خطبة مكتوبة بعنوان:أهمية العمل في الإسلام - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة مكتوبة بعنوان:أهمية العمل في الإسلام


من سلسلة خطب شيخنا سيدي عبد الله بن طاهرالتناني

***
الحمد لله الذي ذي العزة والجلال، أمر المسلمين بإتقان الأعمال، وحذرهم من التكاسل والإهمال، لينالوا أعظم الثواب في الحال والمآل، وأشهد أن لا إله إلا الله الكبير المتعال، شرع للعمال حقوقا تحميهم من الظلم وسوء الأفعال، وواجبات تحقق لهم الأماني والآمال، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله الكريم المفضال، أول من حرر العمال من وطأة العبودية والاستغلال، إلى فضاء الحرية والاستقلال، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الجزاء على الأفعال والأقوال.
أما بعد؛ فيا أيها الاخوة المؤمنون! أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته.
لقد جرت عادة مجتمعنا في هذا العصر على أن يجعل أول يوم من شهر "مايو" عيدا للعمل والعمال، وهي عادة طارئة ومستوردة، من القائمة التي اتبعنا فيها غيرنا، وليست نابعة من صميم ديننا، فإلى متى نقلِّد ولا نقلَّد؟ فإلى متى نَتبِع ولا نُتبَع؟ فإلى متى سنرجع في عاداتنا إلى ديننا وشريعتنا؟ ورغم ذلك فإن من مبادئ الإسلام اغتنامَ الفرص، وأن الحكمة ضالة المؤمن فأنى وجدها فهو أحق بها، وأن الذكرى تنفع المؤمنين؛ وعلى هذه الأسس كان لا بد للإسلام أن يدلي بدلوه في كل نشاط هدفه تحقيق الأماني والآمال في التقدم والرقي والازدهار؛ لأن الإسلام كله مبني على نفع ودفع: جلب للمنفعة ودفع للمضرة؛ ولهذا كان لا بد بهذه المناسبة أن نبين ماهية العمل في الإسلام وأهميته.
أيها الإخوة المؤمنون إن ماهية العمل في الإسلام ليست مجرد ممارسة لكسب الراتب والأجرة، وليست مجرد شغل قصد الإنفاق على النفس والأسرة؛ بل ماهيته عبادة يكتسب العامل المسلم من ورائه الأجر في الآخرة، كما يكتسب الأجرة في الدنيا، فالعمل في الإسلام نوعان: عمل دنيوي، وعمل ديني، والمسلم، لا يعطل كلا العملين، ولا يهتم بواحد على حساب الآخر، فالإسلام لا يريد للمسلم أن تحول صلاته بينه وبين شغله، كما لا يريد له أن يحول شغله بينه وبين صلاته، ورسول الإسلام قد اشتغل لكلا العملين، فكان راعي الغنم، كما كان راعي الأنام، ثم كان تاجرا أمينا كما كان يقوم الليالي حتى تورمت قدماه؛ ولكن لا تكون ماهية العمل كذلك إلا بضوابط شرعية وحقوق مرعية.
أما الضوابط الشرعية فلا تتم إلا إذا كان العمل والشغل في إطار الحلال، وذلك لا يتم إلا باجتناب الحرام في أداء العمل، وفي نوعية العمل، فلا حلال في العمل مع الغش والخيانة والخديعة، ولا حلال في الشغل مع الرشوة والمحسوبية، ولا حلال في الشغل مع الربا والخمور وغيرها من المحرمات المادية والمعنوية.
أما الحقوق المرعية فإن الإسلام لا يفرض على المسلم في كل مجال الحياة حقوقا من طرف واحد، بل كل ما هو حق لك فهو الواجب على غيرك، وكل واجب على غيرك فهو حق لك، فحقوق العمال هي واجبات أرباب العمل، وحقوق أرباب العمل هي واجبات العمال.
أما أهمية العمل في الإسلام فيكفي أن نعلم أن الإسلام قد سبق إلى الدعوة للعمل المثمر البناء كل النظم والهيئات، على اختلاف ألوانها ومشاربها؛ فهو لا ينادى بيوم واحد عيدا للعمال يطالبون فيه بحقوقهم ويجوبون فيه الشوارع والساحات، بل عيد العمال في الإسلام لا ينتهي بيوم أو أسبوع، لأنه جعل السنة كلها عيدا لهم، يكرمهم ويمجدهم، ويفرض لهم حقوقا تكريما لهم، كما يفرض عليهم واجبات أيضا تكريما لهم؛ فالعمال هم لبنات المجتمع، والبناء الشاهق لا يصلح إلا بلبنات صالحة، والله تعالى يقول: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}.
فإذا تصفحنا كتاب الله نجد أزيد من مائة وستين آية، تدعو إلى العمل وتمجده وتحث عليه، والرسول
 لم يعرف في شبابه الفراغ، ولم تنل منه البطالة أي منال، فهو يعرف كيف يحول فراغه إلى كد وعمل، وإلى جد وأمل، فلا غربة أن يكون بعد النبوة، أولَ الدعاة إلى العمل الدؤوب، وهو الذي قال فيما روى البخاري «نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ»، وهو الذي نزل عليه {فإذا فرغت فانصب، وإلى ربك فارغب}، وهو الذي مجد مختلِف أنواع الحرف والنشاطات الاقتصادية، فقال في الفلاحة فيما روى البخاري ومسلم: «ما من مسلم يغرس غرسا، أو يزرع زرعا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان له به صدقة»، وقال في التجارة فيما روى البخاري: «التاجر الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء»، وكان يحث على العمل مهما كانت الظروف قاسية، وإن لم يرج الإنسان ثمرة عمله في الدنيا، لأنه سيجدها عند الله أجرا عظيما، ويكفي في ذلك الحديث النبوي العظيم الذي يقول فيه: «إذا قامت القيامة، وفي يد أحدكم فسيلة، فاستطاع أن يغرسها فليفعل، فله بذلك أجرا».
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين والحمد لله رب العالمين

الحمد لله رب العالمين…
أما بعد فيا أيها الاخوة المؤمنون؛
إن الإسلام لم يقتصر في إبراز أهمية العمل على التنويه بعمل الرجل فقط؛ بل نوه بعمل المرأة في مجالها فقالت عائشة رضي الله عنها: «المغزل في يد المرأة كالرمح في يد المجاهد»؛ بل جعل لها الإسلام المقام الأول في المجتمع، ورفعها إلى مكانة لا تعدلها أية مكانة، مكانة الأمومة، وما تستلزمها من أعمال جليلة فقال
: «الجنة تحت أقدام الأمهات» ولم يقل ذلك في أحد من الرجال مهما كان، وإن من العيب بمكان، أن نجد في بطاقات ربات البيوت قديما (المهنة: لا شيء) أو (المهنة: بدون) لم لا نكتب في البطاقات (المهنة: ربة البيت)؟ وهل هناك مهنة أفضل للمرأة عند الله من مهنتة الأمومة والتربية وربات البيوت، حيث الجنة تحت أقدام الأمهات؟
والمرأة في بيتها لم تكن عاطلة وخاملة كما يقول بذلك دعا تحرير المرأة، أو التغرير بها، وأنى لها ذلك وهي ربة البيت، وسيدة الأسرة، وأمامها أعمال جليلة، لا يمكن أن يقوم بها الرجل: من حمل، وولادة، وإرضاع، وتغذية، وتأديب، وتربية، فإذا كان العمل خارج البيت محددا بثمان ساعات، فإن عمل المرأة داخل البيت غير محدد، وبذلك تقتسم أعباء الأسرة مع الرجل، فيتولى الرجل العمل الخارجي، وتتولى المرأة العمل الداخلي، فليس هناك أمير ولا مأمور، ومن أجل ذلك قال الله تعالى في حقهن: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآَتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}.
وعلاوة على ذلك فان الإسلام لم يمنع المرأة أن تعمل خارج منزلها، فتاريخ الإسلام يحكي لنا عن النساء كن ممرضات، وطبيبات ومعلمات ومتعلمات، بل حتى في المجال العسكري في سبيل الله مقاتلات، فهذا رسول الله
 يقول في إحداهن: «ما التفت يمنا وشمالا إلا ورأيت أم سليط تقاتل دوني».
ولكن الإسلام وضع لعمل المرأة خارج منزلها شروطا، حتى لا نقع فيما وقعت فيه المجتمعات المادية، من فساد ترتب على عمل المرأة، من ولادة غير شرعية، وابتزاز جنسي، وارتفاع أرقام الفساد وجراثيم السيدا، ومن هذه الشروط الحجاب وغض البصر وعدم الخلوة بالأجنبية.
أما خروج النساء للعمل متزينات متبرجات، متمردات على شرع ربهن، ضاربات عُرض الحائط بأحكام دينهن، مائلات مميلات، كاسيات عاريات، مستسلمات لفساد الموضة، فيضربن بأرجلهن بالعقب الطويل ليعلم ما يخفين من زينتهن، فهذا فساد أيما فساد.
ألا فاتقوا الله عباد الله، وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله


سيدي عبد الله بن طاهرالتناني إمام وخطيب بأكادير ومشرف مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق
وللمزيد  من ترجمة شيخنا يرجى الضغط  :هـنـــا .
وله خطب قيمة ولمن يريد الإستفادة منها له ذلك
 بشرطين كما يقول شيخنا :
 1) الدعاء لي -بعد الإخلاص- عن ظهر الغيب.

2) غض البصر -بعد الإصلاح- عما فيها من العيب.
وتابعوا نشرهاباستمرار في أئمة مروك بحول الله وقوته
  ,

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا