هل يعتبرالطلاق في وسائل التواصل الإجتماعي أمرا ملزما شرعا وقانونا؟ - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

هل يعتبرالطلاق في وسائل التواصل الإجتماعي أمرا ملزما شرعا وقانونا؟

هل يقع الطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة؟

سائل يسأل: السلام عليكم؛ هل يجوز تطليق المرأة عبر وسائل الاتصال الحديثة
(الفيسبوك، تويتر، رسائل اﻹميل، رسالة نصية في الهاتف...)؟
الجواب والله الموفق للصواب:
للطلاق أركان أربعة:
1) الْمَحَلُّ وهو الزوجة، أو ميثاق الزوجية.
2) الأهل والمراد به الْمُطلِّق.
3) اللفظ وهو الصيغة.
4) النية والمراد به قصد الطلاق عند النطق به.
قال الشيخ خليل: «وركنه -أي الطلاق- أهل، وقصد، ومحل، ولفظ»(1).
وهذا السؤال يتعلق من هذه الأركان بصيغة الطلاق، وهي من المسائل الفقهية التي أثارت نقاشا واسعا منذ عصر الصحابة إلى العصر الحاضر؛ فقد اختلف فيها العلماء في الخلاف العالي بين المذاهب الأربعة، كما اختلف فيها علماء كل مذهب على حدة؛ هل يقع بكل لفظ قصد به الطلاق ولو لم يدل عليه لا لغة ولا شرعا ولا عرفا؟ أم لا بد أن يكون بلفظ صريح أو بكناية ظاهرة تدل عليه لغة أو شرعا أو عرفا؟ وهل يقع بالكتابة وبالإشارة أو لا؟ وهل يشترط فيه القصد والنية؟ أم يكفي التلفظ بما يدل عليه ليقع الطلاق ولو بدون قصد ونية؟(2)
وهذا كله يدل على أن صيغة الطلاق موضوع خطير جدا يتعلق بمصير العلاقة الزوجية، ويمس بناء الأسرة من أساسها، ولذلك كان جديرا باهتمام العلماء، وميدانا خصبا لدراستهم وأبحاثهم واختلاف وجهات أنظارهم(3).
وسبب اختلافهم فيها يرجع إلى مبدأين أساسين في الشريعة: مبدأ الاحتياط، ومبدأ التيسير ورفع الحرج.
والطلاق عبر وسائل الاتصال الحديثة المذكورة (الفيسبوك، تويتر، رسائل اﻹميل، رسالة نصية في الهاتف...) تدخل ضمن الطلاق بالكتابة، وجاء في مدونة الأسرة بالمغرب في المادة 73: (يقع التعبير عن الطلاق باللفظ المفهم له وبالكتابة، ويقع من العاجز عنهما بإشارته الدالة على قصده).
وقد اختلف العلماء في ذلك؛ والمالكية على أن الطلاق لا يلزم بالكتابة إلا بشرطين: الأول: إذا كتبه عازما لا مستشيرا ولا مترددا. والثاني: إذا وصل الكتاب إلى المرأة المعنية، لأن ذلك يدل على العزم منه(4).
سئل مالك عن رجل يكتب إلى امرأته بطلاقها، فيبدو له فيحبس الكتاب بعد ما كتب؟ قال مالك: «إن كان كتب حين كتب ليستشير وينظر ويختار فذلك له، والطلاق ساقط عنه، وإن كان كتب حين كتب مجمعا على الطلاق، فقد وقع عليه وإن لم يبعث بالكتاب»(5)؛ وحجتهم القياس على النطق؛ لأن ما يفهم بالنطق يفهم بالكتابة سواء بسواء.
أما الشافعية فعندهم في المسألة قولان: القول الصحيح عندهم: أن الطلاق لا يقع بمجرد الكتابة إلا في حق الغائب إذا نواه. وفي مقابل القول الصحيح عندهم: أن الطلاق لا يقع بالكتابة مطلقا سواء من الغائب أو الحاضر، وسواء نواه أو لم ينوه؛ لأنه فعل ممن يقدر على القول فلم يقع به الطلاق كالإشارة(6).
الخلاصة: بناء على ما سبق فإن الطلاق بهذه الوسائل المذكورة (الفيسبوك، تويتر، رسائل اﻹميل، رسالة نصية في الهاتف...) معتبر عند المالكية بشرطين: بالعزم من الزوج، وبوصول الرسالة المفهومة إلى الزوجة. والصحيح عند الشافعية: أنه معتبر إذا قصده ونواه. والله أعلم.
*****************
الهوامش:
(1).مختصر خليل: فصل في أركان الطلاق: (ص 114)،
(2) حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: 2/365، وشرح ابن عاصم للتاودي: 1/351، والقوانين الفقهية لابن جزي: 1/151. والوسيط لأبي حامد الغزالي: 5/372.
(3). أحكام الأسرة في الشريعة الإسلامية لابن معجوز: 1/184.
(4). التاج والإكليل للمواق: 4/58، والشرح الكبير للدردير: 2/384.
(5). المدونة الكبرى للإمام مالك: 6/24.
(6). المهذب للشيرازي: 2/83.
المرجع كتابي مدونة الأسرة في إطار المذهب المالكي وأدلته الجزء الثاني الطلاق.
*****************
عبد الله بنطاهر
بعد صلاة المغرب من يوم الثلاثاء
5 من الربيع النبوي 1435هـ 7/1/ 2014م
مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق أكادير المغرب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا