خطبة عيد الاضحى: نِذَارَةٌ بِالْمُهْلِكَاتِ، وَبِشَارَةٌ بِالْمُنْجِيَاتِ - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

خطبة عيد الاضحى: نِذَارَةٌ بِالْمُهْلِكَاتِ، وَبِشَارَةٌ بِالْمُنْجِيَاتِ

 خطبة عيد الأضحى المبارك في إطار التبليغ من أجل تحقيق الحياة الطيبة تحت عنوان ☆نِذَارَةٌ بِالْمُهْلِكَاتِ، وَبِشَارَةٌ بِالْمُنْجِيَاتِ☆ من إعداد: رشيد الـمعاشي

اَلْخُطْبَةُ الْأُولَى

اَللَّـهُ أَكْبَرُ - اَللَّـهُ أَكْبَرُ اَللَّـهُ أَكْبَرُ - اَللَّـهُ أَكْبَرُ 

اَللَّـهُ أَكْبَرُ - اَللَّـهُ أَكْبَرُ اَللَّـهُ أَكْبَرُ - اَللَّـهُ أَكْبَرُ

اَللَّهُ أَكْبَرُ مَا دَامَتِ الْأَرْضُ وَالسَّمَاوَاتُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ مَا نَزَلَتْ مِنَ السَّمَاءِ الرَّحَمَاتُ، اَللَّهُ أَكْبَرُ مَا امْتَثَلَ الْمُؤْمِنُونَ لِأَمْرِ رَبِّ الْبِرَيَّاتِ، اَللَّهُ أَكْبَرُ مَا اجْتَنَبُواْ الْمُحَرَّمَاتِ الْمُهْلِكَاتِ، اَللَّهُ أَكْبَرُ مَا أَقْبَلُواْ عَلَى الطَّاعَاتِ الْمُنْجِيَاتِ، أَحْمَدُهُ تَعَالَى عَلَى نِعَمِهِ الْمُتَتَالِيَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ فِي الذَّاتِ وَالْأَفْعَالِ وَالصِّفَاتِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ لِكُلِّ الْمَخْلُوقَاتِ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَهْلِ الْفَضَائِلِ وَالْكَرَامَاتِ، وَمَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ بِإِحْسَانٍ حَتَّى نَلْقَاهُمْ فِي رَوْضَاتِ الْجَنَّاتِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوةُ الْـمُسْلِمُونَ:

إِنَّ هَذِهِ الْمَجَامِعَ الْعَامَّةَ الْمُبَارَكَةَ فِي الْأَعْيَادِ، لَا يَنْبَغِي أَنْ تَمُرَّ دُونَ أَنْ نُّذَكِّرَ أَنْفُسَنَا بِمَا يَجِبُ عَلَيْنَا لِرَبِّ الْعِبَادِ، وَبَيَانِ مَا يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نُحَصِّلَهُ مِنَ الزَّادِ، لِنَفُوزَ بِالْحَيَاةِ الطَّيِّبَةِ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْمَعَادِ، ذَلِكَ أَنَّ الْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ 

– مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ -، إِنَّمَا تَحْصُلُ لِمَنِ اِتَّبَعَ سَبِيلَ أَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ، وَمَا دَلَّنَا عَلَيْهِ سَيِّدُ الْمُرْسَلِينَ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ: فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اِتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى. وَلَكِنَّ الْإِنْسَانَ بِطَبِيعَتِهِ عُرْضَةٌ لِلْوُقُوعِ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، فَتَارَةً يَفْعَلُ مَا يَكُونُ بِهِ فَلَاحُهُ وَنَجَاتُهُ، وَتَارَةً يَجْنِي مَا بِهِ خُسْرَانُهُ وَهَلَاكُهُ، لِذَلِكُمْ سَيَكُونُ عُنْوَانُ خُطْبَتِنَا بِحَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى هُوَ: نِذَارَةٌ بِالْمُهْلِكَاتِ، وَبِشَارَةٌ بِالْمُنْجِيَاتِ، وَمُنْطَلَقُنَا فِي هَذَا الْمَوْضُوعِ هُوَ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ثَلَاثٌ مُهْلِكَاتٌ، وَثَلَاثٌ مُنْجِيَاتٌ... 

فَأَمَّا الْمُهْلِكَاتُ: فَشُحٌّ مُطَاعٌ، وَهَوًى مُتَّبَعٌ، وَإِعْجَابُ الْمَرْءِ بِنَفْسِهِ. وَأَمَّا الْمُنْجِيَاتُ: فَالْعَدْلُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَى، وَالْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَخَشْيَةُ اللَّهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ... فَهَذَا الْحَدِيثُ النَّبَوِيُّ الشَّرِيفُ لَهُ شِقَّانِ:

اَللَّـهُ أَكْبَرُ - اَللَّـهُ أَكْبَرُ – اَللَّـهُ أَكْبَرُ

اَلشِّقُّ الْأَوَّلُ: يُبَيِّنُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثَ خِصَالٍ تُهْلِكُ الْعَبْدَ وَتَأْخُذُ بِهِ إِلَى حَتْفِهِ، وَذَلِكَ إِذَا اسْتَرْسَلَ فِيهَا وَلَمْ يَتُبْ مِنْهَا إِلَى رَبِّهِ:

اَلْخَصْلَةُ الْأُولَى: اَلشُّحُّ الْمُطَاعُ، وَهُوَ: الْحِرْصُ الَّذِي يُطِيعُهُ صَاحِبُهُ فَيَبْخَلَ بِأَدَاءِ مَا عَلَيْهِ مِنَ الْحُقُوقِ، فَلَا يُؤَدِّي مَا عَلَيْهِ مِنْ حَقِّ الْحَقِّ وَلَا حَقِّ الْخَلْقِ، بَلْ يُقَصِّرُ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يُخْرِجُ زَكَاةَ مَالِهِ، وَيُقَصِّرُ فِي حَقِّ الْخَلْقِ مِنَ النَّفَقَاتِ وَالصِّلَاتِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي مُحْكَمِ الْآيَاتِ: وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ. 

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِيَّاكُمْ وَالشُّحَّ، فَإِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالشُّحِّ، أَمَرَهُمْ بِالْبُخْلِ فَبَخِلُواْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْقَطِيعَةِ فَقَطَعُواْ، وَأَمَرَهُمْ بِالْفُجُورِ فَفَجَرُواْ.

اَللَّـهُ أَكْبَرُ - اَللَّـهُ أَكْبَرُ – اَللَّـهُ أَكْبَرُ

اَلْخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ: اِتِّبَاعُ الْهَوَى، وَهُوَ: مَيْلُ النَّفْسِ إِلَى شَهَوَاتِهَا، وَاتِّبَاعُهَا لِمَلَذَّاتِهَا وَنَزَوَاتِهَا، وَإِيثَارُهَا جَانِبَ الْفُجُورِ وَالْمَعْصِيَةِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ هَوًى لِأَنَّهُ يَهْوِي بِصَاحِبِهِ فِي الْعَوَاقِبِ الْمَذْمُومَةِ، فَكَمْ حَرَمَ الْهَوَى مِنْ فَضِيلَةٍ، وَكَمْ أَوْقَعَ الْهَوَى فِي رَذِيلَةٍ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ. 

وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: إِنَّمَا أَخْشَى عَلَيْكُمْ شَهَوَاتِ الْغَيِّ فِي بُطُونِكُمْ وَفُرُوجِكُمْ وَمُضِلَّاتِ الْهَوَى. لِذَلِكُمْ فَالْمُؤْمِنُ الْكَامِلُ هُوَ الَّذِي يَصْدُرُ فِي كُلِّ شُؤُونِهِ عَنْ شَرِيعَةِ رَبِّهِ، رَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يَكُونَ هَوَاهُ تَبَعًا لِمَا جِئْتُ بِهِ.


اَللَّـهُ أَكْبَرُ - اَللَّـهُ أَكْبَرُ – اَللَّـهُ أَكْبَرُ

اَلْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ: اَلْإِعْجَابُ بِالنَّفْسِ، فَقَدْ يُعْجَبُ الْإِنْسَانُ بِعِلْمِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ جَمَالِهِ أَوْ جَاهِهِ فَيَحْتَقِرَ غَيْرَهُ، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: بَيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي فِي حُلَّةٍ تُعْجِبُهُ نَفْسُهُ، مُرَجِّلٌ رَأْسَهُ، يَخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ. وَسَبَبُ الْإِعْجَابِ بِالنَّفْسِ هُوَ: جَهْلُ الْإِنْسَانِ بِحَقِيقَةِ نَفْسِهِ، رَوَى الْإِمَامُ الذَّهَبِيُّ عَنِ الْأَصْمَعِيِّ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ: مَرَّ الْمُهَلَّبُ عَلَى مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ مُتَبَخْتِرًا، فَقَالَ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّهَا مِشْيَةٌ يَكْرَهُهَا اللَّهُ إِلَّا بَيْنَ الصَّفَّيْنِ؟! فَقَالَ الْمُهَلَّبُ: أَمَا تَعْرِفُنِي؟ قَالَ: بَلَى، أَوَّلُكَ نُطْفَةٌ مَذِرَةٌ، وَآخِرُكَ جِيفَةٌ قَذِرَةٌ، وَأَنْتَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ تَحْمِلُ الْعَذِرَةَ. فَانْكَسَرَ وَقَالَ: اَلْآنَ عَرَفْتَنِي حَقَّ الْمَعْرِفَةِ.

 نَفَعَنِي اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ بِكِتَابِهِ الْـمُبِينِ، وَبِسُنَّةِ نَبيِّهِ الْمُصْطَفَى الْكَرِيمِ، وَأَجَارَنِـي وَإِيَّاكُمْ مِنْ عَذَابِهِ الْـمُـهِينِ، وَجَعَلَنِي وَإِيَّاكُمْ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ آمِينَ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْـحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

اَلْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

اَللَّـهُ أَكْبَرُ - اَللَّـهُ أَكْبَرُ – اَللَّـهُ أَكْبَرُ

اَلْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَّا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَليُّ الصَّالِحِينَ، وَأَشْهَدُ أَنَّ سَيِّدَنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ سَيِّدُ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرينَ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَمَنِ اِقْتَفَى أَثَرَهُمْ وَسَارَ عَلَى نَهْجِهِمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

أَمَّا بَعْدُ فَيَا أَيُّهَا الْإِخْوَةُ الْمُسْلِمُونَ:

اَلشِّقُّ الثَّانِي مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ النَّبَوِيِّ الشَّرِيفِ: يُبَيِّنُ فِيهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ثَلَاثَ خِصَالٍ تُلْقِي إِلَى الْعَبْدِ بِطَوْقِ النَّجَاةِ مِنَ الْمُهْلِكَاتِ، وَتَأْخُذُ بِيَدِهِ إِلَى حَضْرَةِ رَبِّ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتِ:

اَلْخَصْلَةُ الْأُولَى: اَلْعَدْلُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَى، وَذَلِكَ أَنَّ الْإِنْسَانَ إِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الْغَضَبُ قَلَّ أَنْ يُنْصِفَ، وَإِذَا غَلَبَ عَلَيْهِ الرِّضَى فَقَدْ يَحْمِلُهُ عَلَى الْمُحَابَاةِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعَدْلِ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمُ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا. 

وَرَوَى الْإِمَامُ ابْنُ رَجَبٍ فِي كِتَابِهِ (جَامِعُ الْعُلُومِ وَالْحِكَمِ) عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ رَحِمَهُ اللَّهُ أَنَّهُ قَالَ: مَا أَبْكَى الْعُلَمَاءَ بُكَاءَ آخِرِ الْعُمُرِ مِنْ غَضْبَةٍ يَغْضَبُهَا أَحَدُهُمْ، فَتَهَدِمُ عَمَلَ خَمْسِينَ سَنَةً، أَوْ سِتِّينَ سَنَةً، أَوْ سَبْعِينَ سَنَةً، وَرُبَّ غَضْبَةٍ قَدْ أَقْحَمَتْ صَاحِبَهَا مُقْحَمًا مَا اسْتَقَالَهُ.

اَلْخَصْلَةُ الثَّانِيَةُ: اَلْقَصْدُ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَتَوَسَّطَ الْإِنْسَانُ فِي الْإِنْفَاقِ فِي حَالَتَيِ الْفَقْرِ وَالْغِنَى، فَلَا يَدْفَعُهُ الْفَقْرُ إِلَى التَّفْرِيطِ فِي الْحُقُوقِ، وَلَا يَدْفَعُهُ الْغِنَى إِلَى الْإِسْرَافِ أَوِ الْإِنْفَاقِ فِي الْحَرَامِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَّحْسُوراً. وَقَالَ سُبْحَانَهُ: وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا. وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: كُلُوا، وَاشْرَبُواْ، وَتَصَدَّقُواْ، وَالْبَسُواْ؛ مَا لَمْ يُخَالِطْهُ إِسْرَافٌ أَوْ مَخِيلَةٌ.

اَلْخَصْلَةُ الثَّالِثَةُ: خَشْيَةُ اللَّهِ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَمَعْنَاهُ: أَنْ يَخْشَى الْعَبْدُ رَبَّهُ حَيْثُ يَرَاهُ النَّاسُ وَحَيْثُ لَا يَرَوْنَهُ، وَقَدَّمَ خَشْيَةَ الْغَيْبِ عَلَى الشَّهَادَةِ، لِأَنَّهَا هِيَ الْخَشْيَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي تَبْلُغُ بِصَاحِبِهَا مَرْتَبَةَ الْإِحْسَانِ، رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ: مَا الْإِحْسَانُ؟ فَقَالَ: اَلْإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللَّهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ. 

وَرَوَى النَّسَائِيُّ عن عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: اَللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَأَسْأَلُكَ كَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الرِّضَا وَالْغَضَبِ، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى. فَاتَّقُواْ اللَّهَ – مَعَاشِرَ الْمُؤْمِنِينَ أُولِي الْأَلْبَابِ -، وَاجْتَنِبُواْ الشُّحَّ وَالْهَوَى وَالْإِعْجَابَ، وَتَحَلَّوْاْ بِخُلُقِ الْعَدْلِ وَالِاقْتِصَادِ وَمُرَاقَبَةِ رَبِّ الْأَرْبَابِ، تَنَالُواْ الْحَيَاةَ الطَّيِّبَةَ فِي الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْحِسَابِ.

🌳اَلدُّعَاءُ🌳

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا