حقوق المصطفى حق الإيمان برسول الله - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

حقوق المصطفى حق الإيمان برسول الله

فضيلة الأستاذ : رشيد المعاشي

الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الإخوة المسلمون:  

 ما زلنا نعيش وإياكم مع الحبيب المصطفى سيدنا محمد رسول الله ﷺ، وقد ركزنا كلامنا في الجمعة الماضية على ولادته – عليه الصلاة والسلام – وما لها من فضل على البشرية جمعاء، وخلاصة ما ذكرنا في ذلك أن البشرية قبل الإسلام كانت يخيم عليها الجهل والظلم، والفساد العقدي والأخلاقي والسياسي، حتى أكرمها الله بميلاد محمد ﷺ، الذي كان هو المنقذ للأمة، والمؤسس للحضارة، والمعلّم للبشرية، والقائد لركب الإيمان والتوحيد.

أما اليوم فسنبدأ – بحول الله تعالى – سلسلة من الخطب نبين فيها حقوق رسول الله ﷺ على أمته، لكي يعرف الإنسان المسلم واجبه تجاه هذا الرسول الكريم – صلوات ربي وسلامه عليه -، وسنعيش اليوم وإياكم هذه اللحظات المباركة، وهذه الدقائق المعدودة، مع الحق الأول من هذه الحقوق المباركة، ألا وهو: حَقُّ الْإِيمَــانِ بِرَسُــــولِ اللهِ ﷺ، وسنركز كــــلامنا على هـذا الحق من خلال ثــلاثـــة عناصر:

🍀العنصر الأول: مفهوم الإيمان، فالإيمان في اللغة هو: الْإِقْرَارُ، أَيْ: الِاعْتِرَافُ بِالشَّيْءِ اعْتِرَافًا نَاتِجاً عَنْ تَصْدِيقٍ بِهِ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ: [آمَنْتُ بِكَذَا] مَعْنَاهُ: [أَقْرَرْتُ بِهِ]، لِأَنَّ الْفِعْلَ الْمُتَعَدِّيَ بِحَرْفِ جَرٍّ يُفَسَّر بِفِعْلٍ مُتَعَدٍّ بِحَرْفِ الْجَرِّ مِثْلَهِ... والإيمان في الاصطلاح الشرعي هو: التَّصْدِيقُ الْجَازِمُ، وَالْإقْرَارُ الْكَامِلُ، وَالْاِعْتِرَافُ التَّامُّ بِوُجُودِ اللهِ – تَعَالَى - وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَبِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ ﷺ رَسُولُ اللهِ وَخَاتِمُ النَّبِيئِينَ، وَقَبُولُ جَمِيعِ مَا أَخْبَرَ بِهِ ﷺ عَنْ رَبِّهِ – عَزَّ وَجَلَّ - مِنَ الْأُمُورِ الْغَيْبِيَّةِ وَالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ، وَالْاِنْقِيَادُ لَهُمَا ﷺ بِالطَّاعَةِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْمَأْمُورَاتِ وَالْمَنْهِيَّاتِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا.

🍀العنصر الثاني: وجوب الإيمان بمحمد رسول الله ﷺ، فالإيمان به – عليه الصلاة والسلام - هو أعظم حق على كل عاقل منصف على وجه الأرض، لأنه خاتم الأنبياء والمرسلين، وهو الإمام الأعظم الذي لو وجد في عصر من العصور لوجب على كل من سمع به – ولو كان نبيا من الأنبياء - أن يؤمن به، لأن الإيمان به هو حد الإسلام، وشرط الإيمان، مصداق ذلك قول الله – تعالى -: وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ... وما رواه مسلم أن رسول الله ﷺ قال: وَالذَي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بيَدِهِ، لا يَسْمَعُ بِي أحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ يَهُودِيٌّ، وَلَا نَصْرانِيٌّ، ثُمَّ يَمُوتُ ولَمْ يُؤْمِنْ بالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إلَّا كَانَ مِنْ أصْحَابِ النَّارِ. فمن آمن بالله وكفر بمحمد فقد كفر بالله - عز وجل -، ومن آمن بنبي الله موسى أو بنبي الله عيسى وكفر بمحمد ﷺ فقد كفر بالله – عز وجل -، وقد بين الله - سبحانه وتعالى - هذا الحكم الحاسم في آية واضحة فقال: إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَن يُفَرِّقُواْ بَيْنَ اللّهِ وَرُسُلِهِ وَيقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَن يَتَّخِذُواْ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَاباً مُهِيناً. 

      نفعني الله وإياكم بكتابه المبين، وبسنة نبيه المصطفي الكريم، وجعلني وإياكم من الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه آمين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين....

الخطبة الثانية

 الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، عالم الغيب والشهادة العزيز الحكم، وأشهد أن لا إله إلا الله ولي الصالحين، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الأولين والآخرين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن اقتفى أثرهم وسار على نهجهم إلى يوم الدين.

أما بعد فيا أيها الإخوة المسلمون:

🍀العنصر الثالث: الإيمان قول وعمل، فلنعلم – أيها الإخوة المسلمون - أن الإيمان اعتقاد بالقلب، وقول باللسان، وعمل بالجوارح، وعن ذلك يعبر العلماء بقولهم: الْإيمَانُ تَـصْدِيقٌ بِالْجَنَانِ، وَإِقْرَارٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بِالْأَرْكَانِ. وذلك لكثرة النصوص الشرعية التي تدل على أن العمل داخل في مسمــى الإيمان، منها: قــول الله – تعالى - : إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ. وقوله – سبحانه -: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ. وقول رسول الله ﷺ - فيما رواه مسلم -: مَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيُحْسِنْ إِلَى جَارِهِ، ومَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَسْكُتْ. قال الإمام ابن حجر – رحمه الله -: يُفْهَمُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْعَمَلَ دَاخِلٌ فِي الْإيمَانِ. وبناء على هذا فإن الإيمان يزيد بالطاعات، وينقص بالمخالفات، مصداق ذلك ما رواه أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره عن ابن عمر – رضي الله عنه – أنه قال: قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ الْإِيمَانَ يَزِيدُ وَيَنْقُصُ؟ قَالَ ﷺ: نَعَمْ يَزِيدُ حَتَّى يُدْخِلَ صَاحِبَهُ الْجَنَّةَ، وَيَنْقُصُ حَتَّى يُدْخِلَ صَاحِبَهُ النَّارَ. فاتقوا الله – أيها الإخوة المسلمون – وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين من رحمته ويجعل لكم نورا تمشون به ويغفر لكم، والله غفور رحيم.

🌳الــــدعــــــــاء:

 هذا وخير ما نختتم به الكلام، ونجعله مسك الختام، أفضل الصلاة وأزكى السلام، على خير الورى سيدنا محمد ﷺ، فإن الله وملائكته يصلون عليه، وقد أمركم الله - عز وجل - بالصلاة والتسليم على هذا النبي الأمي الأمين فقال جل شأنه: يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُواْ صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا. أللهم صل على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما صليت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم، وبارك على سيدنا محمد، وعلى آل سيدنا محمد، كما باركت على سيدنا إبراهيم، وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء، السادات الأصفياء الحنفاء، الراشدين المرشدين المهتدين: أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، أللهم انفعنا بمحبتهم، واحشرنا يا مولانا في زمرتهم، ولا تخالف بنا اللهم عن نهجهم وطريقهم القويم، أللهم انصر الإسلام والمسلمين، واجمع كلمتهم على اتباع الحق يا رب العالمين، أللهم انصر أمير المؤمنين، جلالة الملك محمدا السادس، أللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين، وتجمع به كلمة المسلمين، أللهم أصلح به البلاد والعباد، وأقر عينه بولي عهده مولانا الحسن، واشدد عضده وقو أزره بأخيه السعيد المولى الرشيد، واحفظه في كافة أسرته وشعبه، أللهم اجعل بلدنا هذا بلدا آمنا مطمئنا وسائر بلاد المسلمين، أللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، أللهم ارحم الأموات ونور عليهم قبورهم، وأصلح الأحياء ويسر لهم أمورهم، أللهم اغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، إنك سميع قريب مجيب الدعوات، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ، سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا