خطبة الجمعة حول- فضائل الذكر - حسن العباري

الحمدلله حمدالذاكرين الشاكرين، والصلاة والسلام
على خير الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه والتابعين.
أما بعد أيها المؤمنون :
أوصيكم ونفسي بتقوى الله عزوجل،والإكثار من ذكره عزوجل استجابة لندائه لعباده المومنين في قوله جل في علاه :{يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا وسبحوه بكرة واصيلا}.

والذكر عباد الله هو : الثناء على الله عز و جل بجميل أوصافه وآلائه وأسمائه،فالذكر هو قولك باللسان مع التصور بالقلب:سبحان الله، والحمد لله، والله أكبر، ولا إله إلا الله ،ولا حول ولا قوة الا بالله،واستغفر الله. ...،

فالذكر موضوعه واسع جدا يشمل كل مايقرب إلى الله عزوجل من أمر بالمعروف ونهي عن المنكر،وتعلم علم وتعليمه....

وفوائده كثيرة تعد ولا تحصى ومن أراد التوسع فعليه بكتاب الوابل الصيب من الكلم الطيب لإبن القيم الجوزية رحمه الله تعالى واسكنه فسيح جناته.
وسنقتصر على بعض الفضائل لعلها تكون محفزةلنا للإقبال على ذكر الله،ومؤنسة للذاكرين الله كثيرا والذاكرات .. 

فمن فضائل الذكر:
أن من ذكر الله ذكره الله قال تعالى :《فاذكروني أذكركم》

فلو لو لم يكن في فضل الذكر إلا هذه الآية لكفى بها فرحا وشرفا،ولشجعت الذاكرين وأيقظت البخلاء، ومن يبخل فإنما يبخل عن نفسه فالله غني عن ذكر الذاكرين وإنما ذكره ينفعنا ونحن المستفيدون،والمحتاجون إليه، وحاجتنا إليه كحاجتنا للماء زمن الحر، بل أشد، ولا سيما في زمننا هذا الذي كثرت فيه الملاهي ،وشغلتنا عن ذكر الإله.فكيف لا وهو تحصين اللسان عن الزلات،وشغله بالكلمات الطيبات،فكيف لا وقد كثرت فضائله وألف فيها المؤلفون مؤلفات،فكيف لا ننسلخ من ثوب الشيطان ،ونشمر عن سواعدنا نذكر الرحمان،لنثقل بذكره كفة الميزان،ونجلب به محبة الحنان المنان.

فإذا  ذكرنا الله في أنفسنا ذكرنا الله في نفسه،وإذا  ذكرنا الله في الأرض ذكرنا الله في السماء، وإذا  ذكرنا ربنا مع الناس ذكرنا ربنا مع الملائكة.
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : يقول الله تعالى : ( أنا عند ظن عبدي بي ، وأنا معه إذا ذكرني ، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ، وإن ذكرني في ملإ ذكرته في ملإ خير منهم ، وإن تقرب إلي بشبر تقربت إليه ذراعا ، وإن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ، وإن أتاني يمشي أتيته هرولة ) رواه البخاري ومسلم .

فمن أراد الظفر بذكر الله له فعليه أن يكثر من ذكره فبقدر ذكرك لله يذكرك الله عزوجل.
ومن فضائل الذكر أنه سبب الفلاح والنجاح والتوفيق والتفوق في الدنيا والآخرة قال تعالى :
《وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 》
*ومن فضائل الذكر أن الله عزوجل أعد للذاكرين مغفرة واجرا عظيما.
قال عزوجل: 《والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة واجرا عظيما》.

فالذكر سبب لمغفرة الذنوب،وتكفير السيئات.
*ومن فضائل الذكرأيضا أنه سبب النجاة من الغفلة والنسيان قال الله تعالى :《واذكر ربك في نفسك تضرعا وخيفة ودون الجهر من القول بالغدو والاصال ولا تكن من الغافلين》.


وقال في آية أخرى :《واذكر ربك إذا نسيت》.
*ومن فضائل الذكر أن الذكر غراس الجنة
فعن ابنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:
( لَقِيتُ إِبْرَاهِيمَ عليه السّلام لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِي، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَقْرِئْ أُمَّتَكَ مِنِّي السَّلَامَ، وَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ الْجَنَّةَ طَيِّبَةُ التُّرْبَةِ، عَذْبَةُ الْمَاءِ، وَأَنَّهَا قِيعَانٌ، وَأَنَّ غِرَاسَهَا: " سُبْحَانَ اللهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ " ).
[رواه التّرمذي، والطّبراني في "الصّغير" و"الأوسط" وزاد]:( وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ ).

فاكثروا عباد الله من هذه الكلمات الطيبات، فإنهن خفيفات في اللسان ثقيلات في الميزان ،حبيبات للرحمان، وما تأخذ من وقتكم إلا القليل،فاتخذوهن زيدا ليوم الرحيم،فثوابهن جزيل،وورد في فضلهن من الآثار الكثير،فمن ذلك قوله صلَّى الله عليه وسلَّم -: (أحبُّ الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا يضرُّك بأيِّهنَّ بدَأتَ)رواه مسلم.

وقوله صلى الله عليه وسلم :(إنَّ الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لتُساقط من ذُنوب العبد كما تَساقَط ورقُ هذه الشجرة)صححه الألباني رحمه الله.
نفعني الله وإياكم بالقرآن الكريم، وبسنة سيد الأنبياء والمرسلين، والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين
اما بعد"
أيها المؤمنون :ومن فضائل الذكر أن قول الذاكر الحمد لله صدقة ،وقوله سبحان الله صدقة، وقوله لا اله الا الله صدقة، وإذا أكثر من هذه الكلمات، أكثر من الصدقات، فمن قال سبحان الله عشر مرات فكأنما تصدق بعشر صدقات، فالذكر صدقة الفقراء والأغنياء، ومن جمع بين الصدقة المادية والمعنوية عظم أجره،وحسن عمله.

فعلينا أن نكثر من الخير  ندخره عدة لنا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
وعلينا أن لا نتكل على الذكر فقط على أنه صدقة ولا نتصدق من أموالنا فخير الناس أنفعهم للناس.
فعن أبي ذَرٍّ رَضِي اللهُ عَنْهُ، أَنَّ نَاسًا مِنْ أَصْحابِ رسولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قالُوا لِلنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يَا رَسُولَ اللهِ، ذَهَبَ أَهْلُ الدُّثُورِ بِالأُجُورِ؛ يُصَلُّونَ كَمَا نُصَلِّي، ويَصُومُونَ كَمَا نَصُومُ، ويَتَصَدَّقُونَ بِفُضُولِ أَموالِهِم. قالَ: ((أَوَلَيْسَ قَدْ جَعَلَ اللهُ لَكُمْ مَا تَصَدَّقُونَ، إِنَّ بِكُلِّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةً، وَكُلِّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةً، وَأمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ، وَنَهْيٌ عَنْ مُنْكَرٍ صَدَقَةٌ، وَفِي بُضْعِ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ)). قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي أَحَدُنَا شَهْوَتَهُ وَيَكُونُ لَهُ أَجْرٌ؟ قالَ: ((أَرَأيْتُمْ لَوْ وَضَعَهَا فِي حَرَامٍ أَكَانَ عَلَيْهِ وِزْرٌ؟ فَكَذَلِكَ إِذَا وَضَعَهَا فِي الْحَلاَلِ كَانَ لَهُ أَجْرٌ)). رواه مُسلِمٌ.

ومن فضائل الذكر أن من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة،فبقدر قولك سبحان الله وبحمده يكون نصيبك من النخيل في الجنة.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة. 
ومن فضائله كذلك أن قول الذاكر سبحان الله وبحمده في اليوم مائة مرة تحط عنه خطاياه ولو كانت كبيرة الحجم.

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر،رواه الترمذي وابن ماجه والإمام أحمد


ألا فاكثروا من ذكر الله، اذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون،اذكروا الله في الصباح وفي المساء وفي جميع الاوقات،فالذكر لا يأخذ منكم وقتا طويلا، وماضاعت دقيقة ملئت بذكر الله،بل هي ما ثمن من وقتكم، بل هي عدة لكم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

اذكروا الله في سفركم وفي حضركم،في حلكم وفي ترحالكم،في تحركاتكم وفي سكناتكم، وفي جميع احوالكم، اذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم،اذكروا الله وانتم تمشون، اذكروا الله وانتم تعملون، اذكروا الله وانتم تقودون سيارتكم،رطبوا السنتكم بذكر الله، دربوا السنتكم على ذكر الله.

احفظوا الأذكار المأثورة، اقرءوا كتب الأذكار،حصن المسلم، وكتاب الأذكار،....علموا أولادكم الأذكار وشجعوهم عليها.


اذكروا الله عندما يزين الشيطان لكم الشهوات، اذكروا عقابه عندما تهم أنفسكم بفعل السيئات؛ اذكروا ثوابه عندما تتكاسل جوارحكم عن فعل الطعات،اذكروا ربكم وانتم في الخلوات،فالذكر قول باللسان وعمل بالجوارح.

اذكروا الله فالذكر قوت القلوب ، وغذاء الأرواح.


اذكروا الله فالذكر يزيل الهم والغم من القلب،اذكروا الله ليبقى القلب حيا ويؤدي وظيفته، فالذكر للقلب كالماء للسمكة، اذكروا الله فالذكر كالصابون والطيب للقلب،اذكروا الله فبالذكر يطمئن القلب ويرتاح.
قال تعالى{ ألا بذكر الله تطمئن القلوب }.
اللهم اجعلنا من الذاكرين الشاكرين الخاشعين ،واحشرنا في زمرة خير الأنبياء والمرسلين، أمين آمين والحمد لله رب العالمين.

أئمةمروك - حسن العباري الهشتوكي