برنامج كل مسلم ومسلمة للإحتفال بعيد الفطر السعيد :عبد الله بنطاهر - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

برنامج كل مسلم ومسلمة للإحتفال بعيد الفطر السعيد :عبد الله بنطاهر


أئمة مروك إعداد : الفقيه عبدالله بنطاهر 

برنامج المسلم للاحتفال بعيد الفطر:

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه 
وبعد:
طلب مني أحد الإخوة من الأئمة أن نضع له برنامجا للعيد يصلح للتوظيف في الدروس هذه الأيام؟
فأجبته بما يلي:
من عادة الإنسان بصفة عامة أن يضع لاحتفال بأيامه الجميلة في حياته (مثلا الزواج والولادة والنجاح في الدراسة والعمل وغير ذلك) برنامجا خاصا؛ إظهارا للفرح والسرور والحبور؛ ومن الأيام الجميلة بالنسبة للمسلم خاصة يوم عيد الفطر؛ فما هو برنامج الاحتفال به؟

إن العيد في الإسلام ليست مجرد طقوس وعادات نزين بها يوم عيدنا فحسب، بل إنه يشتمل على آداب وعبادات تترك آثارها على المظاهر فتطهرها وعلى النفوس فتسعدها؛ وقد شرعها لنا رسول اللهﷺ وهي بمنزلة برنامج ينفذه المسلم احتفالا بالعيد:

أولا: عندما يستيقظ المسلم صباح العيد، عندما تلمس شغافَ قلبه المرهف بنفحات رمضان نسماتُ العيد، يصلي صلاة الفجر في وقتها، ويحافظ على جماعتها، وهذا هو الواجب اليومي الذي رباه فينا رمضان. وبعد ذلك يبدأ مبشرة في ممارسة آداب العيد وسننه في تطبيق هذا البرنامج.

ثانيا: من برنامج عيد الفطر وسننه الخاصة أن يتناول المسلم فطوره قبل الذهاب إلى المصلى، أن يأكل شيئا ولو تمرة أو ثلاث تمرات، وهذا الفطر هو عبادة لأنه من سنة النبيﷺ روى البخاري عن أنس قال: «كان رسول اللهﷺ لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات».   
 
ثالثا: ثم يغتسل ويتنظف، ثم يلبَس أجود ما يجد من الثياب، ويتطيب بأجود ما يجد من الطيب، إظهارا للنعمة، لأنه سبحانه وتعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده، روى الحاكم بسند لا بأس عن أنس رضي الله عنه قال: «أمرنا رسول اللهﷺ في العيدين أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد».

رابعا: ثم يُخرِج زكاة الفطر، وزكاة الفطر ليست مجرد دريهمات أو آصع تدفع للفقراء وكفى، بل هي طهارة أيما طهارة! والله تعالى يقول: {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها}، والنبيﷺيقول في زكاة الفطر: «طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين». وهي بمثابة إسعاف أولي سريع، لما قد يحتاج إليه الفقير لتحقيق الفرح بعيده، حتى لا يستأثر الأغنياء وحدهم بفرح العيد، وقد أوجبها الله عز وجل على كل مسلم صغير وكبير ذكر وأنثى، وأن تخرج صباح يوم العيد، أو قبله بيوم أو يومين، فمن أداها قبل صلاة العيد فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات، ولا تسقط بمضي زمانها، وقلل الله قدرها، حتى يخرجها أكبر عدد ممكن في الأمة المسلمة، بحيث لا تتجاوز قيمتها خمسة عشر درهم لكل فرد.

خامسا: بعد نظافة مظهر المسلم بالغسل والثوب الجديد والطيب الجيد، وطهارة نفسه بالزكاة، يكون قلبه أهلا لذكر الله، يكون لسانه أهلا لترديد ذكر الله، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب} والقلوب لا تصلح إلا بالطمأنينة والإيمان، فيشرع المسلم في التكبير والتهليل: الله أكبر لا إله إلا الله. متوجها في جو إيماني إلى المصلى، ناشدا الفوز والفلاح، لقوله سبحانه وتعالى: {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى}، وقد جاء في الأثر : «زينوا أعيادكم بالتكبير».
سادسا: في المصلى يؤدي المسلم صلاة العيد، والصلاة هي عماد الدين والله تعالى يقول: {إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر}؛ فالمسلم مرطبة بالصلاة في أفراحه وأتراحه، في مأساته ومسراته، فالمسلم عندما يفرح يكون من مظاهر فرحه الصلاة، وعندما يحزن أو يصاب بمصيبة يفزع أيضا إلى الصلاة.

سابعا: بعد الانتهاء من صلاة العيد المزدانة، بالتكبيرات يجلس المسلم ليستمع للخطبة، ودور الخطبة في الإصلاح وتجديد الإيمان كبير، فهي مجلة إسلامية أسسها الرسولﷺ لينشد فيها المسلم الحلول لمشاكله، تستعرض واقعه، وتعرض مجتمعه على ميزان شرع الله سبحانه، في لقاء مبارك بين المؤمنين، واللقاء لقاح القلوب والنفوس بمادة الإيمان، ولا يتحقق هذا اللقاح إلا عن طريق التوعية والإرشاد، ولهذا شرع الإسلام الخطبة في لقاءات المؤمنين الشرعية: في اللقاء الأسبوعي لأهل الحي يوم الجمعة، وفي اللقاء الدوري لأهل المدينة في عيدي الفطر والأضحى، وفي اللقاء السنوي للأمة كلها في عرفات الله.

ثامنا: بعد الانتهاء من الخطبة يسود جوَّ المؤمنين سحائبُ التهاني وبشاشاتُ الوجوه، فيتبادلون التسامح والعناق، لا عبوس ولا قلق، الكل يبتهل ويدعو؛ روى الإمام أحمد بسند جيد «أن أصحاب رسول اللهﷺ كانوا إذا التقى بعضهم ببعض يوم العيد قالوا: تقبل الله منا ومنكم» وهنا تدفن الأحقاد والضغائن، فيتصافح المتخاصمون، ويتسامح المتنازعون.

تاسعا: ثم يرجع المسلم في غير الطريق الذي جاء منه إلى المصلى، ليشهد له الطريقان يوم القيامة، ولتشهد له ملائكة هذا الطريق وملائكة ذاك، وليتصدق على فقراء هذا الطريق وفقراء ذاك؛ روى البخاري «أن النبيﷺ إذا كان يوم العيد خالف الطريق».

أخيرا: إن العيد جدير بتبادل التهاني والتزاور بين الأحباب والأصدقاء، جدير بالتراحم وصلة الأرحام بين الأهل والقرابة، وفضل صلة الرحم عند الله تعالى كبير؛ ولكن لا يجوز بحال من الأحوال أن ننساق وراء الزيارات والتهاني باسم العيد، حتى نقع في حبائل الشيطان، ينبغي أن نبتعد عن تلك العادات الفاسدة التي يمقتها الدين، من الاختلاط بين النساء والرجال الأجانب عنهن، وما يتبع ذلك من تقبيل الخدود دون قيد ولا حدود، من الأقارب والأباعيد، وما أدراك ما جمال المرأة في العيد! فهذا تقليد أعمى لعادات النصارى واليهود، والعيد إنما شرعه الله أصلا لمحاربة هذا التقليد؛ فقد روى الإمام أحمد عن أنس رضي الله قال: «قدم رسول اللهﷺ المدينة، ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية، فقالﷺ: ما هذان اليومان؟ قالوا: كنا نلعب فيهما في الجاهلية، وهما يوم النيروز ويوم المهرجان، فقالﷺ: إن الله قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الأضحى ويوم الفطر». 

والصيام الذي كنا في رحابه في رمضان، جاء ليبعدنا بدوره أيضا عن التشبه بالكفار، فقال فيهﷺ: «فصل ما بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحور».
تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.

خادمكم عبد الله بنطاهر التناني السوسي
28 رمضان المبارك 1438هج 23 / 6 / 2017.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا