظيمها قال تعالى:{وما أدراك ما ليلة القدر }
أي وما اعلمك يامحمد بخير وفضل ليلة القدر.

فاجتهدوا واحرصوا على اغتنام الدقيقة بل والثانية وخصوصا في هذه الليالي القصيرة،واعلموا أن أيام النوم طويلة،وأن أيام الخير تمضي وما ندري هل تعود أم تدركنا الموت ونحمل معنا الى قبورنا حسرة الفوت،وتذكروا ما قال الله تعالى عن المفرطين.
قال الله تعالى:واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم من قبل أن ياتيكم العذاب وأنتم لاتشعرون.نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم وبسنة سيد الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين ،والصلاة والسلام على النبي الأمين ، وعلى آله وصحبه والتابعين. أما بعد"أيها المجتهدون:إن لهذه الليلة فضائل يحتاج تبسيطها وتفصيلها لكثير من الخطب.
فمن فضل هذه الليلة:
أن الأعمال الصالحة فيها من قيام وذكر وتلاوة القرآن وصدقة وسحور وكلمة طيبة خير من ألف شهر ليست فيه ليلة القدر،فالعمل فيها خير من العمل في الف شهر، فهي خير من ألف شهر في الشرف وكثرة الثواب والأجر.
والف شهر ما يعادل ثلاث وثمانين سنة فما فوق،أي فوق متوسط أعمار هذه الأمة.

قال مالك :بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم :رأى أعمار الناس قبله أو ماشاء الله من ذالك،فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر.

-ومن فضلها:أن الملائكة الكرام الذي يقومون بعبادة ربهم ليلا ونهارا ولا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون،وجبريل عليه السلام، وخصه الله عز وجل لفضله ولشرفه ومن شرفه انه هو الذي اختص بالتوسط بين الله عزوجل ورسوله صلى الله عليه وسلم : يكثر تنزلهم  في هذه الليلة المباركة بإذن الله  لأجل جميع الأمور المحكمة التي تكون في تلك السنة.
قال تعالى 《تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر 》

وقال في أية أخرى :فيها يفرق كل أمر حكيم....
يعني يفصل من اللوح المحفوظ إلى الكتبة ماهو كائن في تلك السنة من الآجال والاقدار والخير والشر وغير ذلك من كل أمر حكيم من أوامر الله عزوجل المحكمة المتقنة التي ليس فيها خلل ولاباطل....وإنما يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة  لكثرة بركتها؛والملائكة يتنزلون مع البركة والرحمة،كما ينزلون عند تلاوة القرآن. ..

-ومن فضلها :أن الملائكة تنزل فتسلم على الناس القائمين على عبادة الله في تلك الليلة، وأنهم ينعمون فيها بالسلام والأمان من الشرور ومن العذاب لأنهم مشتغلون بمايرضي ربهم وهو حافظهم،وانهم يسلمون من اعمال السوء التي تصدرها من الشياطين،ولاشك أن الملائكة ينزلون بالخير والبركة والرحمة والسلامة،فهي خير كلها ليس فيها شر حتى تطلع الشمس.
قال تعال { سلام هي حتى مطلع الفحر}

-ومن فضلها أن الله أنزل فيها سورة تتلى سماها بسورة القدر
-ومن فضلها أن الله يغفر لمن قامها إيمانا واحتسابا ماتقدم من ذنبه.ففي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه،أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ماتقدم من  ذنبه،أي إيمانا بالله وثوابه وبفضل ليلة القدر واحتسابا للأجر والثواب أي غير شاك في الأجر.

فاجتهدوا عباد واكثروا من  أقوال وأفعال الخير واطلبوا الله أن يتقبل منكم،وسيروا على حالكم،وزيدوا في العمل ولا تنقصوا واذا قمتم هذه الليلة أي ليلة الخميس   فلا تبخلوا في الأيام الأخرى فما زال أمامكم ليلة التاسع والنبي صلى الله عليه وسلم، قال《 التمسوها في تاسعة تبقى في سابعة تبقى في خامسة تبقى 》رواه البخاري 

اجتهدوا  وتذكروا قول نبيكم:[إنما الأعمال بالخواتيم ]
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم و بسنة سيد الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين.

أئمة مروك - إعداد حسن العباري الهشتوكي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا