محمد احناش الغماري :هذه شهادتي في شيخي وأستاذي سيدي عبدالله التليدي
أئمةمروك - :محمد أحناش الغماري
عن صفحته في فيسبوك
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه شهادتي في شيخي وأستاذي سيدي عبدالله التليدي أدلي بها أمام الله تعالى الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وأعرضها أمام القارئين ليكونوا شهداء على ما أقول.
وهو جهد مقلٍّ ضعيفِ الحيلة ضعيفِ المعرفة ولا يكاد يبين.. لكنه يحمل في صدره قلباً ممتلئاً بالمحبة الخالصة لشيخه الذي كان سبباً في سلوكه طريق العلم الشرعي بعد أن كان في مهيع آخر يشتغل بعلوم دنيوية.
وهو جهد مقلٍّ ضعيفِ الحيلة ضعيفِ المعرفة ولا يكاد يبين.. لكنه يحمل في صدره قلباً ممتلئاً بالمحبة الخالصة لشيخه الذي كان سبباً في سلوكه طريق العلم الشرعي بعد أن كان في مهيع آخر يشتغل بعلوم دنيوية.
سيدي عبد الله التليدي له علي أياد بيضاء بصمت حياتي
ببصمة ربانية ليس هذا محل تفاصيلها.
صحبتي لسيدي عبد الله التليدي تزيد على سبع وعشرين سنة.
...........................................................
من هو سيدي عبد الله التليدي؟ القليل من الناس من يعرف قيمة سيدي عبد الله التليدي حتى المقربون منه حتى أهل طنجة حتى أهل المغرب منهم من لم يسمع به !! ولا تعجب من تجاهل أهل المغرب لعلمائهم فهي عادة قديمة ومستحكمة.
أجدني في كتابة هذه الشهادة أبحث عن الكلمات الجوامع لعلها تفي بقدر هذا الرجل الكبير لكن الكلمات لا تسعفني وأكتفي بالمقاربة أحياناً وبالسداد أحيانا أخرى.
١ - سيدي عبد الله التليدي قامةٌ مرتفعة، وقيمة رفيعة، ونفحة ربانية، وآية من فيض الجود، وشمس طلعت من طنجة العالية، من الغرب الإسلامي لتشرق على العالم.
نعم، عِلمُ سيدي عبد الله، تربيةُ سيدي عبد الله، تلاميذُ سيدي عبد الله، مريدو سيدي عبد الله، مؤلفاتُ سيدي عبد الله، تجاوزت حدود بلاد المغرب لتستقر في القارات الخمس.
٢- سيدي عبد الله التليدي عَلَم من أعلام القرن الرابع عشر
إمام علامة جمع الله فيه من المواهب والعطايا ما لا تكاد تجده مجتمعاً في علماء عصره المشهورين.
إنه المحدث الفقيه المفسر الصوفي المربي العابد الزاهد وحق لمن اجتمعت فيه بعض هذه الخصال أن تُشد إليه الرحال.
لكن سيدي عبد الله التليدي ظل لعشرات السنوات لا يعرفه إلا الأفراد والخاصة من خلال مؤلفاته أما غيرهم فيمرون عليه مصبحين وبالليل ولا يعرجون عليه ولا يحضرون مجالسه ولا يستجيزونه !!!
٣- سيدي عبد الله التليدي المحدث:
أخذ سيدي عبد الله التليدي الحديث عن الأشقاء الثلاثة الغماريين الحفاظ النقاد الذين قل أن يجود الزمان بمثلهم
وهم: الحافظ المجتهد أحمد بن الصديق والمحدث الحافظ عبد الله بن الصديق والمحدث الناقد المفيد عبد العزيز بن الصديق، لكنه انفرد بسيدي أحمد واختص به وتخرج على يده وتأثر به فظهرت عليه بركته وسره وكان خير خليفة له في حياته وبعد مماته.
ألف سيدي عبد الله التليدي كتبا حديثية تشهد بمعرفته الجيدة بعلم الحديث كتهذيبه لجامع الإمام الترمذي.
وخدمته لهذا الكتاب وعمله عليه تصحيحا وتضعيفا وتعليقا مع استخراج زياداته على الصحيحين، لم يكن فيه مقلدا ولا مكررا لكلام من سبقه، بل اجتهد ودرس الطرق والأسانيد بتطبيق قواعد علوم الحديث ومراجعة كتب الرجال والتراجم والجرح والتعديل والعلل. ثم يحكم على كل حديث بما يصل إليه اجتهاده دون إهمال لجهود العلماء السابقين.
وهذه طريقته في جميع كتبه الحديثية.
كان ينصحنا في كل مناسبة ألا نكون مقلدة في الحكم على الأحاديث صحة وضعفا، ويذكر لنا أنه وقف على أوهام كثيرة وقع فيها الحافظ ابن حجر وغيره بسبب عدم مراجعة الأصول والاعتماد علي تقليد من سبق.
كان سيدي عبد الله التليدي محدثا حافظا على طريقة الفقهاء.
أما عن حفظه فإنه كان يستحضر المتون في كل مناسبة ويستدعيها بكل سهولة عند الحاجة إليها سواء في دروس الحديث أو الفقه أو التفسير. وكانت له قوة في الاستنباط والاستدلال بالأحاديث على الفروع و أحيانا يذكر الحديث ثم يشير إلى موضع الشاهد منه ولو كلمة واحدة وهو ما يسمى بالفقهيات.
وكان لسيدي عبد الله معرفة جيدة بالصحيح والضعيف سمعنا منه الصحيحين والسنن ومسند أحمد والموطأ وسنن الدارمي وغيرها من كتب الحديث فكان إذا مر بحديث ضعيف أشار إلي ضعفه وقد يذكر علته وقد لا يذكرها حسب المقام.
ووضع كتابه جواهر البحار في الأحاديث القصار مع الشرح والتخريج وهو كتاب رزق بركة وقبولا وأصبح اليوم يدرس.
ووضع موسوعة حديثية جامعة نافعة بداية الوصول في اثني عشر مجلدا.
والذي تميز به سيدي عبد الله في جميع مصنفاته أنه يضعها للسواد الأعظم من الأمة وكان يحب أن ينتفع بكتبه الخواص من أهل العلم والعوام أيضا، ويساعده في ذلك أسلوبه السهل الممتنع.
يمكن أن نشبه سيدي عبد الله التليدي في الحديث بالإمام النووي والحافظ ابن كثير والحافظ نور الدين الهيثمي وأضرابهم.
٤- سيدي عبد الله الفقيه :
سيدي عبد الله فقيه مجتهد أثري متبع للكتاب والسنة لا يتقيد بمذهب من المذاهب شأنه في ذلك شأن أستاذه سيدي أحمد بن الصديق.
في تدريسه لطلبته كتب الفقه المالكي تجده يصحح ويضعف ويختار ويرد من أقوال الفقهاء حسب القواعد.
وما دامت السنة ثابتة فإنه لا يعدل عنها أبدا ولا يلوي عنق النصوص لتوافق المذهب كما يفعله متعصبة المذاهب.
ألف منهاج الجنة في فقه السنة ثم شرحه بإتمام المنة في شرح منهاج الجنة وهو كتاب فقه مستنبط من صحيح السنة.
ألف في الحديث والفقه والتفسير والزهد والرقاق والتراجم والسيرة والفضائل وهذب وخرج وحقق.
إن كتب سيدي عبد الله التليدي تزيد على المئة لا تسعها هذه العجالة.
٥- سيدي عبد الله التليدي هو الصوفي الذي تحلى بمقامات اليقين علما وعملا وحالا وظهرت عليه آثار سلوك الطريق
وهو الصوفي العارف السالك الذي يشبه في تصوفه العملي السني البعيد عن الشطحات والإشراقات والفلسفات يشبه رجال الرسالة القشيرية ونحوها.
وإذا شئت أن تشبهه في زهده وورعه وخشيته وتعبده وحسن سمته فشبهه بالحسن البصري وأحمد بن حنبل وأمثالهما.
وكنت فيما بيني وبين نفسي أشبهه في محبته بالإمام الكبير سيدي محمد بن الصديق قدس الله سره.
رحل سيدي عبد الله ولم يترك دينارا ولا درهما، عاش زاهدا ومات زاهدا، عرضت عليه الدنيا فأعرض عنها، كانت له نفس تواقة إلي العلياء مترفعة عن كل ما هو دني سافل حقير.
سكن سيدي عبد الله في بيت متواضع ولم يمتلك سيارة مع قدرته عليها، ولن يتخذ حاجبا، كان بيته مقصد الخاص والعام، وبابه مفتوحا للغني والفقير.
ذهب ولم يترك سوى مكتبته حبسها في سبيل الله على طلبة العلم .
عرفت سيدي عبد الله بالورع الشديد ما كان يمد يده إلي مال الشبهة ولا إلى طعام شبهة ولم يشرب شراب شبهة بله الحرام.
أخلاق سيدي عبد الله التليدي تحتاج إلى مآت الصفحات لسرد تفاصيلها وقد ذكرت جملة طيبة منها في ترجمته.
تولى سيدي عبد الله الإمامة في الصلوات الخمس بمسجده والخطابة في عدة مساجد والفتوى مع تدريس الطلبة وتربية المريدين. والمحافظة على الأذكار اليومية والأوراد والأحزاب وقيام الليل وصيام الأيام الفاضلة وصلة الأقارب والأصحاب وعيادة المرضى وزيارة الأولياء والصالحين الأحياء والميتين.
سيدي عبد الله التليدي كان له جانب قل من كُشف له من أصحابه وتلامذته. فمثلا نجد بعض الناس ينادونه بالفقيه وبعضهم بالشيخ وبعضهم بالعالم والقليل منهم من يعرفه بالولاية والمعرفة لأن الأولياء الكبار ما عُرفوا إلا بالكرامات وسيدي عبد الله التليدي كان يحب الخمول ويكره الظهور ويقول حب الظهور يقسم الظهور.
شدة تواضعه واحتقاره لنفسه تحجب علو مقامه عمن حوله.
سيدي عبد الله التليدي له عدة كرامات ظاهرة ذكرتُ له في ترجمته نحوا من ثلاثين كرامة ظاهرة بينة كأمثال ما ذكروه لكبار الأولياء في كتب رجال التصوف والكرامات.
٦- سيدي عبد الله التليدي درّس لمدة تزيد على خمسة عقود
تخرج على يديه مآت الطلبة منهم العلماء والشيوخ والفقهاء
والخطباء وأساتذة جامعيون وأساتذة في السلك الثانوي
وحفظة القرآن.
٧- أسس سيدي عبد الله زاويته بطنجة بحي مرشان ولها فروع في مدن أخرى جمعت آلاف الذاكرين والمريدين
منهم من قضى نحته ومنهم من ينتظر.
سيدي عبد الله التليدي رحل إلي الرفيق الأعلى وترك لنا علمه ومؤلفاته وتلامذته ومريديه.
ترك لنا منهاجه في العلم والعمل في التربية والتعليم في الاتصال بالله وبالخلق.
فنسأل الله تعالى أن يجزيه أحسن الجزاء وأن يجعله في مقعد صدق عند مليك مقتدر بجوار جده المصطفى ﷺ .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا