التطاول ينال المختصرات وخطيب مدرسة الإمام البخاري يرد في خطبة جمعة - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

التطاول ينال المختصرات وخطيب مدرسة الإمام البخاري يرد في خطبة جمعة



رد فضيلة خطيب الجمعةوالمشرف على مدرسة الإمام البخاري بأكادير الفقيه عبد الله بنطاهر عبر منبرالجمعة في خطبة بعنوان : "هل يجوز السكوت على اتهام العلماء بالشغب؟"
بمناسبة انتشار فيديو يتهم فيه صاحبه من يتبع 

الإمام عبدالواحد ابن عاشر بالشغب ؟ 
في إشارة إلى شيخ مدارس دارالقرآن بمراكش
حيث الغريب في الأمركون من يصدر منه هذا الكلام محسوبا على أهل العلم وله تلاميذ ومدارس للقرآن فبدل الجلوس مع العلماء والحوار ومناقشة الأدلة ومسائل السنة والبدعة وتقبل الخلاف الذي يوحد الأمة ويجمع الصفوف صرح هداه الله إلى جادة الصواب بأنه لن يتقابل مع من يحفظ نظم ابن عاشر والعقيدة الأشعرية حتى يتوب وهذا أمر يستلزم بعض الإيضاح والبيان من العلماء لدحض الشبهة!وإليكم نص الخطبة 
أعدها فضيلة الفقيه: عبدالله بنطاهر

الحمد لله الذي حرم السباب والشتائم والشغب، ونهانا عن الاتهامات المجانية بدون دليل ولا سبب، جعل كلام الفقهاء كالذهب، وكلام السفهاء كالحطب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له في الرحمة والغضب، شهادة نقضي المرغوب والأرب، وندفع بها عن أنفسنا عار الجهل والتعب،

 وأشهد أن سيدنا محمد عبده ورسوله سيد العجم والعرب، من بعث ليتمم مكارم الأخلاق والأدب، صلى الله وسلم عليه وعلى آله ذوي الحسب والنسب، وعلى أصحابه أفضل من هاجر واغترب، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم نهاية الدنيا بما فيها من الراحة والنصب.

أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون؛ أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته.
المهاجمون على الإسلام في هذه الأيام ببلادنا يتبادلون الأدوار، تارة يهاجمون على العقيدة ومقومات توحيدها، وتارة على العبادات وكيفيات أدائها، وتارة على الأسرة وأسسها، وتارة على المعاملات وضوابط الحلال فيها، وتارة على الميراث وتقسيم الله تعالى لها، وتارة على علماء الأمة أمثال البخاري وابن عاشر وساداتها؛ 

مرة على يد طغاة العلمانيين، ومرة على يد بغاة المترددين أو المرتدين، ومرة على يد المقلدين ولما يحكى كالببغاء مرددين، ومرة على يد المتنطعين والمتشددين؛ تعددت الأسماء والهدف واحد، هو: 

(التشكيك في كلمة التوحيد والتفكيك لتوحيد الكلمة).
يبن فينة وأخرى يطلع علينا عبر المواقع من يدعو لتغيير الواقع؛ فقد طلع علينا من يهاجم البخاري فلا نكاد ننسى حتى فاجأنا من ينكر عذاب القبر، ولا نكاد ننساها حتى جاءنا من يدعو لزواج المثليين، ولا نكاد ننساها حتى أوجعنا من بني جلدتنا من يتهم أقوال الإمام ابن عاشر بالشغب، وأنه لا يقول بقول ابن عاشر إلا المشاغبون؛

 وهذه أشدها وأنكاها؛ لأنها تشتت ما اجتمع، وتفسد ما نفع، وتضرب من الداخل؛ والضربات حينما تأتيك من الداخل تكون أشد إيلاما.

والذي قال هذا الكلام إنما يقصد به النظم الفقهي المشهور المسمى "المرشد المعين على الضروري من علوم الدين" للإمام عبد الواحد بن أحمد بن علي بن عاشر الأنصاري نسبا، الأندلسي أصلا، الفاسي منشأ ودارا ومدفنا، المتوفى سنة 1040 هجرية، وبيننا وبينه -ونحن في 1439هج-

 أربعة قرون بالتمام والكمال، ورغم ذلك فقد وضع الله لنظمه هذا القبول، فأقبل الناس عليه حفظا وتحفيظا والتزاما وتطبيقا؛ فلم أعرف عندنا فقيها معتبرا إلا وقرأ منظومة ابن عاشر، ولم أعرف عندنا فقهيها عالما مدرسا إلا ودرَّس منظومة ابن عاشر، ولم أعرف عندنا فقيها عالما علامة إلا وله شروح وتعليقات على منظومة ابن عاشر، 

هذه المنظومة التي اشتملت على الثوابت الوطنية الثلاثة: العقيدة الأشعرية، والمذهب المالكي، والتصوف السني؛ علاوة على إمارة المؤمنين التي تحميها وتسهر على حفظها، هذه الثوابت التي أشار إليها ابن عاشر رضي الله عنه في مقدمة منظومته إذ قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه، وصلى على حبيبه رسول اللهﷺ: 

وَبَعْدُ فَالْعَونُ مِنْ الله الْمَجِيـــد ** فِي نَظْمِ أَبْيَاتٍ لِلاُمِّيِّ تُفِيـد
فِي عَقْدِ الأشْعَرِي وفِقْهِ مَالِكِ  ** وَفِي طَرِيقِةِ الْجُنَيْدِ السَّالِكِ
أتدرون ما هو الشغب الفقهي؟ الشغب الفقهي هو أن تجد جماعة في بلد معين يقتدون متفقين بعالم على مستوى الإمام مالك بواسطة أتباعه من العلماء مثل القاضي عبد الوهاب البغدادي، وابن الحاجب الكردي، والشيخ خليل المصري، وابن أبي زيد القيراوني التونسي، وابن رشد الأندلسي، وابن عاشر المغربي؛ 

ثم تأتي أنت فتدخل في هذه الجماعة لتشتت شملها وتمزق وحدتها؛ فهذا هو الشغب حقيقة؛ فأنا أكون مشاغبا حينما أتدخل في جماعة ببلد معين يأخذ مثلا بأقوال الألباني رحمه الله فأشوش عليها وأشتت شملها؛ وهذا مجرد مثال وإن لم يصح أن نضع الإمام مالكا في ميزان واحد مع الألباني رحمهما الله جميعا؛ فالفرق بينهما في العلم والمكانة كالفروق بينهما في الأزمنة والقرون؛ فلا مجال للمقارنة.

وإذا كان أقوال العلماء ومؤلفاتهم أمثال ابن رشد القرطبي، وابن العربي دفين فاس، والقاضي عياض دفين مراكش، والشيخ خليل وابن عاشر شغبا؛ فهل يجوز أن نقول: إن أقوال محمد بن الوهاب وابن الباز والعثيمين والألباني والمغراوي أيضا هي الشغب؛ لا يجوز أن نقول بهذا أبدا وإن صدر منهم ما يشبه هذا الشغب. 

فقول إمامنا ابن عاشر منقول من قول إمامنا مالك، وقد اتفق جميع العلماء على أن أقوال إمامنا مالك مستنبطة ومستخرجة من أقوال رسول اللهﷺ؛ وعلى هذا فإن رمي قول ابن عاشر بالشغب هو رمي بكفية مبطنة وغير مباشرة لقول رسول اللهﷺ بالشغب؛ 

وهنا أحكي قصة وقعت لامرأة سألت مثل هؤلاء عن مسألة فقهية، وقبل الجواب قال لها نكاية واستهزاء: أتريدين الجواب على سنة رسول اللهﷺ أو على مذهب مالك؛ فقالت له: أريد الجواب على سنة رسول اللهﷺ بفهم الإمام مالك وليس بفهمك أنت؛ فكأنما ألقمتْه حجرا فسكت مبتلعا لسانه. 

أيها الاخوة المؤمنون؛ من المعلوم أن كثيرا من المنظمات المستورة المستوردة تشن هجوما شرسا على بلادنا المغرب؛ فالمبشرون بالصليبية على قدم وساق، والشيعة من أجل ذلك في منافسة وسباق، 

ومن الظروف التي يستغلونها ويوظفونها لتحقيق أهدافهم ضرب قيم علماء الأمة من أهل السنة عبر التاريخ، حتى لا يعرف أحد قدرهم فلا يحترمون، ولا يعترف أحد بشرفهم فلا يميَّزون، وهم علماء وضع الله لهم القبول، فأقبل الناس على مؤلفاتهم ومنظوماتهم قرونا طوالا؛ فحين نتهم نحن أقوال علماءنا بالشغب؛ فماذا سيقول فيهم أعداؤنا؟!

والشيعة اليوم يستغلون فينا الشبح الثلاثي الخطير: (الجهل والفقر، والمرض)؛ ليصطادوا: إما جاهلا بالتعاليم والدروس، أو فقيرا يبيع دينه بالمال والفلوس، أو مريضا يحتاج لمداواة الذوات والنفوس؛ 

فدينهم مبني على خرافات لا يقبلها عقل ولا يسندها نقل، وعلى سبيل المثال هل يقبل عاقل أن يقال: بأن سيدنا علي حفظ القرآن الكريم بعد ولادته بثلاثة أيام وقبل أن ينزل على رسول اللهﷺ بعشر سنوات؟ وهل يقول بهذا عاقل؟ نعم هذه نموذج من عقائد الشيعة، ولذلك فهو محتاجون في نشرها لاستغلال الظروف الراهنة واغتنام الفرص المواتية، ليتسربوا إلى عقول الناس. 

وما دخلوا بلدا إلا وخربوه تماما كما يفعل الصهاينة والصليبية وأكثر، إنه عدو الإسلام الثلاثي التاريخي: اليهود والفرس والروم، أصحاب الصادات الثلاث (الصفويون والصهيونيون والصليبيون)، والواقع يشهد أن الشيعة ما دخلت بلدا فخربته إلا بغطاء وعطاء من الصهيونية والصليبية، 

فدين الشيعة عندهم أولى وأفضل من إسلام أهل السنة؛ لأنه دين مشوه مشوش خرافي يتحكم فيه جماعة المغضوب عليهم من أصحاب العمامات السوداء وقلوبهم كذلك؛ يحرفونه حسب أهوائهم؛ لأنهم في عقيدة أتباعهم الضالين معصومون، بينما العصمة عند أهل السنة خاصة بالأنبياء؛ ولهذا يجب أن تتحد مذاهب أهل السنة والجماعة ضد التغول لهذا الغول الشيعي ببلاد المسلمين، وإلا كنا جميعا مجرد مشاغبين...

 ألا كفى شغبا؛ فإن المشاغب هو المفرق للجماعة؛ والنبيﷺ يقول: فيما روى أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم: «عليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية».    
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين...

الخطبة الثانية 
الحمد لله رب العالمين...
أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون؛ إن أهل السنة في الفقه لهم مذاهب كثيرة؛ منها المندثرة، ومنها المنتشرة؛ فالمندثرة منها مثل مذاهب الأئمة: الأوزاعي، والليث بن سعيد، والسفيانَيْن؛ سفيان بن عيينة، وسفيان الثوري، وغيرهم، أما المنتشرة فمنها المذاهب الأربعة مذاهب الأئمة: مالك بن أنس، وأبي حنيفة، والشافعي، وابن حنبل رضي الله عن وأرضاهم. 

أما من حيث العقيدة فمذاهب أهل السنة فيها ثلاثة:
العقيدة الأشعرية المنسوبة إلى الإمام أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري(ت324ﻫ) حفيد الصحابي الجليل أبي موسى الأشعري اليمني، ويأخذ بها علماء المذهبين المالكي والشافعي. 

والعقيدة الماتريدية المنسوبة إلى الإمام أبي منصور الماتريدي الأنصاري(ت333هـ)، وهو معاصر لأبي الحسن الأشعري، ومن أحفاد الصحابي الجليل أبي أيوب الأنصاري، ويأخذ بها علماء المذهب الحنفي.
والعقيدة الحنبلية المنسوبة إلى الإمام أحمد بن حنبل، ويأخذ بها علماء المذهب الحنبلي. 

فالعقيدة في أصلها هي عقيدة رسول اللهﷺ، وإنما هؤلاء العلماء كانوا أول من جمع نصوص العقيدة في قواعد وضوابط ومؤلفات فنسبت إليهم. 

ويجب أن نكون على يقين بأن كل المذاهب في الفقه والعقيدة معا إنما يستهدفون الحق والصواب؛ فمن حققه واستطاع الوصول إليه فله أجران، ومن جانبه فله أجر واحد.

والفقهاء حينما يختلفون يدعو بعضهم لبعض بالرحمة؛ بينما السفهاء حينما يختلفون يسب بعضهم بعضا؛ فقد اشتهر عن الصحابة رضي الله عنهم حينما يختلفون كلمةُ (يرحم الله فلانا أو يغفر الله لفلان)؛ 

 قالتها أمنا عائشة رضي الله عنها حينما ردَّتْ على عبد الله بن عمر الذي يقول قد اعتمر النبيﷺ في رجب وهو غير صحيح، وقالها أبي بن كعب في رده على عبد الله بن مسعود حين قال: "من يقم الحول يصب ليلة القدر" فبين أنها ليلة سبع وعشرين؛

 فاختلاف الفقهاء رحمة ونعمة، واختلاف السفهاء بلاء ونقمة؛ فكن فقيها مسامحا يقبل آراء غيره، ولا تكن سفيها مشاغبا لا يرى إلا رأي نفسه...
ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول اللهﷺ.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا