وَسَائِلُ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، فِي صَوْنِ أَعْرَاضِ الْأَنَامِ ج 2 - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

وَسَائِلُ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، فِي صَوْنِ أَعْرَاضِ الْأَنَامِ ج 2

من اعداد فضيلةالأستاذ: رشـيد الـمعاشـي

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، عَظَّمَ شَأْنَ أَعْرَاضِ النَّاسِ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، حَرَّمَ كُلَّ ذَرِيعَةٍ إِلَى انْتِهَاكِ أَعْرَاضِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، حَرَّمَ مَا يَنْتَهِكُ أَعْرَاضَ النَّاسِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَمَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

حَدِيثُنَا سَيَتَوَاصَلُ وَإِيَّاكُمْ - بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى - فِيمَا شَرَعَهُ دِينُ الْإِسْلَامِ، لِلْمُحَافَظَةِ عَلَى أَعْرَاضِ الْأَنَامِ، وَخُلَاصَةُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْجُمُعَــــةِ الْمَاضِيَةِ أَنَّ الْعِرْضَ هُوَ: مَوْضِعُ الْمَدْحِ وَالــــذَّمِّ مِنَ الْإِنْسَانِ فِي نَفْسِهِ أَوْ سَلَفِـــــهِ أَوْ مَنْ يَلْزَمُهُ أَمْـــــرُهُ. وَقَدْ رَفَعَ الْإِسْلَامُ شَأْنَ الْعِرْضِ، وَحَرَّمَ انْتِهَاكَهُ بِأَيِّ شَكْلٍ مِنَ الْأَشْكَالِ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ... أَمَّا الْيَوْمَ فَسَنَعِيشُ وَإِيَّاكُمْ هَذِهِ اللَّحَظَاتِ الْمُبَارَكَةَ وَهَذِهِ الدَّقَائِقَ الْمَعْدُودَةَ مَعَ خُطْبَةٍ تَحْتَ عُنْوَانِ: وَسَائِلُ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، فِي صَوْنِ أَعْرَاضِ الْأَنَامِ.

إِخْوَةَ الْإِيمَانِ:إِنَّ مِنْ أَهَمِّ وَأَسْمَى مَقَاصِدِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ الْغَرَّاءِ حِمَايَةَ الْأَعْرَاضِ وَسَتْرَ الْعَوْرَاتِ، وَرَفَعَ دَوَاعِي إِلْحَاقِ الْعَارِ بِالنَّاسِ فِي أَعَزِّ مَا يَمْلِكُونَ، لِأَنَّ الْعِرْضَ كَالزُّجَاجِ إِذَا انْكَسَرَ اسْتَحَــــالَ أَنْ يَرْجِـــعَ إِلَى سَابِقِ عَهْــــدِهِ، وَمِــــنْ ثَــــمَّ لَـــمْ تَكْتَــــفِ شَرِيعَةُ الْإِسْــــلَامِ بِالتَّنْبِيهِ عَلَى تَحْــرِيـــــمِ انْتِهَــــاكِ أَعْـــــرَاضِ النَّاسِ فَحَسْبُ، بَلْ وَضَعَـــــتْ وَسَائِلَ لِحِمَايَتِهَا، وَمِنْ أَبْـــــرَزِ هَـــــذِهِ الْوَسَائِـــــلِ:

الْوَسِيلَةُ الْأُولَى: تَحْرِيمُ الزِّنَا الذِي هُوَ: انْتِهَاكُ فَرْجِ الْمَرْأَةِ الْمُحْرِمَةِ بِالْوَطْءِ الْمُحَرَّمِ. لِأَنَّهُ إِفْسَادٌ لِلزَّوْجَاتِ وَالْبَنَاتِ وَالْأَخَوَاتِ، وَاخْتِلَاطٌ لِأَنْسَابِ الْبَنِينَ وَالْبَنَاتِ، وَشُيُوعٌ لِلْفَسَادِ وَالِانْحِلَالِ فِي الْمُجْتَمَعَاتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا. وَرَوَى الْبُخَارِيُّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ... 

الْوَسِيلَةُ الثَّانِيَةُ: تَحْرِيمُ الْقَذْفِ الذِي هُوَ: رَمْيُ الْمُسْلِمِ الْمُكَلَّفِ الْعَاقِلِ الْعَفِيفِ بِنَفْيِ نَسَبٍ أَوْ بِزِنًا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: إنَّ الَّذين يرمونَ الْمُحْصَناتِ الغافلاتِ المؤمناتِ لُعِنوا فِي الدُّنيا والآخرةِ وَلَهُم عذابٌ عَظِيمٌ... وَقَدْ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى النِّسَاءَ بِالذِّكْرِ لِأَنَّ قَذْفَ الْمَرْأَةِ وَالنَّيْلَ مِنْ عِرْضِهَا وَسُمْعَتِهَا يَتَعَدَّى ضَرَرُهُ إِلَى جَمِيعِ أَفْرَادِ أُسْرَتِهَا، فَيُلْحِقُ بِهِمْ عَاراً كَبِيراً بِخِلَافِ الرَّجُلِ، وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: والَّذين يرمونَ الْمُحْصناتِ ثمَّ لَمْ يَأْتُوا بأربعةِ شُهَدَاءَ فَاجلِدُوهم ثمانينَ جلدةً وَلَا تقْبَلوا لَهُم شهادةً أبداً وَأُولَئِك همُ الْفَاسِقُون...

الْوَسِيلَةُ الثَّالِثَةُ: تَحْرِيمُ الْخَلْوَةِ التِي هِيَ: اجْتِمَاعُ رَجُلٍ بِامْرَأَةٍ أَجْنَبِيَّةٍ عَنْهُ فِي مَكَانٍ يَأْمَنَانِ فِيهِ مِنْ دُخُولِ أَحَدٍ عَلَيْهِمَا. وَهَذِهِ مِنْ أَهَمِّ الْوَسَائِلِ لِحِمَايَةِ الْمُجْتَمِعِ مِنْ شُيُوعِ الْفَوَاحِشِ، وَمِنْ ثَمَّ حِمَايَةُ أَعْرَاضِ الْأَنَامِ، التِي هِيَ مَقْصِدٌ مِنْ مَقَاصِدِ شَرِيعَةِ الْإِسْلَامِ، لِأَنَّ غَايَةَ أَمْرِهَا مُرَاعَاةُ مَصَالِحِ الْخَلْقِ بِجَلْبِ مَا يَنْفَعُهُمْ وَدَفْعِ مَا يَضُرُّهُمْ، رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَلَا لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ. 

نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

اَلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

الْوَسِيلَةُ الرَّابِعَةُ: مِنْ وَسَائِلِ حِفْظِ الْأَعْرَاضِ: تَحْرِيمُ الْغِيبَةِ وَالنَّمِيمَةِ، أَمَّا الْغِيبَةُ فَهِيَ: ذِكْرُ الْمَرْءِ بِمَا يَكْرَهُ فِي غَيْبَتِهِ. وَأَمَّا النَّمِيمَـــــةُ فَهِيَ: نَقْلُ الْكَـــــــلَامِ بَيْنَ النَّاسِ عَلَى جِهَةِ الْإِفْسَادِ. قَــالَ اللَّهُ تَعَــالَى فِي كِتَابِـــهِ الْعَــزِيـــزِ: وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا... 

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَالْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِشِرَارِكُمْ؟ الْمَشَّاءُونَ بِالنَّمِيمَةِ، الْمُفْسِدُونَ بَيْنَ الأَحِبَّةِ، الْبَاغُونَ للْبُرَآءِ الْعَنَتَ. فَاتَّقُواْ اللَّهَ – أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ - فِي أَعْرَاضِكُمْ، وَاجْتَنِبُواْ كُلَّ مَا يَنْتَهِكُهَا وَيَقْدَحُ فِيهَا تَسْعَدُواْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَلِلْحَدِيثِ بَقِيَّةٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

اَلــــدُّعَــــــــاءُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا