فضائل الذكر وأحوال الذاكرين
أحمدالبعمراني
ألقيت في 11 جمادى الأولى 1440- 18 نونبر 2019.
الحمدلله الذي أعد لعباده الذاكرين مغفرة وأجراعظيما وأورث من سبحه وعظمه في الجنة نخلا وجنانا كثيرة، وأشهد أنه الله الذي لاإله إلاهو وحده لاشريك له القائل "أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعهُ إِذَا ذَكَرَني، .."
وأشهدأن محمدا عبده ورسوله الذي قال "لايَزالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ " اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أمابعد أيها الإخوة المومنون أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله وطاعته ، وتعظيم شأنه والثناء عليه، والإكثارمن ذكره فإ
ن ذكر الله نعمة كبرى، ومنحة عظمى، به تستجلب النعم، وبمثله تستدفع النقم، وهو قوت القلوب، وقرة العيون، وسرور النفوس، وروح الحياة، وحياة الأرواح.
ما أشد حاجة العباد إليه، وما أعظم ضرورتهم إليه ، لايستغني عنه المسلم بحال من الأحوال.
ولما كان ذكر الله بهذه المنزلة الرفيعة والمكانة العالية فأجدر بالمسلم أن يتعرف عليه وعلى فضله وفوائده،وعلى بعض أحوال الذاكرين لله تعالى.
تعريف الذكر:
أيها الإخوة الكرام جاء الذكر في اللغة على انه مصدر ذَكَر الشيء يذكُره ذِكْرا، وذُكْرا، وقال الكسائي: الذكر باللسان ضد الإنصات، ذاله مكسورة، وبالقلب ضد النِّسيان وذاله مضمومة، وقال غيره: بل هما لغتان.
وهو يأتي في اللغة لمعان:
الأول: الشيء يجري على اللسان، أي ما يُنطَق به، يقال: ذكرْت الشيء أذكره ذُكرا وذِكرا إذا نطقت باسمه أو تحدثت عنه، ومنه قوله تعالى: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا [مريم
والثاني: استحضار الشيء في القلب، وهوضد النسيان. قال تعالى حكاية عن فتى موسى: وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف
وهو يأتي في اللغة لمعان:
الأول: الشيء يجري على اللسان، أي ما يُنطَق به، يقال: ذكرْت الشيء أذكره ذُكرا وذِكرا إذا نطقت باسمه أو تحدثت عنه، ومنه قوله تعالى: ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا [مريم
والثاني: استحضار الشيء في القلب، وهوضد النسيان. قال تعالى حكاية عن فتى موسى: وَمَا أَنْسَانِيهُ إِلَّا الشَّيْطَانُ أَنْ أَذْكُرَهُ [الكهف
أما في الاصطلاح، فيستعمل الذكر بمعنى ذكرالعبد لربه عز وجل، سواء بالإخبارعن ذاته، أو صفاته، أو أفعاله، أو أحكامه أو بتلاوة كتابه، أو بمسألته ودعائه، أو بإنشاء الثناء عليه بتقديسه، وتمجيده وتوحيده وحمده وشكره، وتعظيمه في شتى أصناف العبادات، كمايستعمل الذكر اصطلاحا بمعنى أخص من ذلك، فيكون بمعنى إنشاء الثناء على الله وذكره بالأدعية والتسبيحات ، والتهليلات، والكبيرات وغيرها.
أفضل الذكر:
وذكر ابن القيم رحمه الله أن أفضل الذكر: ما تواطأ عليه القلب واللسان، وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده، لأن ذكر القلب يثمر المعرفة بالله، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات، والتهاون في المعاصي والسيئات، وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئاً من هذه الآثار، وإن أثمر شيئاً منها فثمرة ضعيفة.
وذكر ابن القيم رحمه الله أن أفضل الذكر: ما تواطأ عليه القلب واللسان، وإنما كان ذكر القلب وحده أفضل من ذكر اللسان وحده، لأن ذكر القلب يثمر المعرفة بالله، ويهيج المحبة، ويثير الحياء، ويبعث على المخافة، ويدعو إلى المراقبة، ويزع عن التقصير في الطاعات، والتهاون في المعاصي والسيئات، وذكر اللسان وحده لا يوجب شيئاً من هذه الآثار، وإن أثمر شيئاً منها فثمرة ضعيفة.
فضائل الذكر :
إخوة الإيمان : وللذكرفضائل متعددة، وفوائد جمة، جاءت في سنة نبينا وكتاب ربنا.
فمن فضائل الذكرقوله: ﷺ ألا أخبركم بخيرأعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } [رواه أحمد.
فمن فضائل الذكرقوله: ﷺ ألا أخبركم بخيرأعمالكم وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم، ويضربوا أعناقكم } قالوا: بلى يا رسول الله. قال: { ذكر الله عز وجل } [رواه أحمد.
وفي صحيح البخاري عن أبي موسى، عن النبي ﷺ قال: { مثل الذي يذكر ربه، والذي لايذكر ربه مثل الحي والميت. وشتان بين حي وميت .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله: ﷺ يقول الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي : أنا عند ظن عبدي بي، وأنا معه إذا ذكرني، فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم.
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " من عجز منكم عن الليل أن يكابده، وبخل بالمال أن ينفقه، وجبن عن العدو أن يجاهده، فليكثر ذكر الله " (1)
وروى أبوهريرة عن رسول الله ﷺ قال :" سبق المفردون " , قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ , قال: " الذاكرون الله كثيرا والذاكرات "
وجاء في فضلُ الذكر في الأسواق ومواطن الغفلة
عن عمرَ مرفوعاً : (( مَنْ دخلَ سوقاً يُصاحُ فيه ويُباع ، فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له المُلك وله الحمدُ يُحيي ويُميت وهو حيّ لا يموتُ بيده الخير وهُو على كلِّ شيءٍ قدير ، كتب الله له ألفَ ألفَ حسنة ، ومحا عنه ألفَ ألفَ سيئة ، ورفع له ألف ألفِ درجة. (2)
وجاء في فضلُ الذكر في الأسواق ومواطن الغفلة
عن عمرَ مرفوعاً : (( مَنْ دخلَ سوقاً يُصاحُ فيه ويُباع ، فقال : لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له المُلك وله الحمدُ يُحيي ويُميت وهو حيّ لا يموتُ بيده الخير وهُو على كلِّ شيءٍ قدير ، كتب الله له ألفَ ألفَ حسنة ، ومحا عنه ألفَ ألفَ سيئة ، ورفع له ألف ألفِ درجة. (2)
وكلماكثَّر المومن من ذكر الله تكثرالبساتين والفاكهة والاشجار التي من نصيبه في الجنة,ففي صحيح البخاري في حديث الإسراء والمعراج ولقاء النبي ﷺ لإبراهيم عليه السلام قوله له :يامحمد اقرأ أمتك مني السلام وأخبرهم أن الجنة قيعان (أي أراض شاسعة وبدون غرس) وأن غراسها سبحان الله والحمد لله ولاإله إلا الله والله أكبر, ولاحول ولا قوة الا بالله كنز من كنوز الجنة.
وكفى بهذا خيرا كثيرا وثواباعظيما.
وكفى بهذا خيرا كثيرا وثواباعظيما.
ثم أن الله تعالى أمر عباده بالذكر، فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً }: وقال تعالى{ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ..} الأحزاب . وعن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه قال " لكل شيء جلاء، وإن جلاء القلوب ذكر الله عز وجل. وقال تعالى يقول {ألابذكرالله تطمئن القلوب }.
فوائد الذكر:
كما أن للذكر فوائد تعود على صاحبه في الدنيا والآخرة ، ذكرابن القيم منها في كتابه مأة فائدة ، نذكرمنها إحدى عشرة فائدة :
أولها: أنه يطرد الشيطان ويقمعه ويكسره. الثانية: أنه يرضي الرحمن عز وجل. الثالثة: أنه يزيل الهم والغم عن القلب. الرابعة: أنه يجلب للقلب الفرح والسرور والبسط. الخامسة: أنه يقوي القلب والبدن.
السادسة: أنه ينور الوجه والقلب. السابعة: أنه يجلب الرزق. الثامنة: أنه يكسو الذاكر المهابة والحلاوة والنضرة. التاسعة: أنه يورثه المحبة التي هي روح الإسلام. العاشرة: أنه يورثه المراقبة حتى يدخله في باب الإحسان. الحادية عشرة: أنه يورثه الإنابة، وهي الرجوع إلى الله عز وجل.
اللهم لاتحرمنا هذا الخير واجعلنا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات أقول ماتسمعون وغفرالله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين .
الخطبة الثانية
الحمدلله رب العالمين لايستحق الحمد سواه ، وأشهدأن لاإله إلاالله ولي الصالحين ، الذاكر من ذكره ، والمجيب من دعاه ، واشهدأن سيدنا وحبيبنا محمداعليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم .
أمابعد،عبادالله :إن المحبين يستوحشون من كلِّ شاغلٍ يَشغَلُهم عن الله وذكره ، فلا شيءَ أحبَّ إليهم من الخلوة بحبيبهم .
قال عيسى عليه السلام : يا معشر الحواريين كلِّموا الله كثيراً ، وكلموا الناس قليلاً ، قالوا : كيف نكلِّم الله كثيراً ؟ قال : اخلوا بمناجاته ، اخلوا بدُعائه. أخرجه : أبو نعيم في " الحلية "
وكان خالد بنُ معدان يُسبِّحُ كلَّ يوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من القرآن ، فلما مات وضع على سريره ليغسل ، فجعل يُشير بأصبعه يُحركها بالتسبيح.
وقيل لعمير بن هانئ : "ما نرى لسانَك يَفتُرُ ، فكم تُسبِّحُ كلَّ يوم ؟ قال : مئة ألف تسبيحة ، إلا أنْ تُخطئ الأصابع ، يعني أنَّه يَعُدُّ ذلك بأصابعه"
وقال عبد العزيز بنُ أبي رَوَّاد : كانت عندنا امرأةٌ بمكة تُسبح كلّ يوم اثني عشرة ألف تسبيحة ، فماتت ، فلما بلغت القبر ، اختُلِست من بين أيدي الرجال
وقيل لمحمد بن النضر: أما تستوحِشُ وحدَك ؟ قال : كيف أستوحِشُ وهو يقول : أنا جليسُ من ذكرني. وهويقصد الله عزوجل.فإذا قَوِي حالُ المحبِّ ومعرفته بالله ، لم يشغَلْهُ عن الذكر بالقلب واللسان شاغل ، فهو بَينَ الخلق بجسمه ، وقلبه معلق بالله ، كما قال عليٌّ رضي الله عنه في وصفهم : صَحِبوا الدُّنيا بأجسادٍ أرواحُها معلقة بالمحلِّ الأعلى ، وفي هذا المعنى أنشدبعضهم :
جسمي معي والروح عندكم
فالجسم في غربة والروح في وطن.
وقال آخر:
ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي
وقال آخر:
ولقد جعلتك في الفؤاد محدثي
وأبحت جسمي من أراد جلوسي .
فالجسم مني للجليس مؤانس
فالجسم مني للجليس مؤانس
وحبيب قلبي في الفؤاد أنيسي.
وعندماأصيب عروة ابن الزبير في رجله أشار عليه الأطباء ببترساقه ، ولمااجتمعوا على عروة, قالوا: اشرب الخمر. وهو شرابب مخدر ، حتى لا يشعر بألم قطع ساقه وبترها فرفض رفضا فاطعا ، وأبى مستنكراً ذلك, وقال: كيف أشربها وقد حرمها الله في كتابه؟!
قالوا: فكيف نفعل بك إذاً؟! قال: دعوني أصلي. فإذا قمت للصلاة فشأنكم وما تريدون!! وقد كان رحمه الله إذا قام يصلي سهى عن كل ما حوله وتعلق قلبه بالله تعالى. وعندما قام يصلي, تركوه حتى سجد, فكشفوا عن ساقه وقطعوا اللحم حتى وصلوا للعظم, ثم أخذوا المنشار ونشروا العظم, حتى قطعوا الساق كاملةً وهو ساكن مطمئن بصلاته لم يحرك ساكناً.!
هذه كانت أحوال الذاكرين فكيف حالنا ؟!فالله المستعان !
إخواني أخواتي ،عندمايرى احدنا نفسه غارقا في الهموم والأكدارفليعلم أنه لربما غارق في الغفلة والله يريد أن ينبهه، فلنرجع ونتب إلى الله ولنستغفر ونتلو الأيات ونسبح بحمد ربنا بكرة وعشيا.وبعدذلك يطمئن القلب ويرتاح الضمير وتفرج الهموم والكروب ،قال تعالى : {ألابذكرالله تطمئن القلوب }اللهم ذكرنا إذاغفلنا وعلمنا ماجهلنا وانفعنا بماعلمتنا آمين..
إخواني أخواتي ،عندمايرى احدنا نفسه غارقا في الهموم والأكدارفليعلم أنه لربما غارق في الغفلة والله يريد أن ينبهه، فلنرجع ونتب إلى الله ولنستغفر ونتلو الأيات ونسبح بحمد ربنا بكرة وعشيا.وبعدذلك يطمئن القلب ويرتاح الضمير وتفرج الهموم والكروب ،قال تعالى : {ألابذكرالله تطمئن القلوب }اللهم ذكرنا إذاغفلنا وعلمنا ماجهلنا وانفعنا بماعلمتنا آمين..
___________
المراجع :
(1) - أخرجه عبد بن حميد [641] والطبراني في الكبير (48/11 )والبيهقي في الشعب (310،1 /225).
(2) - رواه أحمد وابن ماجه والترميدي عن ابن عمر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا