خطبة مكتوبة :ظاهرة الإجهاض الأسباب والمبررات تحث مجهرالشريعة والقانون - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة مكتوبة :ظاهرة الإجهاض الأسباب والمبررات تحث مجهرالشريعة والقانون

خطبة بعنوان : "ظاهرة الإجهاض بين دواعي الأمراض وادعاء الخوف على الاعراض "
لسيدي عبد الله بنطاهر التناني 

الحمد لله الذي منع بشرعه الحكيم القتل والإجهاض، وحرم السفاح ذرأ للأوجاع والأمراض، وحماية للشرف والأعراض، كما أحل النكاح دفعا للزوال والانقراض، وتلبية للحاجات والأغراض، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تجنبنا في ذكره العظيم النسيان والإعراض، كما تجنبنا لشرعه الحكيم الصدام والاعتراض، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله بسنته تُستهض الهممُ أتم الاستنهاض، وبها نميز في أفكارنا السواد من البياض، حتى لا نقع ضحية سوء الطرح والافتراض، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه ذوى الكرم الواسع الفضفاض، وعلى التابعين لهم بإحسان مادامت الأرواح تنفخ في الأرحام لتولد الأجنة بعد المخاض

أما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون؛ أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته.
قد كثر الحديث في هذه الأيام عبر وسائل الإعلام عن الإجهاض وتقنينه؛ فمن الناس من يدافع عنه ويزاوله، ومنهم من يدفعه ويزيله، ومنهم من يدعو لنجاة الأجنة، ومنهم من يدعو للجناية على الأجنة، ومنهم من يدعو لفتح باب قتل الأجنة على مصراعيه دون قيد أو شرط، ومنهم من يدعو لإغلاق هذا الباب إغلاقا محكما حتى لا يتخذه المفسدون وسيلة لاستزادة من فسادهم، حوارات ومناقشات بين دعاة الإجهاض الذين (يسعون إلى تحرير الفروج وتعطيل اﻷرحام)، ودعاة الاجتهاد الذين (يسعون إلى تحصين الفروج وتحرير اﻷرحام(...

وهذا يدل على أن هنالك مشكلا قد استفحل أمره، وفسادا قد ساد شره، نعم إنها الصدمة الكبرى؛ وحتى نتأكد من هذا الأمر نستنطق بعض الإحصائيات التي نشرها البعض –إذا كانت صحيحة- قالوا: إن ما بين 600 و1000 حالة إجهاض تقع يوميا في بلادنا؛ وهذا يعطينا في السنة 360.000؛ أي: قريبا ما يساوي عدد المشاركين في المسيرة الخضراء لتحرير الصحراء التي نظمها المغفور له جلالة الملك الحسن الثاني رحمه الله؛ إنها مجزرة نكراء، حتى في الجاهلية الجهلاء لم يستطيعوا تحقيق هذا الرقم بوأد البنات، {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ}، وتتراوح أعمار النساء المجهضات ما بين 15 سنة و30 سنة مرحلة الشباب؛ وهذا حسب ما تم إحصاؤه، أما من نجى من الأجنة ولم ينل منه الإجهاض ليتلقفه الإهمال، والإحصائيات تكشف لنا أن حوالي 30 طفلا يوميا يتم التخلي عنه أي ما يعادل 9000 آلاف رضيع يرمى في الشارع في السنة؛ وإذا علمنا أن علميات الإجهاض تحاط غالبا بالسرية التامة، فإن هذه الأرقام -إذا كانت صحيحة- ليست إلا مثل ما يظهر من جبل الجليد السابح في البحر، أو من رأس الأهرام، وما خفي أعظم أجرم وأغرم وأورم...

إذن هذا مشكل اجتماعي خطير، والعقلاء يقولون: حله في معالجة أسبابه، بينما الجهلاء يقولون: حله في فتح أبوابه؛ والأسباب المؤدية لحمل غير مرغوب فيه معروفة؛ إذا كان حملا شرعيا في إطار الزواج قد يكون السبب الخوف على حياة المرأة الأم أو على صحتها، وقد يكون السب الخوف من الفقر المتوقع أو الفقر الواقع؛ ففي الفقر المتوقع يقول الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}، كما يقول سبحانه في الفقر الواقع: {وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ{... 
أما إذا كان الحمل غير شرعي وكان عشوائيا في غير إطار الزواج فهذه هي الطامة الكبرى، حين يتم إجهاضه خوفا من الفضيحة وهتك الأعراض؛ والملاحظ في الآيتين الكريمتين أن الله تعالى قال في الأولى: {وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}، كما قال في الثانية: {وَلَا تَقْرَبُوا الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}، وكلمة {وَلَا تَقْرَبُوا} هي الحل الإسلامي لمشكل الإجهاض، وهي تعني سد جميع الذرائع والوسائل التي تؤدي إلى الزنا؛ لأن الزنا وحده هو الذي يؤدي إلى الحمل العشوائي غير الشرعي وغير المرغوب فيه المهدد بالإجهاض...
هذه هي الأسباب الحقيقية التي يجب معالجتها، والتي لا يريد دعاة الإجهاض الحديث عنها وإزالتها ويفضلون الحدوث فيها ومزاولتها. وهذه الأسباب يجمعها أمران: العري والاختلاط؛ فكل إنسان يجوز له أن يتعرى؛ لكن إذا كان وحده، كما يجوز له أن يختلط مع غيره؛ لكن إذا ستر عورته، أما أن يتعرى ويختلط فهذا هو السبب الذي قصم الظهور وقسم الشعور...؛ فالحمل والإجهاض هو نتيجة العري المختلط السائد، نتيجة أفلام الخلاعة، نتيجة الابتلاء بتتبع برامج الفسق من (ستر أكاديمي) أو (عرب أيدول)، نتيجة الإبحار في بحار المواقع الإباحية في شبكة الأنترنيت، وحدث عن البحر في ذلك ولا حرج، ماذا تنتظرون من كل هذا؟ ماذا تنتظرون ممن يتجرد من لباسه مختلطا في الشواطئ والشوارع؟ 

وإذا غشيت المستحم ترى من الـ***ـجنسين أسـرابا حـواها الـمــاء
جنبا إلى جنب تعوم وقد عـــــــــلا***ذاك الفضاء الضحـــــك والضوضاء
فكأن ميل الجنس جــــرد منهمــــا***أ فما تفر مـــــن الذئاب الشــاء؟
لا وازع يزع الفتاة كمثـــــل مــــــــا***يزع الفتـــــــاة صيانـــــة وحيــاء
وإذا الحياء تهتكـــــــت أستـــــــاره***فعلى العفاف من الفتــــاة عفاء

وكلنا نعلم أن العري والاختلاط يصاحب الفتاة والفتى معا من الدخول في الروض إلى التخرج من الجامعة؛ بحيث يكونان جنبا إلى جنب في جميع مراحل التعلم؛ فإن نجوا من الحمل في الإعدادي فقد لا ينجون منه في الثانوي، فإن نجوا منه فالشهوة الجامحة في الجامعة لهم بالمرصاد؛ ومن شك في ذلك فيكفي أن يقوم بزيارة خاطفة لإحدى الجامعات أو الكليات؛ فأول ما يلفت الانتباه هو تلك اللقاءات المشبوهة المشوهة داخل حرم الجامعات، مظاهر النزوات والشبهات والشهوات بحرم الجامعات وأكناف الجامعات؛ أي حرمة بقيت للجامعات بهذا الحرام؟ القبلات والمعانقات والمتأبطون والمتأبطات لأيادي الشر، دون اعتبار لأساتذتهم، ودون أن يعيروا لشيوخهم أي اهتمام؛ وهل تظنون أن هذه اللقاءات المشحونة بالشهوات ستمر بسلام؟ ما نجت منه ولا نجا منها إلا من رحم ربي، ومن نجا من هذا البحر هو من أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون...

هنالك يجب أن تسن القوانين لوقف هذا الجنون!؟
هنالك يجب أن تكون الوقاية قبل أن نبحث عن العلاج!؟
هنالك يجب أن نزيل الحرج قبل أن نبحث عن الدواء للجراح!؟
هنالك يجب اجتثاث المشكل من جذوره قبل أن نبحث لترقيع جدرانه!؟
هنالك يجب أن نؤسس للعفة والحياء حتى يغنينا الله من فضله، والله تعالى يقول: {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ الله مِنْ فَضْلِهِ}...، وكما يقول المثل: "لا تقتلوا البعوض ولكن جففوا المستنقعات"، وما دامت هذه المستنقعات موجودة فلا نتباكى من عضات البعوض المؤلمة. وهذا هو الحل لحالات الإجهاض (تجفيف المستنقعات(....
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم، ولسائر المسلمين أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
الحمد لله رب العالمين

أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنين؛ قد اتفق الجميع على أن الإجهاض هو نوع من القتل، وعلى أن الإجهاض هو إجهاز على أرواح بريئة من أجل جريمة ارتكبها غيرهم؛ وهو الدفاع عن النفس المجرمة (الزانية والزاني) بقتل النفس البريئة (الجنين في بطن أمه)، وذلك في الإسلام -وخصوصا المذهب المالكي- حرام وجريمة إلا في حالة واحدة وهي عند الخوف على حياة المرأة الحامل أو على صحتها بشهادة الأتقياء والأنقياء من الأطباء؛ سواء كان قبل نفخ الروح ومن باب أحرى بعد نفخ الروح، والذي يدل على نفخ الروح هو الحركة ودقات القلب، وهذا يبدأ وتشعر به المرأة الحامل على رأس الأربعين يوما الأولى كما يقول الأطباء، وليس على رأس 120 يوما.
دقات قلب المرء قائلة له *** إن الحياة دقائق وثواني
والإسلام لم يكتف بتجريم الإجهاض وتحريمه؛ بل فرض دية خاصة بالجنين على كل من ساهم في قتل جنين في بطن أمه باتفاق العلماء تسمى (الغرة). سواء كان الجنين ذكرا أو أنثى، وسواء كان خلقه كامل الأعضاء، أم ناقصها، أو كان مضغة في بداية تصور خلقه، ففي كل ذلك دية الغرة بالإجماع. لما روى الشيخان عن أبي هريرة: «أن امرأتين من هذيل رمت إحداهما الأخرى، فطرحت جنينها، فقضى فيه النبي بغرة...»، وقيمتها في الذهب قديما خمسون دينارا، وهذا يساوي حاليا تقريبا ثلاثين ألف درهم (أي ثلاثة ملايين سنتيما). وهذه ليست فتوى، وإنما هو نقل لحكم شرعي معروف.
وهذا ما يؤكده القانون الجنائي المغربي في الفصل (449) وفيه: «من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى، أو يظن أنها كذلك، برضاها أو بدونه، سواء كان ذلك بواسطة طعام أو شراب أو عقاقير أو تحايل أو عنف أو أية وسيلة أخرى، يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهم، وإذا نتج عن ذلك موتها فعقوبته السجن من عشر إلى عشرين سنة»... 

هذا الذي يدعو دعاة الإجهاض لتغييره حتى يلائم أهدافهم في نشر الفساد الذي يعبدونه، والحرية الجنسية التي يتعبدون بها؛ فلا تستغربوا بعد تغيير هذا القانون إذا رأيتم لافتات معلقة على أبواب العيادات مكتوب عليها:
)
متخصص في الإجهاض وقتل الأجنة.)
ألا فاتقوا الله عباد الله، وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله...


تاريخ إلقائها:
29
جمادى الأولى 1436 هـ 20 / 03 / 2015 م
سيدي عبد الله بن طاهرالتناني إمام وخطيب بأكادير ومشرف مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق
وللمزيد  من ترجمة شيخنا يرجى الضغط  :هـنـــا .

وله خطب قيمة ولمن يريد الإستفادة منها له ذلك
 بشرطين كما يقول شيخنا :
 1) الدعاء لي -بعد الإخلاص- عن ظهر الغيب.

2) غض البصر -بعد الإصلاح- عما فيها من العيب.
وتابعوا نشرهاباستمرار في أئمة مروك "بحول الله وقوته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا