سلسلة حفظ الأعراض التحذير مِنْ خَطَرِنشرالشائعات - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

سلسلة حفظ الأعراض التحذير مِنْ خَطَرِنشرالشائعات

تَحْذِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، مِنْ خَطَرِ نَشْرِ الشَّائِعَاتِ

من اعدادفضيلة الأستاذ : رشـيد الـمعاشي

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، حَرَّمَ نَشْرَ الشَّائِعَاتِ عَلَى عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، شَهَادَةً يَسْتُرُ بِهَا عُيُوبَنَا فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الدِّينِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، أَمَرَنَا بِسَتْرِ عُيُوبِ النَّاسِ فِي كُلِّ وَقْتٍ وَحِينٍ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ الطَّيِّبِينَ الطَّاهِرِينَ، وَمَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

حَدِيثُنَا مَا زَالَ مُتَوَاصِلًا وَإِيَّاكُمْ فِي مَوْضُوعِ حُرْمَةِ أَعْرَاضِ النَّاسِ، وَخُلَاصَةُ مَا ذَكَرْنَا فِي الْجُمُعَةِ الْمَاضِيَةِ: أَنَّ شَرِيعَةَ الْإِسْلَامِ لَمْ تَكْتَفِ بِتَحْرِيمِ انْتِهَاكِ الْأَعْرَاضِ فَحَسْبُ، بَلْ وَضَعَتْ وَسَائِلَ لِحِمَايَتِهَا، مِنْ خِلَالِ تَحْرِيمِ كُلِّ مَا مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَضُرَّ بِهَا، كَالزِّنَا، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلَاتِ، وَالْخَلْوَةِ، وَالْغِيبَةِ، وَالنَّمِيمَةِ، أَمَّا الْيَوْمَ فَسَنَعِيشُ وَإِيَّاكُمْ - بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى - هَذِهِ اللَّحَظَاتِ الْمُبَارَكَةَ، وَهَذِهِ الدَّقَائِقَ الْمَعْدُودَةَ، مَعَ خُطْبَةٍ تَحْتَ عُنْوَانِ: تَحْذِيرُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، مِنْ خَطَرِ نَشْرِ الشَّائِعَاتِ، وَسَيَنْتَظِمُ كَلَامُنَا حَوْلَ هَذَا الْعُنْوَانِ فِي ثَلَاثَةِ عَنَاصِرَ:

الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ: تَعْرِيفُ الشَّائِعَاتِ وَخَطَرُهَا، فَالشَّائِعَاتُ جَمْعُ: شَائِعَةٍ، وَهِيَ لُغَةً مُشْتَقَّةٌ مِنْ فِعْلِ: شَاعَ بِمَعْنَى: ظَهَرَ وَانْتَشَرَ، وَيُقَالُ: شَاعَ بِالْخَبَرِ أَيْ: أَذَاعَهُ وَنَشَرَهُ. وَالشَّائِعَاتُ فِي الِاصْطِلَاحِ الشَّرْعِيِّ هِيَ: الْأَحَادِيثُ وَالْأَقْوَالُ وَالْأَخْبَارُ التِي يَتَنَاقَلُهَا النَّاسُ، وَالْقِصَصُ التِي يَرْوُونَهَا دُونَ التَّثَبُّتِ مِنْ صِحَّتِهَا، أَوِ التَّحَقُّقِ مِنْ صِدْقِهَا، وَيَكُونُ مَنْشَأُهَا غَالِبًا: خَبَراً مِنْ شَخْصٍ، أَوْ جَرِيدَةٍ، أَوْ مَجَلَّةٍ، أَوْ إِذَاعَةٍ، أَوْ تِلْفَازٍ، أَوْ مَوْقِعٍ إِلِكْتْرُونِيٍّ، أَوْ شَرِيطٍ مُسجَّلٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ...

 وَالشَّائِعَاتُ إِذَا تَعَلَّقَتْ بِالْإِعْرَاضِ فَهِي سِلَاحٌ خَطِيرٌ يَفْتِكُ بِالْمُجْتَمَعَاتِ، وَيُحَوِّلُ جَمَعَهُمْ إِلَى فُرْقَةٍ وَتَمَزُّقٍ وَشَتَاتٍ، وَيَنْشُرُ بَيْنَهُمْ سُوءَ الظَّنِّ فِي كُلِّ الْمُعَامَلَاتِ، وَيُؤَجِّجُ نَارَ الفِتْنَةِ عَلَى كَافَّةِ الْمُسْتَوَيَاتِ، وَاللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ... وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ: وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ... وَإِنَّمَا كَانَتِ الْفِتْنَةُ أَشَدَّ مِنَ الْقَتْلِ لِأَنَّ الْقَتْلَ يَقَعُ عَلَى نَفْسٍ وَاحِدَةٍ لَهَا حُرْمَةٌ مُصَانَةٌ، أَمَّا الْفِتْنَةُ فَهِيَ تَهْدِمُ بُنْيَانَ الْمُجْتَمَعِ بِأَسْرِهِ، فَكَمْ مِنْ أُسِرٍ شُتِّتَتْ، وَكَمْ مِنْ أَرْحَامٍ قُطِّعَتْ، وَكَمْ مِنْ عَلَاقَاتٍ مُزِّقَتْ بِسَبَبِ الشَّائِعَاتِ، لِأَنَّ الشَّائِعَاتِ تَنْتَشِرُ انْتِشَارَ النَّارِ فِي الْهَشِيمِ، فَتُعْمِي عَنِ الْحَقِّ وَعَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ. 

الْعُنْصُرُ الثَّانِي: حُكْمُ نَشْرِ الشَّائِعَاتِ، فَنَشْرُ الشَّائِعَاتِ التِي تَطْعَنُ فِي أَعْرَاضِ النَّاسِ حَرَّمَهَا دِينُ الْإِسْلَامِ، وَجَعَلَهَا مِنْ كَبَائِرِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَمِنْ مُوجِبَاتِ سَخَطِ رَبِّ الْبَرِيَّاتِ، وَمِنْ أَسْبَابِ الشَّقَاءِ فِي الْحَيَاةِ وَبَعْدَ الْمَمَاتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ. وَقَالَ عَزَّ مَنْ قَائِلٍ: إِنَّ الَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ الْغَافِلاتِ الْمُؤْمِنَاتِ لُعِنُوا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الْإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لَا تُؤْذُواْ الْمُسْلِمِينَ وَلَا تُعَيِّرُوهُمْ وَلَا تَتَّبِعُواْ عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ.  


نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَة

اَلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

الْعُنْصُرُ الثَّالِثُ: سَتْرُ الْمُؤْمِنِ وَفَضْلُهُ، فَسَتْرُ الْمُؤْمِنِ هُوَ: تَغْطِيَةُ عُيُوبِهِ وَإِخْفَاءُ زَلَّاتِهِ وَهَفَوَاتِهِ وَقَبَائِحِهِ، وَهُوَ خُلُقٌ نَبَوِيٌّ كَرِيمٌ، وَسَبَبٌ لِلْفَوْزِ بِسَتْرِ اللَّهِ لِلْعَبْدِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، لِأَنَّ الْجَزَاءَ مِنْ جِنْسِ الْعَمَلِ، رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّهَا قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ إِذَا بَلَغَهُ عَنْ أَحَدٍ مَا يَكْرَهُهُ لَمْ يَقُلْ: مَا بَالُ فُــــلانٍ يَقُولُ كَـــذَا، وَلَكِــنْ يَقُولُ: مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَصْنَعُـــونَ أَوْ يَقُولُونَ كَذَا... يَنْهَى عَنْهُ وَلا يُسَمِّي فَاعِلَهُ. وَرَوَى ابْنُ مَاجَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: مَنْ سَتَرَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ سَتَرَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ... 

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ ﷺ قَالَ: مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. فَاتَّقُواْ اللَّهَ – أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ – فِي أَنْفُسِكُمْ، وَاقْطَعُواْ دَابِرَ الشَّائِعَاتِ التِي تَطْعَنُ فِي أَعْرَاضِكُمْ، وَاسْتُرُواْ إِخْوَانَكُمْ يَسْتُرْكُمُ اللَّهُ فِي حَيَاتِكُمْ وَبَعْدَ مَمَاتِكُمْ، وَلِلْحَدِيثِ بَقِيَّةٌ فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

اَلــــدُّعَــــــــاءُ:...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا