علو الهمة في طلب الجنة - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

علو الهمة في طلب الجنة

إعداد فضيلةالأستاذ: محمد زراك 

الجمعة 5 جمادى الأولى 1443هـ الموافق لـ 10 دجنبر2021

الحمد لله الذي جعل الجنة دار كرامة لأهل الإيمان، ورزقهم الهمة العالية ليفوزوا فيها بالفردوس والرضوان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الكريم المنان، امتن على من شاء من عباده بالتوفيق والهداية والإحسان، وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله خير إنسان، علَّمنا أن نسأل الله تعالى الدرجات العالية في الجنان، اللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أهل الهمم الحسان، وعلى من تبعهم إلى يوم الدين بإحسان { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ }

أما بعد فيا معشر المؤمنين والمؤمنات؛ خلق الله تعالى الجنة مقام نعيم، وجعلها دار كرامة لعباده الصالحين، عرضها السموات والأرض،وترابها المسك، ونساؤها الحور العين، قصورها من ذهب وفضة، وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ، وأعظم من هذا وذاك، لذةُ النظر إلى وجه إلى الله الكريم، قال الله تعالى:{ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ }  "فالحسنى الجنة، والزيادة النظر إلى وجه الله الكريم"  فاللهم إنا نسألك الجنة ولذة النظر إلى وجهك الكريم.

أيها المؤمنون؛ إن دخول الجنة أمنية كل واحد من المؤمنين والمؤمنات، وغاية كل المسلمين والمسلمين، يعبدون الله حق عبادته ويجتهدون في التقرب إليه وطاعته، ويتسابقون بهمم عالية إلى مرضاته، رجاء الفوز بالدرجات العلى في جناته.

فهذا الصحابي الجليل أبو بكر الصديق رضي الله عنه لما سمع من رسول الله  ﷺ أن الناس يدخلون من أبواب الجنة بحسب نوع أعمالهم "... فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان»، فقال أبو بكر رضي الله عنه : هل يدعى منها كلها أحد يا رسول الله؟ قال: «نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر» 

فهذا السؤال من أبي بكر رضي الله عنه  يدل على أن أبا بكر كانت له همة عالية فأخذ بنصيب وحظ وافر من هذه الأعمال كلها، من الصلاة والصدقة والصيام والجهاد لينادى عليه للدخول من جميع الأبواب ولذلك قال له الرسول «نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر» وهذا دليل على أن كل مؤمن ومؤمنة كان من أهل هذه الاعمال المتنوعة، سينال هذه البشارة العظيمة فيدخل مما شاء من أبواب الجنة، ويفوز فيها بالدرجات العالية.

لكننا يا عباد الله نحتاج إلى همة عالية في طلب الجنة كهمة أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، لأن الناس غالبا يختلفون في هممهم فهذا همته في المال وهذا همته في النساء وهذا همته في المناصب وهذا همته في الاخرة والجنة،لا يستوون في هممهم وكذلك لا يستون في جزائهم عند الله تعالى، يقول سبحانه:{ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا } 

إن الفوز بالفردوس الأعلى ليس بالأمر السهل الهين اليسير، فهو شاق وصعب وعسير، أفنى فيه الصحابة أوقاتهم وليلهم ونهارهم وراحتهم وأموالهم وأرواحهم.

فهذا حارثة بن مالك رضي الله عنه  سأله رسول الله  "كيف أصبحت يا حارثة؟ قال: أصبحت مؤمنا حقا، قال: «.. فما حقيقة ذلك؟» قال: عزَفت(زهدت) نفسي عن الدنيا وأسهرت ليلي وأظمأت نهاري ...فقال له ﷺ

: «عبد نور الله الإيمان في قلبه؛ عرفت فالزم»  إن المتأمل لكلام حارثة يدرك كم كان عاليَ الهمة في طلب الجنة، ترك الدنيا وشهواتها، وأظمأ نهاره بالصيام وأحيا ليله بالقيام، لينال الفردوس الأعلى في الجنان، وقد حقق الله له ما تمنى فعندما استشهد رضي الله عنه  في غزوة بدر، أتت أمه إلى رسول الله ﷺ فقالت:«أخبرني عن حارثة لئن كان أصاب خيرا احتسبت وصبرت، وإن لم يصب الخير اجتهدت في الدعاء، فقال النبي  ﷺ"يا أم حارثة...إن ابنك أصاب الفردوس الأعلى» ! الله أكبر 

أين نحن يا عباد الله من هذه الهمة العالية في طلب الجنة؟ إننا حينما نقارن أنفسنا بالصحابة الكرام نرى فرقا كبيرا، لأن كثيرا منا ضعُفت همته وفترت عزيمته، ضيع الصلوات ونام عن صلاة الفجر، وهجر كتاب الله، ويقع في الفواحش والمنكرات، ويخون أماناتِه وعهودَه، وساءت أخلاقه، وأكل المال الحرام، وعق والديه وظلم زوجته وحرم بناته وأخواته من الميراث، أهذه هي الأعمال التي توصله إلى الفردوس الأعلى؟ لا وألف لا! «..ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة» . 

تَرجو النَجاةَ وَلَم تَسلُك مَسالِكَها ** إِنَّ السَفينَةَ لا تَجري عَلى اليَبَسِ 

فالله الله إخواني وأخواتي في أنفكسم كونوا أصحاب الهمم العالية في طلب الجنة، فإن الدنيا مهما طالت فهي زائلة وفانية، والاخرة آتية وباقية {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} 

فاللهم نجنا من النار وأدخلنا الجنة مع الأبرار، نفعني الله وإياكم بالقران العظيم وبحديث سيد المرسلين وغفر لي ولكم ولسائر المسلمين اجمعين والحمد لله رب العالمين.

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين.

أما بعد فيا عباد الله؛ يقول الله تعالى{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا خَالِدِينَ فِيهَا لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا }

يبين الله جل وعلا في هذه الآيةالكريمةأن الإيمان والأعمال الصالحة سبب في نيل جنات الفردوس،وعليه فإن المؤمن يجاهد نفسه ويُلزمها طاعة الله ويقدم لنفسه الأعمال الصالحات من أداء الصلوات والصدقات، ونوافل الصيام والقيام والاكثار من السجدات، ويتقرب الى الله تعالى بتلاوة آيات القران البينات، ويَردُّ الحقوق إلى أهلها والمظلمات، ويهجرُ المعاصيَ والرذائل والمنكرات، ويجدِّدُ التوبة الى الله تعالى في كل الأوقات.

وبعد أن يجتهد في هذه الأعمال الصالحات، يتوجه الى الله بالدعوات، فيسأله الفردوس الأعلى في الجنات، يقول رسول الله ﷺ «... إذا سألتم الله فسلوه الفردوس، فإنه أوسطُ الجنة، وأعلى الجنة، وفوقه عرشُ الرحمن، ومنه تَفَجَّرُ أنهار الجنة»  اللهم إنا نسألك الفردوس الأعلى يارب العالمين.

هذا وأكثروا من هذا وأكثروا من الصلاة والسلام على النبي الأمين، فقد أمركم بذلك مولانا الكريم، {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت وسلمت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، في العالمين إنك حميد مجيد.

وارْضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين، أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة الأكرمين، خصوصا الأنصار منهم والمهاجرين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم وفق للخير أمير المؤمنين محمدا السادس، اللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتجمع به شمل المسلمين، اللهم بارك له في ولي عهده المولى الحسن، واشدد اللهم أزره بصنوه مولاي رشيد، واحفظه اللهم في جميع الأسرة الشريفة يارب العالمين. اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين ، وأذِلَّ الشرك والمشركين، وأَدِمْ عَلَى بلدنا الأَمْنَ والأَمَانَ وَعلَى سَائِرِ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ.

اللهم اجعلنا يوم الفزع الاكبر من الامنين ولحوض نبيك من الواردين ولكأسه من الشاربين، وعلى الصراط من العابرين وعن النار مزحزحين، والى اعلى جناتك سابقين،والى وجهك الكريم من الناظرين..

اللَّهُمَّ إنا نسألكَ الجنةَ لنا ولوالدينَا، ولمَن له حقّ علينَا، وللمسلمينَ أجمعينَ.

{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}{سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين }

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا