أَخْذُ الْعِظَةِ وَالذِّكْرَى، مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

أَخْذُ الْعِظَةِ وَالذِّكْرَى، مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى


كَانَتْ أَقْدَامُهُمْ حَافِيَةً، وَثِيَابُهُمْ مُرَقَّعَةً بَالِيَةً، وَأَحْشَاؤُهُمْ ظَامِئَةً خَاوِيَةً، وَلَكِنَّ قُلُوبَهُمْ كَانَتْ نَقِيَّةً زَاكِيَةً، وَهِمَمُهُمْ كَانَتْ شَرِيفَةً سَامِيَةً عَالِيَةً، وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ التَّارِيخِيَّةِ سَيَكُونُ عُنْوَانُ خُطْبَتِنَا لِهَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ السَّعِيدِ – بِحَوْلِ اللَّـهِ تَعَالَى – هُوَ: أَخْذُ الْعِظَةِ وَالذِّكْرَى، مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى،

من اعداد فضيلة الأستاذ: رشـيــد الـمـعاشــي

الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمينَ، الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبينِ، عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا وَنَبيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ والْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُسْلِمُونَ:

فِي مِثْلِ هَذَا الْيَوْمِ السَّابِعَ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ الصِّيَامِ، سَنَةَ: اثْنَيْنِ مِنْ هِجْرَةِ سَيِّدِ الْأنَامِ، وَقَعَتْ مَلْحَمَةٌ مِنْ مَلَاحِمِ الْإِسْلَامِ، وَيَوْمٌ مِنْ أَيَّامِهِ الْجَلِيلَةِ الْعِظَامِ، يَوْمٌ أَعَزَّ اللَّـهُ فِيهِ جُنْدَهُ، وَنَصَرَ فِيهِ عَبْدَهُ، إِنَّهَا غَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى، فَقَد خَاضَهَا رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ وَأَصْحَابُهُ بِالثَّبَاتِ وَالْيَقِينِ وَالْإِيمَانِ، فَفَازُواْ جَمِيعًا بِرِضَا الرَّحِيمِ الرَّحْمَانِ، حَيْثُ نَادَى عَلَيْهِمْ مُنَادِي اللَّـهِ: يَا أَهْلَ بَدْرٍ: اِعْمَلُواْ مَا شِئْتُمْ فَقَدْ غَفَرْتُ لَكُمْ...

 كَانَتْ أَقْدَامُهُمْ حَافِيَةً، وَثِيَابُهُمْ مُرَقَّعَةً بَالِيَةً، وَأَحْشَاؤُهُمْ ظَامِئَةً خَاوِيَةً، وَلَكِنَّ قُلُوبَهُمْ كَانَتْ نَقِيَّةً زَاكِيَةً، وَهِمَمُهُمْ كَانَتْ شَرِيفَةً سَامِيَةً عَالِيَةً، وَبِهَذِهِ الْمُنَاسَبَةِ التَّارِيخِيَّةِ سَيَكُونُ عُنْوَانُ خُطْبَتِنَا لِهَذَا الْيَوْمِ الْمُبَارَكِ السَّعِيدِ – بِحَوْلِ اللَّـهِ تَعَالَى – هُوَ: أَخْذُ الْعِظَةِ وَالذِّكْرَى، مِنْ غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى، وَسَنُرَكِّزُ كَلَامَنَا عَلَى هَذَا الْعُنْوَانِ مِنْ عُنْصُرَيْنِ اثْنَيْنِ:

الْعُنْصُرُ الْأَوَّلُ: الْأَسْبَابُ وَالْأَحْدَاثُ، فَقَدْ بَدَأَتْ أَحْدَاثُ الْقِصَّةِ بَعْدَ وُصُولِ أَنْبَاءٍ عَنْ قَافِلَةٍ تِجَارِيَّةٍ كَبِيرَةٍ لِقُرَيْشٍ، قَادِمَةٍ مِنَ الشَّامِ إِلَى مَكَّةَ، وَسَتَمُرُّ بِالْقُرْبِ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَقَرَّرَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ الْخُرُوجَ لِلسَّيْطَرَةِ عَلَيْهَا، رَدًّا عَلَى قُرَيْشٍ التِي صَادَرَتْ أَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَكَّةَ، وَسَلَبَتْهُمْ كُلَّ مَا يَمْلِكُونَ، فَخَرَجَ إلَيْهَا فِي ثَلَاثِمِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ مُقَاتِلًا؛

وَلَمَّا عَلِمَتِ الْقَافِلَةُ بِخَبَرِ خُرُوجِ الْمُسْلِمِينِ إلَيْهَا غَيَّرَتِ الطَّرِيقَ, وَأُرْسَلَتْ تَطْلُبُ النّجْدَةَ مِنْ قُرَيْشٍ, فَخَرَجَتْ قُرَيْشٌ فِي أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَلَمَّا بَلَغُواْ الْجُحْفَةَ عَلِمُواْ بِنَجَاةِ الْقَافِلَةِ, فَأَصَرُّواْ عَلَى التَّقَدُّمِ لِمُقَاتَلَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَأَمَّا الْمُسْلِمُونَ فَعِنْدَمَا وَصَلُواْ إلَى بَدْرٍ عَلِمُواْ بِفِرَارِ الْقَافِلَةِ، وَبِقُدُومِ جَيْشِ الْمُشْرِكِينَ، فَأَجْمَعُواْ عَلَى مُوَاجَهَتِهِ، وَبِالْفِعْلِ بَدَأَ الْقِتَالُ بَيْنَ الْفَرِيقَيْنِ، وَأَمَدَّ اللَّـهُ الْمُسْلِمِينَ بِمَدَدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ، وَنَصَر اللَّـهُ رَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ رَغِم قِلَّة عَدَدِهِم وَعُدَّتِهِمْ.

 وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ – سُبْحَانَهُ -: وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِماتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْملائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ.

الْعُنْصُرُ الثَّانِي: الدُّرُوسُ وَالْعِبَرُ، فَغَزْوَةُ بَدْرٍ الْكُبْرَى يَتَعَلُّمُ مِنْهَا الْمُؤْمِنُونَ - كُلَّمَا تَجَدَّدَ ذِكْرُهَا - دُرُوسًا عَظِيمَةً، مِنْ أَهَمِّهَا وَأَعْظَمِهَا:

الدٌَرْسُ الْأََوَّلُ:أنه لاأَثَرَ لِلْقُوَّة - مَهْمَا اكْتَمَلَتْ فِيهَا الْوَسَائِلُ والْعَدَدُ وَالتَّخْطِيطُ - أَمَامَ قُوَّةِ الْإِيمَانِ, وَهَذَا – بِالتَّأْكِيدِ - لَا يَعْنِي إِهْمَالَ الْإِعْدَادِ لِلْعَدُوِّ! بَلْ ذَلِكَ واجبٌ، يَقُولُ اللَّـهُ – تَعَالَى -: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ... وَلَا يَعْنِي أيضًا الْمُجَازَفَة غَيْرَ المَدْرُوسةِ، وَلَكِنَّ الشَّاهَدَ هُنَا: 

أَنَّ الْمُسْلِمِينَ إذَا اسْتَنْفَدُواْ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْأَسْبَابِ الْمَادِّيَّةِ فَعَلَيْهِم حِينَئِذٍ أَنْ يُفوِّضُواْ الْأَمْرَ إلَى اللَّـهِ الْقَوِيّ الْعَزِيزِ، كَمَا صَنَعَ النَّبِيُّ ﷺ، إِذْ هَيَّأَ الْجَيْشَ, وَقَبْلَ ذَلِكَ اَسْتَشَارَ الْمُسْلِمِينَ، وَاخْتَارَ الْمَوَاقِعَ، وَرَفَعَ الْمَعْنَوِيَّاتِ، ثُمّ ألَحَّ عَلَى اللَّـهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِالدُّعَاء، حَتَّى نَصَرَهُ اللَّـهُ, وَفِي ذَلِكَ يَقُولُ– سُبْحَانَهُ -: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ...

الدَّرْسُ الثَّانِي: أَنَّ رَابِطَةَ الْإِيمَانِ وَأُخُوَّةَ الْإِسْلَامِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى كُلِّ الرَّوَابِطِ، فَلَوْ كَانَ الْوَلَاءُ لِلْأَرْضِ مَا تَرَكَ النَّبِيُّ ﷺ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ، وَلَوْ كَانَ لِلْقَبِيلَةِ مَا قَاتَلَ قُرَيْشًا، وَلَوْ كَانَ لِلْعَائِلَةِ مَا تَبَرَّأَ مِنْ أَبِي لَهَبٍ، وَلَكِنَّهَا الْعَقِيدَةُ التِي هِيَ أَغْلَى مِنَ التُّرَابِ وَالدَّمِ، وَأَغْلَى مِنْ كُلِّ مَا نَمْلَكُ، وَصَدَقَ اللَّـهُ – تَعَالَى - إذْ يَقُولُ: لاَّ تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُواْ آبَاءهُمْ أَوْ أَبْنَاءهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ... 

فَهَذَا هُوَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ بَعْدَمَا أَسْلَمَ، يَقُولُ لِأَبِيهِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ -: لَوْ رَأَيْتَنِي وَأَنَا أُعْرِضُ عَنْكَ فِي بَدْرٍ حَتَّى لَا أَقْتُلَكَ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: أَمَا إِنِّي لَوْ رَأَيْتُكَ وَقْتَئِذٍ لَقَتَلْتُكَ. فَرَابِطَةُ الدِّينِ - أَيُّهَا الْإِخْوَة الْمُسْلِمُونَ - أَعْظَمُ مِنْ كُلِّ الرَّوَابِطِ وَالْعَلاَقَاتِ وَالْقَرَابَاتِ وَالْأَنْسَابِ.

الدَّرْسُ الثَّالِثُ: حُبُّ الصَّحَابَةِ الْأَخْيَارِ لِرَسُولِ اللَّـهِ ﷺ، فَقَدْ رَوَى ابْنُ هِشَامٍ وَابْنُ كَثِيرٍ وَغَيْرُهِمَا: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ عَدَّلَ صُفُوفَ أَصْحَابِهِ يَوْمَ بدرٍ، وَفِي يَدِهِ قَدَحٌ – سَهْمٌ - يُعَدِّلُ بِهِ الْقَوْمَ، فَمَرَّ بِسَوَادِ بْنِ غَزِيَّةَ حَلِيفِ بَنِي عَدِيِّ بْنِ النَّجَّارِ، وَهُوَ مُسْتَنْتِلٌ مِنَ الصَّفِّ، فَطَعَنَهُ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ بِالْقَدَحِ فِي بَطْنِهِ، وَقَالَ: اسْتَوِ يَا سَوَادُ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، أَوْجَعَتْنِي، وَقَدْ بَعَثَكَ اللَّـهُ بِالْعَدْلِ، فَأَقِدْنِي. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: اِسْتَقِدْ.

 قَالَ: يَا َرسُولَ اللَّـهِ، إِنَّكَ طَعَنْتَنِي وَلَيْسَ عَلَيَّ قَمِيصٌ. فَكَشَفَ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ عَنْ بَطْنِهِ، وَقَالَ: اِسْتَقِدْ. فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَطْنَهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا يَا سَوَادُ؟ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، حَضَرَنِي مَا تَرَى، وَلَمْ آمَنِ الْقَتْلَ، فَأَرَدْتُ أَنْ يَكُونَ آخِرُ الْعَهْدِ بِكَ أَنْ يَمَسَّ جِلْدِي جِلْدَكَ، فَدَعَا لَهُ رَسُولُ اللهِ ﷺ بِخَيْرٍ. 

نَفَعَنِي اللَّـهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ المُبينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفى الكَرِيمِ، سَيِّدِ الأَوَّلينَ والْآخِرينَ، وأَجارَني وَإِيَّاكُمْ مِنْ عَذابِـهِ المُهِينِ، وَغَفَرِ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ المُسْلِمِينَ، وَجَعَلَني وَإِيَّاكُمْ مِنَ الذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ العَالَمينَ...

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمينَ، الْمَلِكِ الْحَقِّ الْمُبِينِ، عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنا وَنَبيَّنا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسولُهُ، سَيِّدُ الأَوَّلينَ والْآخِرينَ، صَلَّى اللَّـهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُسْلِمُونَ:

الدَّرْسُ الرَّابِعُ: طَاعَةُ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ – رِضْوَانُ اللَّـهِ عَلَيْهِمْ - لِأَمْرِ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ ﷺ، وَالْمَوَاقِفُ فِي ذَلِكَ أَكْثَرُ مِنْ أَنْ تُحْصَى، وَمَنْ أَرْوَعِهَا: مَوْقِفُهُمْ فِي غَزْوَةِ، حِينَمَا اسْتَشَارَهُمْ رَسُولُ اللَّـهِ ﷺ فِي التَّقَدُّمِ لِمُوَاجَهَةِ جَيْشِ الْمُشْرِكِينَ، فَأَجْمَعَ الْمُهَاجِرُونَ وَالْأَنْصَارُ عَلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ، مِصْدَاقُ ذلِكَ مِا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ: أنَّ المِقدادَ – رَضِيَ اللَّـهُ عَنْهُ - قالَ لِرَسولِ اللهِ ﷺ يَومَ بَدرٍ: يَا رَسُولَ اللَّـهِ، إِنَّا لَا نَقُولُ لَكَ كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى: اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ. وَلَكِنِ اِذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا مَعَكُمْ مُقَاتِلُونَ. 

فَهَذَا غَيْضٌ مِنْ فَيْضٍ، وَقَلِيلٌ مِنْ كَثِيرٍ، مِنْ دُروسِ غَزْوَةِ بَدْرٍ الْكُبْرَى، وَمَا أَحْوَجَنَا إِلَيْهَا لِكَيْ تَقْوَى ثِقَتُنَا بِاللَّـهِ، وَتَتَوَطَّدَ أُخُوَّتُنَا الْإِيمَانِيَّةُ، وَتَتَرَسَّخَ مَحَبَّةُ رَسُولِ اللَّـهِ ﷺ فِي قُلُوبِنَا، فَيُتَرْجَمَ ذَلِكَ كُلًّهِ إِلَى السَّمْعِ وَالطَّاعَةِ التِي تُؤَدِّي إِلَى سَعَادَةِ الدَّارَيْنِ، يَقُولُ اللَّـهُ – تَعَالَى -: إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ.

الــــدُّعَــــــــاءُ هَذَا وَخَيْرُ مَا نَخْتَتِمُ بِهِ الكَلامَ، وَنَجْعَلُهُ مِسْكَ الخِتَامِ، أَفْضَلُ الصَّلاةِ وَأَزْكَى السَّلامِ، عَلَى خَيْرِ الوَرَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ ﷺ، فَإِنَّ اللَّـهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلّونَ عَلَيْهِ، وَقَدْ أَمْرَكُمْ اللَّـهُ - عَزَّ وَجَلَّ - بِالصَّلَاةِ والتَّسْليمِ عَلَى هَذَا النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الأَمِينِ فَقَالَ - جَلَّ شَأْنُهُ -: يَا أَيُّهَا اَلذِينَ آمَنُوا صَلُواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا. أَلَلُهُمْ صَلِّ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى سَيِّدِنَا إِبْراهِيمَ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْراهيمَ، وَبَارِكَ عَلَى سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا مُحَمَّدٍ، كَمَا بارَكَتْ عَلَى سَيِّدِنا إِبْراهيمَ، وَعَلَى آلِ سَيِّدِنا إِبْراهيمَ فِي العالَمينِ إِنَّكَ حَميدُ مَجيدٍ،

 وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الأَرْبَعَةِ الخُلَفاءِ، السَّاداتِ الأَصْفِيَاءِ اَلْحُنَفاءِ، الرَّاشِدِينَ اَلْمُرْشِدِينَ المُهْتَدِينَ: أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمانَ وَعَلِيٍّ، وَعَنْ سائِرِ الصَّحابَةِ أَجْمَعِينَ، أَلَلَهُمَّ اَنْفَعْنا بِمَحَبَّتِهِمْ، واحْشُرْنَا يَا مَوْلَانَا فِي زُمْرَتِهِمْ، وَلَا تُخَالِفْ بِنَا اَللَّهُمَّ عَنْ نَهْجِهِمْ وَطَريقِهِمُ القَويمِ، أَللَّهُــمَّ اَنْصُرِ الإِسْلامَ وَالمُسْلِمِينَ، واجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ عَلَى اتِّباعِ الحَقِّ يَا رَبَّ العالَمينَ، أَلَلَهُمَّ انْصُرْ أَميرَ المُؤْمِنِينَ، جَلالَةَ المَلِكِ مُحَمَّدًا اَلسَّادِسَ، أَللَّهُمَّ انْصُرْهُ نَصْرًا عَزِيزًا تُعِزُّ بِهِ الدِّينَ، وَتَجْمَعُ بِـهِ كَلِمَةَ المُسْلِمِينَ،

 أَلَلَهُمَّ أَصْلَحَ بِهِ البِلادَ والْعِبادَ، وَأَقَرَّ عَيْنَهَ بِوَلِيِّ عَهْدِهِ مَوْلَانَا الحَسَنِ، وَاشْدُدْ عَضُدَهُ وَقَوِّ أَزْرَهُ بِأَخِيهِ السَّعيدِ المَوْلَى الرَّشيدِ، وَاحْفَظْهُ فِي كافَّةِ أُسْرَتِهِ وَشَعْبِهِ، أَلَلَهُمْ اجْعَلْ بَلَدَنا هَذَا بَلَدًا آمَنًا مُطَمْئِنًّا وَسائِرَ بِلادِ المُسْلِمِينَ، أَلَلَهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلوبِنَا، وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الكُفْرَ والْفُسُوقَ والْعِصْيانَ، 

أَلَلَّهُمَّ اَرْحَمِ اِلأَمْواتَ وَنَوِّرْ عَلَيْهِمْ قُبورَهُمْ، وَأَصْلِحِ اِلأَحْيَاءَ وَيَسِّرْ لَهُمْ أَمْوَرَهُمْ، أَللَّهُمَّ اَغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ المُسْلِمِينَ وَالمُسْلِمَاتِ، وَالمُؤْمِنِينَ والْمُؤْمِناتِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَريبٌ مُجيبُ الدَّعَواتِ، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا