حكم من أحرم قبل الميقات وأقسامه - الفقيه عبدالله بنطاهر - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

حكم من أحرم قبل الميقات وأقسامه - الفقيه عبدالله بنطاهر


بسم الله الرحمن الرحيم
سائل يسأل شيخنا الفقيه سيدي عبدالله بنطاهر
: ماحكم من أحرم قبل الميقات؟ وشكرا .

الجواب: ميقات الإحرام في الحج والعمرة ينقسم إلى قسمين:
الأول: الميقـات الزمنـي:
1) ميقات الحج الزماني يبتدئ من أول ليلة عيد الفطر، ويمتد لفجر يوم النحر؛ لما روى البخاري معلقا عن ابن عمر رضي الله عنهما: {الحج أشهر معلومات}، قال: «شوال، وذو القعدة، وعشر من ذي الحجة»(1). 

2) ميقات العمرة الزماني هو جميع السنة، إلا للمحرم بالحج، فبعد غروب شمس آخر أيام التشريق؛ لأن أيام التشريق أيام منى وأيام منى متعلقة بالحج.
الثاني: الميقات المكاني:
1) ميقات الحج المكاني هي المعروفة (ذو الحليفة، والجحفة، ويلملم، وقرن المنازل، وذات عرق)، وهي كذلك ميقات العمرة لغير أهل مكة.

2) أما ميقات أهل مكة في العمرة فهو الحل للجمع في الإحرام بين الحل والحرم، والجعرانة أولى، ثم التنعيم وهي أقرب الحل إلى الحرم، فمن أحرم من الحرم وجب عليه الخروج للحل ولا يصح طوافه وسعيه إلا بعد الخروج إلى الحل بإجماع جمهور العلماء الأئمة الأربعة وغيرهم(2)؛ للحديث: «أن النبيﷺ أعمر عائشة من التنعيم». وقد حلت بمكة يومئذ وحكم من حل بمكة في الإحرام حكم أهلها؛ فلو كان الإهلال من مكة بالعمرة سائغا لأمرها بذلك. قال ابن سيرين: «بلغنا أن النبيﷺ وقت لأهل مكة التنعيم»(3).

ويكره الإحرام قبل الميقات الزماني كما يكره قبل الميقات المكاني.
أما الميقات الزماني فلأن الحج عبادة مؤقتة، فكان الإحرام به مؤقتا كالصلاة(4)، روى البيهقي عن عطاء قال: «إنما قال الله تعالى: {الحج أشهر معلومات} لئلا يفرض الحج في غيرهن»(5)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: «لا يُحرَم بالحج في غير أشهر الحج، فإن من سنة الحج أن يحرم بالحج في أشهر الحج» وجاء مثله عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما (6).


أما الميقات المكاني فلمخالفته فعل النبيﷺ وقد أحرم من ذي الحليفة، وإنما الدين اتباع لا ابتداع. وقد ذكر ابن العربي أن رجلا ذكر للإمام مالك أنه يريد الإحرام من مسجد النبيﷺ، فقال له: بل من ذي الحليفة، فعاد إلى قوله، فقال له: لا تفعل، فإني أخاف عليك الفتنة، قال: وأي فتنة في هذا، وإنما هي أميال أزيدها. قال: وهل طاف النبيﷺ إلا من ذي الحليفة؟ أفتزعم أنك تأتي بأفضل مما جاء به؟ وقرأ: {فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم}(7)، وروى النهي في ذلك عن عمر وعثمان رضي الله عنهم(8).


أما لو اقتحم الكراهة وأحرم قبل الميقات الزماني أو قبل الميقات المكاني فقد أساء واستحق اللوم والعتاب، وإحرامه صحيح بالإجماع، حكاه ابن المنذر(9).
والله الموفق للصواب


ــــــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) وصله البيهقي وصححه ابن حجر ورواه الحاكم وصححه ووافقه الذهبي. انظر: فتح الباري: 3/420، وسنن البيهقي الكبرى: 5/24، والمستدرك: 2/276.
(2) انظر فتح الباري: 3/387. والمغني لابن قدامة: 3/210. وأضواء البيان: 5/328، والهداية لابن جماعة: 3/1261.
(3) مصنف ابن أبي شيبة: 3/266، والمغني لابن قدامة: 3/210، وفتح الباري: 3/606، والدراية لابن حجر: 2/7، ونصب الراية للزيلعي: 3/16، والهداية لابن جماعة: 3/1261.
(4) المجموع للنووي: 7/111.
(5) السنن الكبرى للبيهقي: 4/343، وسنن الدارقطني: 2/234.
(6) السنن الكبرى للبيهقي: 4/343، والمجموع: 7/111، والمستدرك على الصحيحين: 1/616. وسنن الدارقطني: 2/234.
(7) أحكام القرآن: 3/1413، ومواهب الجليل للحطاب: 3/40، والاعتصام للشاطبي: 1/97.
(8) صحيح البخاري: 2/565، والمحلى لابن حزم: 7/77، والمغني لابن قدامة: 3/115.
(9) كتاب الإجماع، ص: 47.
عبد الله بنطاهر التناني السوسي



يوم الثلاثاء 15 جمادى الأخيرة 1435هـ 15/4/ 2014م
مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق أكادير المغرب.
التماس ورجاء: أرجو من سادتي الفقهاء: إن تبين لكم خطأ فيما كتبت فنبهوني؛ فهو بالنسبة لي أحسن هدية؛ وقديما قيل:
"المتصفح للكتاب أبصر بمواقع الخلل فيه من مُنشئه".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا