ميلاد النور - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

ميلاد النور

ومازال الدين الذي بنى الأوائل قادرا على البناء بشرط القابلية والإقبال والتعاطي مع تعاليمه بشرط الإمتثال ودوام الاتصال ، وترك الخلاف والجدال فإنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

فضيلة الإمام: عمرالقزابري إمام مسجد الحسن الثاني الدارالبيضاء

 بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين 

أحبابي الكرام: 

كانت الدنيا ظلاما دامسايطبعه التِّيه وتَسِمُه العصبيات المَقيتة وكان الناس وهم في ظلال هذه الحيرة يترقبون وقوعَ حدثٍ عظيم يكون بمثابة التخليص من تلك الأرجاس التي كانت تنوءُ بها قلوبُهم والتي لم يستطيعوا منها فكاكا ولا خلاصالغَلَبة الظُّلمةولطغيان النفوس وكانت ساعتها إرهاصاتُ النبوة تتوالى ومبشرات الرسالة تتعالى وتَنَادى أحْبارُ اليهودوقَرأةُ الكتب السابقةأنَّ حدثا جللا سيقع في الكون وظلتِ الملابساتُ والمؤشراتُ تتوافر حتى شاع ذكر ميلاد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في أواسط القبائل وتناقلته الركبان في أنحاء الممالك وبلغ الخبر إلى علم الرهبان والأحبار في كل البلدان فاستَلْفَتَ ذلك الحدث الأنظار وتغنى به الشعراء وبدأ ميلاد النور؛

لقد كان وجود سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم يُنبئُ عن وجود عالم جديد يسعد في ظل حضارة جديدة ويقوم على قاعدة الإيمان بقوة الله والعناية بحقوق الإنسان أما حقيقة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أيها الأحباب فقد تقاصرت عن إدراكها فهوم الخلائق فلا يكتنِهُهَا كائن ولا يستقصيها وإن تناهى في البلاغة وتمادى في الإبانة.

لقد أفرغ عليه ربه ماشاء من كمال وطبعه بخاتم النبوة وأمّا رسالته عليه السلام فهي خلاصةٌ لتطورات الحضارة البشرية والرسالات السماويةمع ألوان أخرى من الفتح والنفح والإعجاز والكمال ، رسالته صلى الله عليه وسلم كان لها أثر بعيد في ترقية الإنسان وإصلاح جوانبه الروحية وثقافته المادية ومن أجل ذلك كانت هي رسالة الختم ولابد في الختم من الإحاطة والوسم لقد كانت رسالته صلى الله عليه وسلم نظاما عاما أتى بكل مايلزم من تعارف الجنس البشري وارتباطه وتكافئه ونظامه وتقدمه وسلامه.

فهي رسالة تُزوِاجُ مابين مقومات الحياة الحضارية وعناصر البقاء ودوام الصلاحيةفي سمو روحي ونمو حسي ولو قُدِّرَ للوارثين أن يحافظوا على نظامها القائم على الرحمة والحكمة ويقدموه في صورة صحيحة محكمة حقيقة تمثلها الأذواق والأخلاق قبل الكتب والأوراق لكانوا أنقذوا العالم مما أصابه من سعار الأثَرَة وطغيان المادة وفساد الفطرة ولكانوا قد أسهموا في علاج المشاكل التي ربما تطور نزاعها واسْتعَر أُوَارُها فَجرَّ إلى خراب ! ولكنهم ومع الأسف عوضا من ذلك استسلموا للتبعية والتقليد ، وخافوا من التهديد والوعيد، واتبعوا أعداء الملة حذو القُذَّةِ بالقُذَّة وصدق سيدي صلى الله عليه وسلم حين قال : ( لتتبعن سَنن من كان قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه ). 

ومازال الدين الذي بنى الأوائل قادرا على البناء بشرط القابلية والإقبال والتعاطي مع تعاليمه بشرط الإمتثال ودوام الاتصال ، وترك الخلاف والجدال فإنه لا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.

أما سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم فإننا نُشهِد الله وهو خير الشاهدين أننا نحبه حبا يملأ علينا قلوبنا، ويسري مع أنفاسناونسأل الله بمقتضى هذا الحب أن يرفعنا إلى مقام معرفته ومتابعته فإن المحبة من غير معرفة لا تَحْصُلْ والمعرفة من غير متابعة لا تَكْمُلْ .

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

محبكم وحافظ عهدكم الشيخ عمرالقزابري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا