خطبة الجمعة: أثرالتربية الإيمانية ودورها في صلاح الأبناء - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة الجمعة: أثرالتربية الإيمانية ودورها في صلاح الأبناء

أحمدالبعمراني 
الحمدلله الذي يهب من يشاء من عباده البنين والبنات،وجعل مسئولية تربيتهم على عاتق الآباء والأمهات،وأشهد أن لاإله إلاالله وحده لاشريك له وأشهد أن سيدناونبينا محمدا عبده ورسوله، معلم الأمة وخيرالبرية الذي قال" ياغلام سم الله وكل بيمينك وكل ممايليك"اللهم صل وسلم على هذا النبي الأمين وعلى أله وصحابته أجمعين ومن اقتدى بهداهم إلى يوم الدين .

أمابعد :أيها الإخوة المومنون . إن أول مانتواصى به أن نتق الله عزوجل ونخافه في السروالعلن، ونراقبه في كل حركاتنا وسكناتنا، ونتقيه في أبنائنا وبناتنا وان نكون على قدر المسئولية تجاههم وأن نحرص على تكوينهم إيمانيا وأخلاقيا واجتماعيا على ضوء ماتدعوا إليه الشريعة الإسلاميةالسمحة من قيم أخلاقية سامية
ومعاملة راقية في إطارالتربية الإيمانية التي تربي الأبناء على الدين الحنيف والخلق الجميل؛

فإن تربية الأبناء أمر واجب على الآباء ، فينبغي ان تكون ضمن أولى أولوياتهم، لاسيمافي هذاالعصر الذيي أصبح فيه العالم كقرية صغيرة ، وساءت فيه أخلاق بعض الشباب بعد أن زاحم الأباء على تربية أبنائهم :الأنترنيت - والفضائيات- والمجلات - وغيرها وأضحت هذه الوسائل تشكل تهديدا حقيقيا لمستبقل الأبناء ، نتيجة سوء استخدامهم لهذه التقنية.

ولايخفى عليكم عبادالله : أن هذا الذي أصبح منتشرافي شباب الأمة من فساد للأخلاق والأذواق، وانحراف في السلوك وعنف وعقوق ، ماهو إلانتيجة حتميةلهذا الواقع الذي يندى له جبين الأمة!

لذلك آن الأوان لمضاعفة جهود الأباء من أجل صلاح الابناء، وأن يبذلوا في ذلك الغالي والنفيس قصد حمايتهم وصيانة دينهم وأخلاقهم ، فإن الولد هبة من الله ، ونعمة من نعمه على العباد ، وللحفاظ على هذه النعمة واستدامتها ، لابد من شكرالله عليها بحسن التربية،وحق الرعاية 
قال :" فكلكم راع وكلهم مسؤول عن رعيته.. ".
ثم اعلموا عبادالله أن في صلاح الذرية سعادةوسرور، وفي فسادهم نكد وشقاء،كما قال تعالى في سورة الكهف {وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَن يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَأَرَدْنَا أَن يُبْدِلَهُمَا رَبُّهُمَا خَيْرًا مِّنْهُ زَكَاةً وَأَقْرَبَ رُحْمًا }
بل إن الولد الصالج امتداد لأبويه إذاتركاه يصل ثواب دعائه إليهما بعد الممات وكأنه صدقة جارية ، كما أخبربذلك حبيبنا المصطفى ﷺ فيما روى أبوهريرة رضي الله عنه أن رسول الله ﷺ قال: إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، رواه مسلم .

كمايلحق أبناء المومنين الذين تربوا على الإيمان بدرجة آبائهم في الجنة ، مصداقا لقوله تعالى:
{ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ } وقال ابن عباس رضي الله عنه بعد أن قرأ هذه الآية : إن الله تبارك وتعالى يرفع للمؤمن ذريته, وإن كانوا دونه في العمل, ليقرّ الله بهم عينه.
لكن ينبغي على الآباء أن لايقصروا في واجباتهم  تجاه الأبناء وعليهم الأخذ بجميع الأسباب والوسائل الشرعيةالتي من ضمنها :
أولا: التوكل على الله والإعتماد عليه أولا وآخرا .
ثانيا: لزوم الدعاء لطلب الهداية من الله سبحانه وتعالى في أوقات الإستجابة لأنه دأب الأنبياء والصالحين كماجاء عن إبراهيم عليه السلام { رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِن ذُرِّيَّتِي ۚ رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاء } وفي دعاء عباد الرحمن {
رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا }
أي يا ربنا هب لنا من هباتك العظيمة الكثيرة أزواجاً، وذرية صالحة
 .

ثالثا :أن نطعم انفسنا وأبناءنا من مال حلال لقوله عليه الصلاة والسلام :(كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به )
رابعا: التخطيط الجيد والعمل بأساليب التربية الناجحة والصبرعلى ذلك لأن التربية تحتاج إلى نفس طويل ، وكي يقطف المربي ثمرة جهده يحتاج الأمر إلى سنوات  . 
فمن أساليب التربية الناحجة ـ التربية بالقدوة . فكن أنت كماتريد أن يكون أبناؤك صلاحا واستقامة ـ والتربية بالموعظة والتوجيه ـ والتربية بالملاحظة.بأن تراقب تصرفات أبنائك ـ والتربية بالعادة والتكرار، بدون كلل ولاملل ، حتى يصبح السلوك الجميل عادةأبنائك، واغتنم ساعات وجودك معهم في تنشئتهم وتعديل سلوكهم دوما للأفضل  ـ ثم التربية بالعقوبة، وهي أخرالحلول التي إن نجحنا في الأول لن نحتاج إليها أصلا.

 وكل هذه الأساليب واردة في سنة حبيبنا المصطفى ﷺ
فهوخيرالقدوات فلقد كان ﷺ أباحنونا ومعلما ومربيا ناجحا ونبيا متبعا فهوالذي نتعلم منه ﷺ وهو معلم البشرية وهوالذي قال  ( ما نحل والد ولده من نحل أفضل من أدب حسن) رواه الترمذي ومعنى نحل أي أعطى وقال أيضا فيما رواه أحمد وأبوداوود ( مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عَشْر، وفرقوا بينهم في المضاجع) .

وفي حديث أخر وإن كان إسناده ضعيفا: ( أدبوا أولادكم على ثلاث خصال، حب نبيكم، وحب آل بيته، وتلاوة القرآن )
وفي هذه الأحاديث مايدل على أهمية التربية الإيمانية التي تعد من أنجح الوسائل في تربية الأبناء فهي منهج الأنبياء والصالحين ؛

وعندما نتدبر آيات القرآن نجد إبراهيم ويعقوب عليهما السلام ، يعلمان أبناءهم العقيدة في قوله تعالى { ووَصَّى بِهَا إبْرَاهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إلاَّ وأَنتُم مُّسْلِمُونَ} وفي أول وصايا لقمان لابنه تحذيره له من الشرك ،قال تعالى {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ } ثم أمره بالصلاة وقال { يابني أقم الصلاة وأمربالمعروف وانه عن المنكرواصبرعلى ماأصابك} 
وهذا نبينا محمد  ﷺ أيضا يوصي عبد الله ابن عباس رضي الله عنهما فيقول: ( يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، وإذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله.. ).
في هذا الحديث استخدم النبي صلى الله عليه وسلم أسلوب الوعظ في تربية عبدالله بن عباس وتقوية رابطة الصلة بينه وبين الله، فعلمه أن يعتمدعليه في جميع أحواله ويتوجه إليه في قضاء حوائجه وأن يحفظ امره وشرعه ليحفظه الله.
وروى الشيخان عن عمر بن أبي سلمة رضي الله عنهما قال: كنت غلامًا في حجر رسول الله ﷺ وكانت يدي تطيش في الصحفة، فقال لي رسول الله صلى الله وسلم :
( ياغلام سم الله وكل بيمينك وكُلْ مما يليك )ثم قال فما زالت تلك طُعمتي بعد؛ متفق عليه.
فهذا توجيه نبوي كريم استخدم أسلوب الملاحظة ولم يفوت الفرصة ليقوم سلوك الطفل ويعلمه أدب الطعام. ففي هذاالحديث مشروعية تربية الصغارعلى الآداب الشرعية، وأن الصغير يتأثر بذلك، وينطبع في ذهنه.

وهكذافإن أطفالنا خلقواعلى الفطرة النقية التي فطر الله الناس عليها لكنها قابلة للخير أو الشر حسب البيئة التي يعيشون فيها فإنهم كالوعاء الفارغ وكذلك الولد فإذا ملأته بالخيرنفع نفسه وآباءه ومجتمعه وإذا أهمل كان العكس قال ﷺ ( كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)‏‏‏  وفي الحديث إشارة إلى وجوب العناية بأمر الأطفال منذ الولادة إلى أن يبلُغوا الحُلُم.

وعن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه قال: (وُلِد لي غلام، فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم، فسماه إبراهيم، فحنَّكه بتمرة، ودعا له بالبركة ودفعه إليَّ ) رواه البخاري.
ونفهم من هذا الحديث حرص الصحابة على تربية أبنائهم مند الصغربالدعاء واختيارأفضل الأسماء لهم.
اللهم أصلح ذريتنا وقوإيماننا وأعنا على تربية أبنائنا إنك سميع مجيب الدعاء.
الخطبة الثانية 
الحمدلله رب العالمين الهادي إلى سواء الصراط المتفضل علينا بعظيم المنح والمنن وجزيل النعم وأصلي وأسلم على حبيبنا وقدوتنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اهتدى بهديهم وربى على ذلك ابناءه إلى يوم الدين .

ثم أمابعد: معاشرالمومنين والمومنات .
إن الإهتمام بالأطفال مند نعومة أظفارهم من أعظم الأسباب التي تعين على صلاحهم عندالكبر وكلنا يحفظ تلك المقولة الشهيرة " التعلم من الصغر كالنقش على الحجر " بل إن الإسلام قد اهتم بالطفل قبل وبعد ولادته باختيارالأم الصالحة والأب الصالح الذين سيسهران على تربيتهم ، قال ﷺ "تزوجوا الودود الولود ) وقال أيضا ( إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ( وقال في جانب الأم:( فاظفر بذات الدين تربت يداك)  

المرأة ذات الدين هذه الأم الصالحة لاشك أنها ستعتني بولدها لتربيه أحسن تربية ، وترضعه مع حليب تديها الإيمان والأخلاق الحميدة ، وحب الخيرومعاملة الناس بالإحسان قولاوعملا وذلك عن طريق القدوة العملية والأسوة الحسنة وكذلك الأمر بالنسبة للأب لأن الأبناء غالبا مايقلدون الآباء
كمامثل أحد الشعراء في هذه الأبيات التي قال فيها :
مشى الطاووس يوما باختيال
                         فقلد شكل مشيته بنوه
فقال عَلامَ تختالون قالوا
                       بدأت به و نحن مُقَلِّدوه
فخالِف سيرَكَ المعوج واعدل
                        فإنا إن عَدَلتَ مُعَدِلوه
أما تدري أبانا كل فرع
                    يجاري بالخطى من أدبوه
وقال الشاعرالعباسي: أبو العلاء المعري
و ينشأ ناشئ الفتيان منا
                        على ما كان عوده أبوه . 
فإذاعودوه على مكارم الأخلاق يتربى على مكارم الأخلاق وإذاعودوه على الصلاة يتعود عليها وإذا صلح الآباء واستقاموا غالبا ماينشأ الأبناء على الإستقامة أيضا وهكذا
فإن الأبناء الذين تربوا وترعرعوا على هذا النهج القويم هم الذين تنتفع بهم الأمة ولايكونواعالة على المجتمع .

فعن ابن أبي أويس قال: سمعت خالي مالك بن أنس يقول: كانت أمي تلبسني الثياب، وتعممني وأنا صبي، وتوجهني إلى ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وتقول: يا بني! إئت مجلس ربيعة؛ فتعلم مِن سمته وأدبه، قبل أن تتعلم مِن حديثه وفقهه .فنشأ بعد ذلك الأمام مالك بن أنس عالما من العلماء المشهود لهم بالخير والصلاح وانتشرمذهبه في الأفاق.

وكذلك عبدالله بن عباس بفضل تربية النبي ﷺ ودعائه له بقوله (اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل) نشأعلى الصلاح وتربى على الدين القويم وأصبح من العلماء والمفسرين الكبار وصار يلقب بترجمان القرآن.

.ربنا هب لنا من ازواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا