حكم وضع الجنازة داخل المسجد والصلاة عليها :الفقيه عبدالله بنطاهر - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

حكم وضع الجنازة داخل المسجد والصلاة عليها :الفقيه عبدالله بنطاهر


سائل يسأل السلام عليكم
سيدي وأستاذي الفاضل لدي سؤال جزاك الله خيرا: هل تجوز الصلاة على الجنازة في المسجد؟
الجواب: الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

وبعد؛ فإن الأصل في الصلاة على الجنازة في المسجد الجواز بدليل ما روى الإمام مسلم أن عائشة لما توفي سعد بن أبي وقاص قالت: ادخلوا به المسجد حتى أصلي عليه، فأنكر البعضُ ذلك عليها، فقالت: «والله لقد صلى رسول اللهﷺ على ابني بيضاء في المسجد سهيل وأخيه»(1)، وفي رواية ابن شاهين أنها قالت: «ما رأيت مثل ما جهل الناس من الصلاة علي الجنائز في المسجد، والله ما صلى رسول اللهﷺ على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد»(2).
فهذا الحديث يدل على جواز الصلاة على الميت بالمسجد وهو مذهب الشافعية والحنابلة، ورواية أهل المدينة عن الإمام مالك، وبه قال ابن حبيب من المالكية؛ قال ابن عبد البر: "وهو قول الشافعي وجمهور أهل العلم، وهي السنة المعمول بها في الخليفتين بعد رسول اللهﷺ؛ صلى عمر على أبي بكر الصديق في المسجد، وصلى صهيب على عمر في المسجد بمحضر كبار الصحابة وصدر السلف من غير نكير"(3).

بيد أن المشهور عند المالكية أن ذلك مكروه، وهو مذهب الحنفية(4)؛ وعده الشيخ خليل في المكروهات فقال: "وإدخاله بمسجد والصلاة عليه فيه"(5)؛  ودليله ما روى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول اللهﷺ قال: «من صلى على جنازة في المسجد فلا شيء له»(6)، وفي روية «من صلى على جنازة في المسجد فليس له أجر»(7).
والمراد بالصلاة على الجنازة في المسجد أن يؤتى بها إلى داخل المسجد فيقف الناس وراء إمامهم، والكل في المسجد؛ الجنازة والإمام والمأموم. أما إذا كانت الجنازة والإمام خارج المسجد كما جرى به العمل عندنا في المغرب فلا بأس به حينئذ؛ قال مالك: "أكره أن توضع الجنازة في المسجد؛ فإن وضعت قرب المسجد للصلاة عليها فلا بأس أن يصلي من المسجد عليها بصلاة الإمام الذي يصلي عليها إذا ضاق خارج المسجد بأهله"(8).

وقال ابن العربي: "كرهه علماؤنا لئلا يخرج من الميت شيء...؛  وإنما أذنت عائشة في المرور بالميت في المسجد لأنها أمنت أن يخرج منه شيء لقرب مدة المرور، ولا إشكال فيه؛ بيد أن مالكا لاحتراسه وحسمه للذرائع منع من إدخالهم في المسجد...؛ وحسم الذرائع فيما لا يكون من اللوازم أصل في الدين"(9).

الخلاصة: أن صلاة الجنازة داخل المسجد جائزة إلا أن الإمام مالك قال: إن ذلك مكروه، ولم يقل أحد بأنه حرام، وهذا لا يشكل مشكلا عندنا في المغرب في غالب المساجد حيث تكون الجنازة والإمام خارج المسجد، وإن كان المأمومون داخله فلا حرج ولا كراهة. والله أعلم.
ــــــــــــــــــ
الهوامش:
(1) صحيح مسلم: 2 / 669.
(2) ناسخ الحديث ومنسوخه لابن شاهين: 1 / 302.
(3)راجع الاستذكار لابن عبد البر: (ج3ص46)،
(4)راجع التاج والإكليل للعبدري المواق: (ج 2ص239)، والمبسوط للسرخسي: (ج2 ص122)، وشرح النووي على مسلم: (ج7ص40)، والفيض القدير للمناوي: (ج6ص171).
(5)مختصر خليل: (ص51)
(6)سنن أبي داود: (ج3ص207)
(7) (التمهيد لابن عبد البر: (ج 21 ص221):
(8)المدونة لسحنون: (ج1ص254)، وتهذيب المدونة للبرادعي: (ج1ص126).
(9)نقله الحطاب في مواهب الجليل لشرح مختصر الخليل: (ج3ص 239) وعزاه لابن العربي في كتابه عارضة الأحوذي ولم أجده فيه عند شرح الحديث، ولعله ذكره في مكان آخر، أو أنه مما سقط أثناء الطبع. والله أعلم.
يوم الأحد 27 جمادى الأخيرة 1435هـ 27/4/ 2014م
مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق أكادير المغرب.
كتبه الفقيه عبدالله بنطاهر التناني السوسي
التماس ورجاء:
أرجو من سادتي الفقهاء: إن تبين لكم خطأ فيما كتبت فنبهوني؛ فهو بالنسبة لي أحسن هدية؛ وقديما قيل: "المتصفح للكتاب أبصر بمواقع الخلل فيه من مُنشئه"...


أئمة مروك - الفقيه عبد الله بنطاهر 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا