خطبة الجمعة :فصل الشتاء والبرد القارس عبروعظات - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة الجمعة :فصل الشتاء والبرد القارس عبروعظات


إعداد الخطيب : أحمد البعمراني
الحمد لله على فضله وإنعامه ، سبحانه جعل الشمس ضياء ، والقمر نورا وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب ،وأشهد الا اله الا الله وحده لا شريك له إله الأولين والآخرين بيده ملكوت السموات والأراضين ، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله إمام المتقين ، وخاتم النبيين فصلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين

أمابعد :إخوة الإيمان أوصيكم ونفسي أولا
بأن نتقي الله عز وجل ونتبصر في هذه الأيام والليالي ،فإنها مراحل نقطعها إلى الدار الآخرة وكل مرحلة تمرعلينا تنقص من اعمارنا،وإن كل يوم يمضي بنا،بل كل ساعة ولحظة تبعدنا من الدنيا وتقربنا من الآخرة ، وإن هذه الأيام والليالي خزائن لأعمالنا وهي شاهدةعلينا بما لنا أوعلينا من خير أو شر،{فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره}

عباد الله كيف أنتم مع فصل الشتاء وبرودته ،أحوال الناس في الشتاء والبرد القارس عبروعظات هوعنوان حديثي معكم اليوم لأننا نعيش في فصل الشتاء ، نحسُّ بنفثات برْدِه ، ونستنشق نسمات هوائه البارد ، نتأمل في كيفية تدرج برودته على بني البشر، وكيف يمر الشتاء على الناس الأمرالذي يستدعي التأمل والتفكرفي آيات الله الكونية ،صيف وشتاء ثم ربيع يليه وفصل خريف ،أربعة فصول في السنة وهكذا تدورالأيام ،{ إن في خلق السموات والارض واختلاف اليل والنهارلآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا.. }

نتأمل في عظمة الله عزوجل الذي خلق هذالكون وأوسعه ونتأمل في نعم المولى التي لا تعد ولا تحصى ،إن ما يشعر به الناس من شدة البرد بإختلاف مناطقهم ومناخهم هو نفسٌ من أنفاس نار جهنم ، ومصداق ذلك في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عندما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اشتكت النار إلى ربها فقالت : يا رب أكل بعضي بعضاً فجعل لها نفسين ، نفس في الشتاء ونفس في الصيف فشدة ما تجدون من البرد من زمهريرها وشدة ما تجدون من الحر من سمومها )

وهذا مايجعلنا نعتبر ونتعظ ونراجع أنفسنا ،فكيف لمجرد نفس من النارأن يفعل بنا الأفاعيل صيفا وشتاءا فمابالك بمن مصيره أن ينغمس فيهاأبد الآبدين  والعياذ بالله ، وفي هذا مايزيدالمؤمن إيمانا يجعله يتمسك بدينه ويزيد من عمله الصالح ويجعل الغافل ينتبه من غفلته، والعاصي يهتدي لسبيله ويستفيق من سكرته. ألاإن الموت قادم يفنينا وينهينا كماتفنى الفصول وتجدد،وينتهي بديع الربيع وتنتهي خضرة الزروع والجنات، فلنعد للسؤال جوابا.

مضى الدهر والأيام والذنب حاصل *** وجاء رسول الموت والقلب غافل
نعيمك في الدنيا غرور وحسرة *** ودومك في الدنيا محال وباطل .
إخوة الإيمان : نحن نستعد لفصل الشتاء بالأفرشة والثياب الدافئة والأطعمة الساخنة وهذاليس عيبا، فأن يحمي الإنسان نفسه وأهله من البرد القارس أمر محمود من باب الوقاية حتى يحافظ الإنسان على صحته ويتقوى لعبادة ربه،لكن لاينبغي ان نغفل عن شكر الله عزوجل الي سخر لنا هذه النعم قال تعالى :{ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّن بُيُوتِكُمْ سَكَنًا وَجَعَلَ لَكُمْ مّن جُلُودِ الاْنْعَـامِ بُيُوتًا تَسْتَخِفُّونَهَا يَوْمَ ظَعْنِكُمْ وَيَوْمَ إِقَـامَتِكُمْ وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَـاثاً وَمَتَـاعاً إِلَى حِينٍ وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مّمَّا خَلَقَ ظِلالاً وَجَعَلَ لَكُمْ مّنَ الْجِبَالِ أَكْنَـاناً وَجَعَلَ لَكُمْ سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُم بَأْسَكُمْ كَذَلِكَ يُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تُسْلِمُونَ } وقال تعالى : {وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ }

ومن كمال نعيم أهل الجنة أنهم لا يجدون فيها حرَّا ولا بردا قال قتادة رحمه الله تعالى: عَلِم الله تعالى أنّ شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا. { مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا } والزمهرير هو البرد القاطع، قال ابن مسعود رضي الله عنه: هو لونٌ من العذاب.
أما اليوم فهناك ولله الحمد الكثير من هذه الأنواع الذي ذكرها الله تعالى فأنواع الملابس والأغطية والأفرشة متنوع وكثيروكلها من نعم الله تعالى
ولاينبغي ان ننسى ان هناك إخوة لنا في قساوة البرد هذه بلامأوى!

فحينما نأخذ بالإستعداد لتهيئة بيوتنا بإخراج الافرشة والأغطية والملابس الشتوية فإن من جيراننا وأقاربنا وإخواننا المسلمين من لايجدون إلى ذلك سبيلا وترتعد أجسادهم في جنح الليالي من شدة البرد ويذهب أطفالهم إلى مدارسهم في الصباح الباكرمن غير الكساء الذي يلبسه غيرهم فيخترق البردعظامهم وليس ذلك إلا من قلة ذات اليد كذلك إخواننا في الجبال الوعرة والتي تكون فيها كثافة الثلوج عالية وكذلك المخيمات بالنسبة للمسلمين المشردين ومن لامأوى لهم ولابيت تقيهم قساوة البرد، فاللهم لك الحمد بماانعمت به علينا من قليل أوكثيرونسأل الله تعالى أن يرحم الضعفاء من المسلمين والفقراء، 

فاللهم فرج همهم ونفس كربتهم، فعلى المسلمين ان يتضامنوا مع بعضهم البعض ، وهذا من خلق الإسلام وممبادئه السمحة اهتداء بقول نبينا عليه الصلاة والسلام :( مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتراحُمهم وتعاطُفهم: مثلُ الجسد، إِذا اشتكى منه عضوتَدَاعَى له سائرُ الجسد باالسَّهَرِ والحُمِّى ).
وهنا بشرى لمن أصابته الحمى بتكفير الخطايا والذنوب،وكثيرا ما يصاب به الناس في هذه الأيام ، وهذا توجيه نبوي من رسول الهدى صلى الله عليه وسلم عندما سأل امرأة وقال لها: ( مالك يا أمَّ السائب ؟ قالت : الحمى لا بارك الله فيها فقال : لا تسبي الحمى فإنها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب خبث الحديد ) رواه مسلم 

فاللهم داوي مرضى المسلمين واجبر كسرهم وأصلح أحوالهم وكن معهم في شدة ورخاء وارحم ضعفهم وقو شوكتهم ،فاللهم نجنا من النارواحفظنامن حرها وبردها وزمهريرها اللهم أنعم علينا بفضلك وبركاته وأعنا على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك آمين والحمد لله رب العالمين .

الخطبة الثانية 
الحمد لله رب العالمين ،والعاقبة للمتقين ولاعدوان إلاعلى الظالمين واشهد أن لاإله إلا الله ولي الصالحين وأشهد ان محمد عبده ورسوله اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا .

اما بعد :إخوة الإيمان :
إن فصل الشتاء أمنية السلف الصالح كما قال ابن عمر:أمنية العابدين فكانوا يتأهبون له بطريقتهم ، و قد قال ابن مسعود: " مرحباً بالشتاء تتنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام، ويقصر فيه النهار للصيام "
فكانوا يكثرون في نهاره من الصيام، وفي ليله من القيام. ولايزال من وفقهم الله تعالى على ذلك سائرين

وهؤلاء قوم فطناء وليتنا نقتدي بهم إذ يصدق عليهم قول الإمام الشافعي حين قال: إن لله عبــادا فـطنا ** طلقوا الدنيا وخافـواالفتنا
.نظروا فيها فلما علموا أنها ليـست لـحي وطنا ** جعلوها لجة واتخذوا **صالح الأعمال فيها سفنا.
 أمانحن فياليتنا نحافظ على صلاة الفجرفي جماعة وعلى الصلوات المفروضة ، حتى نستطيع أن نزيدالنوافل والقربات .

 إخوة الإيمان :
وممايتلمس فيه الأجر وعظم الجزاء في هذا الموسم حيث البرد القارس : إسباغ الوضوء, ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟)، قالوا بلى يا رسول الله. فقال: (إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط .

أيها المؤمنون إن ربكم الكريم الحليم لم يجعل عليكم في الدين من حرج، بل جعله يسيراً سهلاً، قال تعالى﴿ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْر َ﴾ فمن تيسيره أن أجاز لنا الشارع الحكيم المسح على الخفين بدلاً من غسل الرجلين إذا كانتا مستورتين بخف :وهو جورب مصنوع من الجلد أجازه السادة المالكية بشرط أن يكونا قد لبسا على طهارة،وأن لاتكون فيهما ثقوب  وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك للمقيم يوماً وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها، تبتدىء المدة من أول مسحة بعد الحدث، فإذا لبسهما المسلم مثلاً من صلاة الفجرهذا اليوم الجمعة ولم يمسح عليهما إلا لصلاة الجمعة فيكون ابتدأ مدة مسحه من صلاة الجمعة إلى مثل هذا الوقت من الغد، 

فإذا تمت المدة وجب عليه غسل رجليه إذا توضأهذا للمقيم وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها .تقبل الله من الجميع اللهم اجعل جمعنا هذا جمعا مباركا وتفرقنا من بعده تفرقا سالمامن الشر معصوما اللهم لاتجعل فينا ولامنا ولا معنا شقيا ولامحروما اللهم اهدنا واهد بنا وارجعنا إلى طريقك المستقيم ..
.ثم الدعاء المعروف والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا