خطبة الجمعة: حياة العلماء غنيمة وموتهم رزية - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة الجمعة: حياة العلماء غنيمة وموتهم رزية


أئمة مروك :إعداد حسن العباري

الحمد لله رب العالمين،نحمده تعالى حمد علمائه العاملين،ونصلي ونسلم على المبعوث رحمة للعالمين،وعلى آله وصحبه الغر الميامين،وعلى التابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:فإن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وانا لفراق علمائنا لمحزونون.
أيها المؤمنون:إن مكانة العلماء العاملين عند الله لرفيعة،قال تعالى:{يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات}
فهم مصابيح البلاد،منها يصدر الضوء في الليالي الظلماء،ونجوم يهتدي بها العباد،إذ اختلطت عليهم الطرق العوجاء،ومرجع يرجع إليه المؤمنون  في أمور دينهم ودنياهم معا،وجودهم بيننا غنيمة ما بعدها غنيمة،فكيف لا وهم بلسم القلوب،وبهم تقر العيون،فكيف لا وهم حراس الشريعة وأمناء الله في الخلق.

أيها المؤمنون:إن حاجتنا للعلماء أشد من حاجتنا إلى الماء البارد في زمان الحر، فإن الماء يروي عروقنا التي بها حياتنا،والعلم يروي قلوبنا التي به صلاح أجسادنا .فهم أطباء الروح لا يستغني عن نصائحهم وإرشاداتهم المريض ولا الصحيح.

عباد الله:إن وجود العلماء بيننا نعمة لا تضاهيها نعمة،لذا وجب على العاقل أن يستغل وجودهم في التعلم منهم،وسؤالهم عن أمور الدين،قال تعالى:{فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}،ورد الامور المستعصية إليهم، فمن المؤسف أننا نخوض في أمور بعيدة كل البعد عنا،وبيننا علماء قد أمرنا ربنا بالرجوع إليهم ولا نرجع إليهم.
قال تعالى:《ولو ردوه إلى الله والى الرسول لعلمه الذين يستنبطونه منهم》ويكون اغتمام وجودهم كذلك بملازمة مجالستهم، فإنهم سادة لا يشقى بهم جليسهم،فإن جليسهم إن كان مريضا يأخذ الدواء وإن كان صحيحا ييستفيد من الوقاية.

أيها المؤمنون:إن حب العلماء وطاعتهم فيما يوافق الشرع عبادة وقربة،ولا يبغضهم إلا جاهل ولله در القائل:
ما الفضلٍ إلا لأهلِ العلمِ انهم
على الهُدَى لِمن استهدى أدلاء
وقيمةُ المرءِ ما قَد كانَ يُحسنُهُ
والجاهلونَ لأهلِ العلمِ أعداء
فقم بعلمٍ ولا تطلُبْ بهِ بدلاً
فالناسُ موتى وأهلُ العلم احياء
ولا يأكل لحومهم المسمومة إلا محروم،فأحبوهم فالمرء مع من احبب.

أيها المؤمنون:إن الله عزوجل يسر لنا الدين أيما تيسير،قال تعالى 《وما جعل عليكم في الدين من حرج》ومن تيسيره ورفع الحرج عنه تيسير علماء ربانيين لتعليمنا أمور ديننا الذي هو رأس مالنا،وكما هو معلوم فإن لك ميدان رواد ومتخصصون،وإن أهل الإختصاص في الدين العلماء ،فأمور الدين واضحة ولكن هناك أمور غامضة تحتاج لوضوحها إلى الرجوع إلى العلماء.

قال النبي صلى الله:((الْحَلالُ بَيِّنٌ ، وَالْحَرَامُ بَيِّنٌ ، وَبَيْنَهُمَا مُشتبهَاتٌ لا يَعْلَمُهَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاس))فتبين أن هذه الأمور لا يعلمها إلا القليل واولاهم بالمعرفة العلماء.
وقال تعالى:《وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون》.
نغعني الله واياكم بالقرآن الكريم وبسنة سيد الأنبياء والمرسلين والحمد لله رب العالمين. 

الخطبة الثانية. 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله وصحبه والتابعين.
أما بعد أيها المؤمنون:إن الموت يأخذ الطالح والصالح قال ابن الوردي في محاولة عد أهل الخصوص من الموتى:
.... أين أهل العلم والقوم الأول .
ولكن موت العالم مصيبة ورزية ما بعدها رزية،فموت العالم هو موت عضو من أعضائنا،بل هو موت طرف من طرف أرضنا:قال تعالى:《أولم يروا أن ناتي الأرض ننقصها من أطرافها》قال بعض المفسرين هو:موت العلماء.
ولله در القائل:

الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها
متى يمت عالم منها يمت طرف
كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها
وإن أبى عاد في اكنافها التلف
وقال عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- "خراب الأرض بموت علمائها وفقهائها وأهل الخير فيها".

عباد الله:إن موت العالم علامة من علامات الساعة لأن قبض العلم الذي هو علامة من علامات الساعة يكون بقبض العلماء.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم  :«إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ العِلْمَ انْتِزَاعًا يَنْتَزِعُهُ مِنَ العِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ العِلْمَ بِقَبْضِ العُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالًا، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».

عباد الله:إن فقدنا لعالم من علماء الأمة  إنما هو فقد لجزء من ميراث النبوة:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :《العلماء ورثة الأنبياء 》
اللهم ارحم علماءنا برحمتك الواسعة،واسكنهم فسيح جناتك ،وبارك لنا في من بقي منهم واجعل حياتهم غنيمة..... آمين آمين والحمد لله رب العالمين.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا