تَذْكِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْأَخْيَارِ، بِأَسْبَابِ نُزُولِ الْأَمْطَارِ - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

تَذْكِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْأَخْيَارِ، بِأَسْبَابِ نُزُولِ الْأَمْطَارِ

من اعداد الاستاذ: رشـيـد الـمـعاشي

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ الذِي تَفَرَّدَ بِالْعِزَّةِ وَالْكِبْرِيَاءِ، وَهُوَ الذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطَ النَّاسُ وَيَنشُرُ الرَّحْمَةَ فِي كُلِّ الْأَرْجَاءِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، يَتَصَرَّفُ فِي مُلْكِهِ كَيْفَ يَشَاءُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، خَاتَمُ الرُّسُلِ وَالْأَنْبِيَاءِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ مَا نَزَلَ الْقَطْرُ مِنَ السَّمَاءِ، وَمَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ بِلَا نِهَايَةٍ وَلَا انْقِضَاءٍ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

 إِنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يُوَالِي نِعَمَهُ عَلَى عِبَادِهِ لَتَكُونَ عَوْناً لَهُمْ عَلَى طَاعَتِهِ، فَإِذَا اسْتَعَانُواْ بِنِعَمِهِ عَلَى مَعْصِيَتِهِ، غَيَّرَ عَلَيْهِمْ حَالَهُمْ مِنَ النِّعَمَ إِلَى النِّقَمِ، وَمِنَ الْخَصْبَ إِلَى الْجَدْبِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: أَوَ لَمَّا أَصَـبَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَـذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ... وَمِمَّا ابْتُلِينَا بِهِ فِي هَذِهِ الْأَيَّامِ بِسَبَبِ تَفْرِيطِنَا فِي جَنْبِ اللَّهِ تَعَالَى قِلَّةُ الْأَمْطَارِ وَغَوْرُ الْمِيَاهِ، لِذَلِكُمْ سَنَعِيشُ الْيَوْمَ وَإِيَّاكُمْ – بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى - هَذِهِ اللَّحَظَاتِ الْمُبَارَكَةِ، وَهَذِهِ الدَّقَائِقَ الْمَعْدُودَةَ، مَعَ خُطْبَةٍ تَحْتَ عِنْوَانِ: تَذْكِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الْأَخْيَارِ، بِأَسْبَابِ نُزُولِ الْأَمْطَارِ، وَسَيَنْتَظِمُ كَلَامُنَا حَوْلَ هَذَا الْعُنْوَانِ فِي عُنْصُرَيْنِ اثْنَيْنِ:

الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ: نِعْمَةُ الْمَاءِ وَأَهَمِّيَّتُهُ، فَالْمَاءُ نِعْمَةٌ عُظْمَى يَتَفَضَّلُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَا عَلَى عِبَادِهِ، وَلَا تُتَصَوَّرُ الْحَيَاةُ عَلَى ظَهْرِ هَذِهِ الْبَسِيطَةِ إِلَّا بِهِ، لِذَلِكُمْ ذَكَّرَهُمْ اللَّهُ بِهَذِهِ النِّعْمَةِ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ مِنْ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ، مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ. وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ: وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ. وَقَوْلُهُ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا لِنُحْيِيَ بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا وَنُسْقِيَهُ مِمَّا خَلَقْنَا أَنْعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا. وَقَوْلُهُ جَلَّ شَأْنُهُ: وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأَرْضِ وَإِنَّا عَلَى ذَهَابٍ بِهِ لَقَادِرُونَ.  

الْعُنْصُرُ الثَّانِي: أَسْبَابُ نُزُولِ الْأَمْطَارِ، فَقَدْ وَرَدَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَسْبَابٌ تُسْتَجْلَبُ بِهَا الْخَيْرَاتُ، وَتُسْتَمْطَرُ بِهَا السَّمَاوَاتُ، مِنْهَا:

أَوَّلًا: التَّوْبَةُ إِلَى اللَّهِ، وَالْإِقْلَاعُ عَنِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَرَدُّ الْمَظَالِمِ وَالْحُقُوقِ إِلَى أَهْلِهَا قَبْلَ الْفَوَاتِ، قَالَ تَعَالَى: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ. فَالتَّائِبُ مَحْبُوبٌ عِنْدَ اللَّهِ، تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِ الرَّحَمَاتُ، وَتَغْشَاهُ الْبَرَكَاتُ، وَ تُسْتَجَابُ لَهُ الدَّعَوَاتُ، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: ...وَمَا يَزالُ عَبْدِي يتقرَّبُ إِلى بالنَّوافِل حَتَّى أُحِبَّه، فَإِذا أَحبَبْتُه كُنْتُ سمعهُ الَّذي يسْمعُ بِهِ، وبَصره الَّذِي يُبصِرُ بِهِ، ويدَهُ الَّتي يَبْطِش بِهَا، ورِجلَهُ الَّتِي يمْشِي بِهَا، وَإِنْ سأَلنِي أَعْطيْتَه، ولَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَّنه.

ثَانِياً: تَحْقِيقُ تَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ التِي هِيَ: امْتِثَالُ أَوَامِرِ اللَّهِ وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ... فَإِنَّ تَقْوَى اللَّهِ تَعَالَى يُسْتَجْلَبُ بِهَا كُلُّ خَيْرٍ، وَيُسْتَدْفِعُ بِهَا كُلُّ شَرٍّ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ... وَقَالَ سُبْحَانَهُ: وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا... فَهَذَا وعدٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ جَلَالُهُ أَنَّ الْعِبَادَ إذَا اسْتَقَامُواْ عَلَى طَاعَتِهِ، فَتَحَ لَهُمْ بَرَكَاتٍ مِنَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ، وَأَدْرَكُواْ بِذَلِك السَّعَادَةَ وَالْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ اللِّقَاءِ.

ثَالِثاً: الْإِكْثَارُ مِنَ الِاسْتِغْفَارِ، لِأَنَّ الِاسْتِغْفَارَ تُسْتَدْفَعُ بِهِ الْمَصَائِبُ، وَتُنَالُ بِهِ الرَّغَائِبُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ نَّبِيِّهِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا. وَقَالَ حِكَايَةً عَنْ نَّبِيِّهِ هُودٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ: وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ... وَرَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: منْ لَزِم الاسْتِغْفَار، جَعَلَ اللَّه لَهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ مخْرجًا، ومنْ كُلِّ هَمٍّ فَرجًا، وَرَزَقَهُ مِنْ حيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ. 

نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، وَجَعَلَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

اَلْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ  سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

رَابِعاً: مِنْ أَسْبَابِ نُزُولِ الْأَمْطَارِ أَيْضاً: الْإِحْسَانُ إِلَى الْخَلْقِ بِالْقَلْبِ وَالْقَوْلِ وَالْعَمَلِ، وَالتَّوَاصِي عَلَى الْحَقِّ، وَالتَّعَاوُنُ عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ... فَاتَّقُواْ اللَّهَ – أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ -، وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ، وَاسْتَنْزِلُواْ خَيْرَهُ وَإِحْسَانَهُ إِلَيْكُمْ بِإحْسَانِكُمْ إِلَى خَلْقِهِ.

اَلــــدُّعَـــــاءُ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا