ماهية الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

ماهية الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر



إعدادفضيلة الأستاذ : محمد زراك

الحمد لله الذي جعل للصلاة في حياة المؤمن أعظم أثر، وبَيّن في كتابه أنها تنهى عن الفحشاء والمنكر، وأشهد أن ألا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الأكبر، شهادة تُميِّزنا عمن أشرك بالله وكفر، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله خير البشر، وأفضل من صلى بخشوع وللقرآن تدبر، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه من هاجر منهم ومن نصر، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم المحشر.

{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}

أما بعد فيا معشر المسلمين والمسلمات؛ فرض الله سبحانه علينا خمس صلوات، وجعلها ركنا من أركان الإسلام، وأمرنا أن نصليها بشروط وآداب، من طهارة وخشوع وتدبر وخضوع، ورتب عليها فضائلَ وخيراتٍ وآثاراً وبركات،  والتي منها أن تكون للمؤمن وسلية تنهاه عن الفحشاء والمنكر قال الله تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَر}

عباد الله؛ إننا نستغرب ونتعجب من حال كثير من الناس يعمرون المساجد بالصلوات، ويتزاحمون على الصف الأول خلف الإمام، فإذا خرجوا من صلاتهم اعتدوا وظلموا، وانتهكوا الحرمات وأفسدوا، واكلوا المال الحرام وغشوا وكذبوا، وربما شربوا الخمر وزنوا وسرقوا.. ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم،  فأين هي آثار الصلاة في حياتنا؟

 وما هو الحل لتكون صلاتنا وسيلة لإصلاح ما فسد من تصرفاتنا اليومية؟ وللاجابة عن هذا لا بد أن نبيّن -أولا- معنى قوله تعالى: { وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} فمعناه: أن الصلاة تكون سببا للمصلي حتى يترك الفحشاء والمنكر، وليس المعنى أن الصلاة تمنعه من ذلك، إذ كم من مصل يقيم صلاته ويقترف بعض الفحشاء والمنكر،

 وعليه فإن الصلاة وسيلة وسبب للانتهاء عن المعاصي، لما فيها من تلاوة القران الكريم وتدبر معانيه، والوقوف على مواعظه، كما أن الصلاة تشغل كل بدن المصلي، فهو يستحضر أنه واقف بين يدي الله تعالى، وأنه مطلع عليه ويراه، فيقف ويركع يسجد بخضوع، ويكبر ويعظم ويدعو بخشوع، فتصلح بذلك نفسه وتتذلل وتنكسر، لما يخالطها من استحضار مراقبة  الله تعالى، وتظهر على جوارحه هيبتها، فيخرج من صلاته على هذه الحالة، من الخشوع والمراقبة والهيبة، مما يمنعه من الوقوع الفحشاء والمنكر، فإذا بدأ يضعف ويفتر أمام شهوات هذه الدنيا ومغرياتها دخلت عليه صلاة أخرى يرجع بها إلى أفضل حالة..الله اكبر صلاة المؤمن هكذا ينبغي أن تكون .

أيها المؤمنون؛ لكي يَصِل المؤمن في صلاته إلى هذه الآثار الطيبة، وينال هذه الدرجة الفاضلة، ينبغي أن يحرص في صلاته على أن يصلي بخشوع.

والخشوع هو : عبارة عن حضور القلب وسكون الجوارح لله رب العالمين، مشكلة كثير من المسلمين اليوم عدم حضور القلب اثناء الصلاة، فترى الواحد مكبرا وقائما بين يدي الله، لكن قلبه مشوَّش وغيرُ مرتاح، لأنه مشغول  بعمله وولده، وماله وحساباته ومشاكله، وأفكاره وهواجسه وخواطره، فيكبر ويقرأ لكنه لا يعلم ما يقول! المسكين سكران بهموم الدنيا، لذلك قيل" كم من مصل لم يشرب الخمر قط لكن الدنيا قد أسكرته بهمومها"

هذا هو حالنا والله المستعان، فيا سبحان الله! أهذه هي الصلاة التي نرجو أن تنهانا عن الفحشاء والمنكر؟ لا يا عباد الله، ما هكذا كانت صلاة رسول الله  بل هي أكمل صلاة.

كان اشتغاله  بالصلاة راحة له، فكان يقول «يا بلال أقم الصلاة أرحنا بها»  فإنه كان يَعُدُّ غيرها من الأعمال الدنيوية تعباً، فكان يستريح بالصلاة لما فيها من مناجاة الله تعالى .

يصف مطرف بن عبد الله، عن أبيه صلاة رسول الله  فقالَ «رأيت رسول الله  وهو يصلي ولصدره أزيز كأزيز المرجل» يعني: يبكي. فبكاء النبي  لم ينتج إلا عن الخشوع وحضور القلب وتصورُ ما يقول. 

وإن من الوسائل التي تعيننا على تحقيق الخشوع في الصلاة،  أن نستحضر اننا واقفون بين يدي الله تعالى، فلو أن -مثلا- واحدا منا وقف أمام ملك من ملوك الدنيا، أو عظيم من عظمائها، فلا شك أنه قد يرتعد ويخاف، وسيكون حاضرا بقبله وعقله وإدراكه كله، هذه حالتنا أمام بشر مخلوق، كان الأولى لنا -والله العظيم -أن نكون بهذه الحالة في الصلاة أمام رب الملوك، وخالقنا ورازقنا سبحانه وتعالى.  

ومن الوسائل التي تعين على تحقيق الخشوع: أن نتذكر الموت في الصلاة: فلو قيل لواحد منا إن هذه الصلاة التي ستصليها الآن هي آخر صلاة لك ثم ستموت فكيف سيكون حاله فيها، لاشك أنه سيصليها في غاية الخشوع الإتقان، والخضوع والإحسان، وهذا الذي أمرنا به النبي  لما قال: ((اذْكُر المَوْتَ في صَلاَتِكَ؛ فإِنَّ الرَّجُلَ إذا ذَكَرَ المَوْتَ في صَلاَتِهِ لَحَرِيٌّ أنْ يُحْسِنَ صلاتَهُ، وَصَلِّ صلاةَ رَجُلٍ لا يَظُنُّ أنَّهُ يُصَلِّي صلاةً غَيْرَها..))  

هذه -ياعباد الله- من أهم الأمور التي تجعل المسلم يخرج من صلاته مستفيدا من بركاتها وآثارها ونورها، فتتنور حياته بالطاعات فتراه محبا للخير، رحيما متواضعا صادقا أمينا، وتتنور حياته بنور يمنعه من الوقوع في الفحشاء والمنكر فهذه الصلاة نور ياعبدالله .فاللهم اجعل صلاتنا نورا لنا في الدنيا والاخرة يارب العالمين ؛

نفعني الله وإياكم بالقران العظيم وبحديث سيد المرسلين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين اجمعين والحمد لله رب العالمين، ادعوا الله يستجب لكم.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

أما بعد فيا عباد الله؛ هناك صنف من الناس يصلي ، لكن صلاته لا تنهاه عن الفحشاء المنكر فربما شرب الخمر وسرق وزنى، وظلم وتجبر واعتدى. ونتوجه لهذا الصنف من الناس بوصيتين اثنتين. 

الوصية الأولى: لو جاءك ملك الموت فقبض روحك وأنت على معصية، ماذا ستقول لربك غدا يوم القيامة؟ تب إلى الله وسله أن يرزقك في حياتك آثار الصلاة وبركاتها، ونحن بدورنا نسأل الله تعالى أن يمن عليك بالهداية والعافية. 

الوصية الثانية: قد يقول لك قائل ما فائدة صلاتك؟ ما دامت لا تنهاك عن الفحشاء المنكر فخير أن تتركها، وربما استدل لك بحديث ضعيف وهو «من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعدا« 

لا يا عبد الله لا تستمع لمثل هذه الأفكار الخاطئة، نعم! هناك تقصير وخلل في صلاتك ما دامت لا تنهاك عن الفحشاء المنكر، لكن هذا الخلل لا يجييز لك أن تقطع الصلاة وتتركها نهائيا، فالصلاة هي عماد الدين، استمر في المحافظة عليها أدائها في اوقاتها، وجاهد نفسك أن تصليها بخشوع وخضوع فلعلك تصل إلى بركاتها وأنوارها في يوم من الأيام، فقد «كان فتى من الأنصار يصلي مع النبي  ولا يدع شيئا من الفواحش والسرقة إلا فعله، فذكر للنبي  فقال:" إن الصلاة ستنهاه"فلم يلبث أن تاب وصلحت حاله. فقال رسول الله :" ألم أقل لكم» نسأل الله أن ينفعنا وإياكم بصلاتنا.

هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على النبي الأمين، فقد أمركم بذلك مولانا الكريم، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

وارْضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين، خصوصا الأنصار منهم والمهاجرين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 اللهم وفق للخير أمير المؤمنين محمدا السادس، اللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتجمع به شمل المسلمين، اللهم بارك له في ولي عهده المولى الحسن، واشدد اللهم أزره بصنوه مولاي رشيد، واحفظه اللهم في جميع الأسرة الشريفة يارب العالمين. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين ، وأذِلَّ الشرك والمشركين، وأَدِمْ عَلَى بلدنا الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.

اللّهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي فيها معادنا، واجعل الحياة زيادة لنا في كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر. اللّهم إنّا نسألك فعل الخيرات، وترك المنكرات، وحبّ المساكين، وأن تغفر لنا وترحمنا، ونسألك حبّك، وحبّ من يُحبّك، وحبّ كل عمل يقربنا إلى حبّك.

 اللَّهُمَّ إنا نسألكَ الجنةَ لنا ولوالدينَا، ولمَن له حقّ علينَا، وللمسلمينَ أجمعينَ.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا