خطبة جمعة :المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة جمعة :المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده

أعد هذه الخطبة :أبنواالدياني
. إمام المسجد العتيق بالأبيار مدينةكلميم 

إن الحمد لله ،نحمده ونستعينه ونستغفره ،ونتوب إليه ونتوكل عليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، ونشهد أن لاإله إلاالله وحده لا شريك له، ونشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله وصفيه وخليله، أدى الأمانة وبلغ الرسالة ونصح الأمة ومحا الجهالة ،وجهاد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، وإنا على ذلك من الشاهدين، فاللهم اجزه عن ذلك ماهو أهله، وصل اللهم وسلم  عليه ،وعلى اله وصحبه وسلم تسليما إلي يوم الدين،
أَمَّا بَعْدُ: أيها الإخوة الكرام أوصيكم ونفسي بتقوى الله 
وطاعته وأحذركم من معصيته ومخالفته

أمابعدعباد الله ، قال نبينا ﷺ : الْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ، والمؤمن من يأمن جاره بوائقه ،  (أي شرورَّهُ) وقال ﷺ : كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ،وبناء على كل ماتقدم فإننا نعلم علم يقين أن إيذاء المسلم لأخيه المسلم بأي نوع من أنواع الأذية حتى ولو كان حقيرا جدا وتافها جدا ، فإن الله سبحانه وتعالى قد حرمه تحريما كليا فقد قال النبي ﷺ: (سِبَابُ الْمُسْلِم فُسُوقٌ وَقِتالُهُ كُفْرٌ). 

ومعلوم أن سباب المسلم فيه إذاية كبيرة لكن هناك إذايات أكبر منه بكثير ومع ذلك فقد عده النبي ﷺ فسقا والفسق عبارة ومصطلح تجتمع فيه كل صفات الكبائر والسيئات والخطايا والذنوب والأذى بأي نوع كان فهو محرم شرعا وعقلا وعرفا وطبعا ولايصدر إلا عن ضعيف الإيمان وفاسد الطبع ورديئ الخلق ، ودنيئ  الأصل ، والإذاية تتفرع فروعا شتى ، أدناها  يساوي أعلاها ، 

فقد قال الله سبحانه وتعالى : (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) ،وقال سبحانه وتعالى (وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَّهِينٍ هَمَّازٍ مَّشَّاءٍ بِنَمِيمٍ  مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ عُتُلٍّ بَعْدَ ذَٰلِكَ زَنِيمٍ) ، وإن الله سبحانه وتعالى حرم المسلم على المسلم ،فدم المسلم حرام وهو أعلى درجات الإذاية سواء أكان قتلا أو جرحا أو ضربا أو ماشابه من كل مايوقع الأذى بجسد المسلم ،الجسد هو بناء الله تعالى ولعن الله من هدم بناءه ولايزال المؤمن في فسحة من دينه مالم يسفك دما حراما ، والتهديد بالقتل مساو للقتل بل قد يكاد يكون أكبر منه ، إذا انضافت إليه سلوكيات يرادمنها ترهيب الآمنين وتخويف المسالمين وإشاعة الخوف في صفوف المجتمع المسلم  ، والمشارك في ذلك ولو بكلمة لغرض القتل فإثمه كإثم القاتل سواء ، بل ولو بشطر كلمة، فكلمة أقتل تتكون من أربعة أحرف الألف والقاف والتاء واللام فمن قال أُقْ أي نطق بحرفين فقط اصبح مساويا للقاتل في الإثم.

 وأنواع الأذية الحرام ، سواء أكانت في النفس بالقتل مثلا أو في الجسد بالجرح والضرب أو في العقل ، بالسحر والعين والخمر والمخدرات أو كانت في المال بالسرقة والنهب والغصب والسلب والترامي على أملاك الغير والرشوة والربا وأكل أموال الناس بالباطل وما في معنى ذلك، أو كانت في العرض بالزناء واللواط  والسحاق والقذف ورمي المحصنات الغافلات المؤمنات ، وقذف المومنين وبتلفيق أي تهمة على أي وجه كانت أوبنفي الإبن من أبيه، بأن يقال هذا ليسَ وَلَدَ هذا والأعظم والأنكى والأشد والأدهى والأمر والأعتى مايشاع على ألسنة بعض الناس من أن القبيلة الفلانية مثلا جدها عقيم لايولد له ، أو أن القبيلة الفلانية التي تنتسب إلى الشرفاء فتلك النسبت غير صحيحة أوماشابه .
والخوض في الأعراض برغم سلسلة إثبات الإنتساب فكل ذلك لايجوز شرعا فإن نفي الإبن من أبيه هو القذف وحد القذف ثمانون جلدة وهو كبيرة بإجماع العلماء وصاحبه ملعون قطعا لايقبل الله منه فرضا ولانفلا ولا صرفا ولاعدلا.
 ومن أنواع الإذاية وهو أشدها على الإطلاق تشكيك المرء المسلم في دينه وَامْتِحَانُهُ في عقيدته وبث الشبهات والشكوك في نفسه حتى يتزلل يقينه فيصلُ إلى حافة الردة أو يقعُ فيها والعياذُ بالله تعالى دون أن يشعر ، ومن أشد أنواع الإذايات وأخطرها إذاية الجار للجار ولاسيما الجار القريب  الملاصق للدار أو القريب الرحم ولاسيما إن كان الذي أسيء إليه قد أحسن إلى قريبه وجاره الذي آذاه إحسانا كثيرا فإن تلك الإذاية داخلة في الكفر والعياذ بالله تعالى ، لذلك قال النبي ﷺ : عن النساء إنهن يكفرن قيل يارسول الله يَكْفُرْنَ باللهِ ؟ قال : يَكْفُرْنَ العَشِيرَ ، ويَكْفُرْنَ الإحسانَ ، لو أَحْسَنْتَ إلى أحدِاهن الدهرَ كلَّه ، ثم رأَتْ منك شيئًا ، قالت : ما رأيتُ منك خيرًا قطُّ .

وعلى كل حال فإننا لا يمكن أن نحيط بهذا الموضوع من جميع جوانبه لاستحالة ذلك أصلا وتعذره طبعا ومالايدرك كله لايترك كله، وقد علمنا علم يقين أن إذاء المسلم لأخيه المسلم لايجوز بأي وجه من الوجوه بل إنه يندب له ويستحب له أن يصبر عن الأذى ولايرد بالمثل عمن آذاه فيكف بالذي لم يؤذه أصلا  مصداقا لقوله تعالى {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ماعوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين } ، نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعيننا على ضبط جَوارِحِنَا وأنفُسِنا لنتمكن من ردعها عن الأذى إنه على كل شيء قدير، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه يغفر لكم إنه هو الغفور الرحيم.

الخطبة الثانية
الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه كما يحب ربنا ويرضى ، وأشهد ن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .

أما بعد  عباد الله:
فبالرغم مماذكرناه آنفا في الصورة الأولى من السلوك المشين للبعض من الناس الذي هومؤذ بطبعه فإن هناك نوعا  آخرمن الناس  محسن ومسالمٌ فالناس معادن ومنهم صابرٌ ومحتسبٌ ويُفَوِّضُ أمره إلى الله تعالى ، فإن من قال حسبنا الله ونعم الوكيل فقد رفع المسألة من عالم الأرض إلى عالم السماء وهي في ذلك العالم محسومةٌ قطعا، وأحال مِلَفَّهَا بعد أن سحبه من محكمة المخلوقين إلى محكمة خالق المخلوقين ومن مداولة القضاة إلى قاض القضاة يوم القيامة والظلم ظلمات يوم القيامة فإياك ودعوة المظلوم .
فهاؤلاء يجب على كل واحدأن يحترس منهم وأن يحذر دعوتهم ، فإن صبرهم لن يفضي بالظالم إلا إلى مالا تحمد عقباه في الدنيا والا في الآخرة فإن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب ، وهذا الصنف من الماس هم القدوة لغيرهم لأنهم اولياء الله والله تعالى يقول في الحديث القدسي :( من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب ) وفي النهاية لن يصيب المؤمن إلاماكتب الله له {قل لن يصيبنا إلا ماكتب الله لنا }: وليكن لسان حال المؤمن  (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) وأن يقول ( لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ  إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِوَذَٰلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ) وأن يقول (..حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ) وأن يستشعر دائما أنه مَكْفِيٌّ من جميع الأمور وأن هناك من هو أدرى بمصالحه منه، ألا وهو الله رب الأرباب ملك الملوك وهو احكم الحاكمين سبحانه وتعالى.
 وهكذا المومن الذي يفوض امره إلى الله تعالى في كل نائبة ويمتثل أوامر نبيه ﷺ حيث قال : " أَلا أَدُلُّكُمْ عَلَى أَكْرَمِ أَخْلاقِ الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ؟ أن تَعْفُوعَمَّنْ ظَلَمَكَ , وَتَصِلُ مَنْ قَطَعَكَ , وَتُعْطِي مَنْ حَرَمَكَ " وهذه المواصفات إن وجدت في شخص وهي موجودة ولله الحمد في شريحة كبيرة من الناس إلا أنها أقلية بالنسبة لغيرها فيجب على من يعرفه أن يخاف منه أشد الخوف لأنه محمي حماية كبيرة جدا ومحصن تحصينا قويا جدا وله وكيل لايسهو ولا يغفل ولايموت ولاينسى ولاينام لاتاخذه سنة ولانوم له مافي السموات ومافي الارض وهوعلى كل شيء قدير .

 نسأله سبحانه وتعالى أن يكون وكيلا لنا ولجميع المسلمين في مهماتهم وأزماتهم وكرباتهم وأن ينصرهم على أعدائهم، كما نسأله تعالى أن ينصر أمير المؤمنين جلالة الملك محمدا السادس وأن يحفظه في ولي عهده لأمير مولاي الحسن وفي صِنْوِهِ السعيد الأمير مولاي رشيد ، ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يحفظ هذه العِتْرَةَ الطاهرةَ والدوحةَ العلويةَ الشريفةَ بما حفظ به الذكر الحكيم ،إنه على كل شيء قدير كما نسأله سبحانه وتعالى أن يقطع يد الفتنةِ الآثمةِ وأن يجمعَ شرائحَ الشعب المغربي من عربيٍّ وأمازيغيٍّ وريفيٍّ وجبليٍّ وصحراويٍّ وسوسيٍّ على الإلتحام بالعرش العلوي المجيد والمواطنةِ الحقةِ والدين الإسلامي الحنيف المعتدل بثوابته الدينية التي لا تتزعزع ، إنه على كل شيء قدير ،
كما نسال الله العلي القدير لكل من بنى هذا المسجد أوساهم فيه بقليل أوكثير من قريب أو بعيد ،أن يتقبل الله منه صالح عمله وأن يجعل له ذلك في ميزان حسناته ، كما نسأل الله لكافةاهل هذه القرية والمسلمين عامةأن ينزع الله الغل من صدورهم وأن يجعلهم إخوانا على سرر متقابلين ، ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ... ، سبحان ربك رب العزة عما يصفون  وسلام على المرسلين  والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا