العشر الأواخر خصائصها وهدي النبي عليه الصلاة والسلام فيها د . قاسم اكحيلات
أئمة مروك : إعداد د. قاسم اكحيلات
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه
وبعد:
-العشر الأواخر من رمضان في اصطلاح الفقهاء: تبدأ من بداية ليلة الحادي والعشرين من شهر رمضان، وتنتهي بخروج رمضان، تاما كان أو ناقصا، فإذا نقص فهي تسع، وعليه فإطلاق العشر الأواخر عليها بطريق التغليب للتمام، لأصالته؛ لأن العشر عبارة عما بين العشرين إلى آخر الشهر، وهي اسم لليالي مع الأيام.(الموسوعة الفقهية).
- والحرص عليها لحكمتين :
*الأولى :"رجاء ليلة القدر".(كشف المشكل.ابن الجوزي).
*الثانية :"الحث على تجويد الخاتمة. ختم الله لنا بخير أمين".(ابن حجر.فتح الباري).
*الأولى :"رجاء ليلة القدر".(كشف المشكل.ابن الجوزي).
*الثانية :"الحث على تجويد الخاتمة. ختم الله لنا بخير أمين".(ابن حجر.فتح الباري).
- يستحب الاجتهاد في العمل الصالح عموما، فيزيد عما كان يفعله في غيرها من الأيام، عن أمنا عائشة رضي الله عنها قالت:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره".(مسلم). فيكثر من قراءة القرآن والصدقة والصلاة والذكر والدعاء والبر ونحوها من أمو الخير.
- والمسلم يشد فيها المئزر، لقول أمنا:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره".(متفق عليه).واختلفوا في (شد المئزر). على معنين :
*الأول :اعتزال النساء، فكنى عن ذلك بشد المئزر، وإن لم يكن ثم مئزر.
*الأول :اعتزال النساء، فكنى عن ذلك بشد المئزر، وإن لم يكن ثم مئزر.
*الثاني: الجد في العبادة، تقول: قد شددت لهذا الأمر مئزري: أي جددت فيه.(كشف المشكل.ابن الجوزي).
والظاهر أن "كلا الأمرين صحيح، فإن الرسول ـ عليه الصلاة والسلام ـ كان لا يأتي أهله في العشر الأواخر من رمضان لأنه معتكف، وكان أيضا يشد المئزر، ويجتهد، ويشمر صلوات الله وسلامه عليه ".(شرح رياض الصالحين.العثمين).
قلت : ولعل رواية مسلم:" وجد وشد المئزر". تدل على هذا المعنى.(راجع:لطائف المعارف.ابن رجب).
-من أعظم ما يأتي به المسلم فيها الصلاة، فيقوم الليل ويوقظ أهله لتحصيل الأجر، عن عائشة قالت:"كان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان، أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد مئزره". (متفق عليه).
وفي الصلاة مع الزوجة خير كبير في غير رمضان وفي هذه الأيام آكد،قال رسول الله ﷺ:"من استيقظ من الليل وأيقظ امرأته، فصليا ركعتين جميعا، كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات".(صحيح رواه أبو داود).
- فيها ليلة القدر ويستحب قيامها وسيأتي معنا تفصيل أحكامها إن شاء الله.
- الاعتكاف للراجل والنساء، وهو لزوم المسجد ولو لخظة، فعنها رضي الله عنها:"أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده".(متفق عليه).
وللاعتكاف أحكام كثيرة يطول سردها، فمن كان ينوي الاعكتاف عليه بالتفقه في أحكامه وننصحه بكتاب (فقه الاعتكاف.خالد المشيقح).
أحكام ليلة القدر :
_________________
ومن خصائص العشر الأواخر أن فيها ليلة هي خير من ألف شهر
- واختلفوا في سبب تسيمتها (ليلة القدر) :
قالوا: لأنها الليلة التي فيها تقدر مقادير السنة، قال ربنا:"فيها يفرق كل أمر حكيم".قال النووي:"قال العلماء وسميت ليلة القدر لما يكتب فيها للملائكة من الأقدار والأرزاق والآجال التي تكون في تلك السنة".(شرح مسلم).
وقال قوم : سميت بذلك لعظم قدرها "كقوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره) والمعنى أنها ذات قدر لنزول القرآن فيها أو لما يقع فيها من تنزل الملائكة أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة أو أن الذي يحييها يصير ذا قدر".(الفتح).
وقيل القدر بمعنى التضييق "كقوله تعالى (ومن قدر عليه رزقه) ومعنى التضييق فيها إخفاؤها عن العلم بتعيينها أو لأن الأرض تضيق فيها عن الملائكة".(الفتح).
- ولها فضائل عظيمة :
*العبادة فيها هي أفضل من عبادة ألف.أي العمل فيها خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.. بما يكون فيها من الخير والنفع ، فلما جعل الله الخير الكثير في ليلة كانت خيرا من ألف شهر لا يكون فيها من الخير والبركة ما في هذه الليلة.(فتح القدير).
*ليلة فيها تنزل الملائكة ويترأسهم جبريل،قال ابن كثير:"يكثر تنزل الملائكة في هذه الليلة لكثرة بركتها ، والملائكة يتنزلون مع تنزل البركة والرحمة .. وأما الروح فقيل : المراد به هاهنا جبريل عليه السلام ، فيكون من باب عطف الخاص على العام . وقيل : هم ضرب من الملائكة".(التفسير العظيم).
*قال ربنا:"سلام هي حتى مطلع الفجر".فقيل أن الملائكة عليهم السلام تحيي أهل المساجد من المصلين،وقيل هي سالمة من الآفات وخير كلها ، ليس فيها شر إلى مطلع الفجر.
* عدد الملائكة ليلتها أكثر من عدد الحصى، قال صلى الله عليه وسلم:" إن الملائكة تلك الليلة في الأرض أكثر من عدد الحصى".(حسن رواه أحمد، وحسنه الألباني).
*يقدر الله فيها مقادير الأرزاق والآجال.قال ربنا:"فيها يفرق كل أمر حكيم".
*قيامها مغفرة للذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".(متفق عليه).
*لا يخرج ليلتها الشيطان حتى يطلع الفجر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا يخرج شيطانها حتى يخرج فجرها".(رواه ابن حبان وصححه الألباني).
- أما تعيين ليلتها فقد اختلفوا فيها اختلافا عظيما ذكر منها في فتح الباري ما لم يذكره غيره، وقد وصلت الأقوال فيها إلى 46 قولا.
والخلاف راجع للأحاديث المتعارضة فيها، وكذا الاحاديث الضعيفة التي اعتمد عليها بعض أهل العلم، ويمكن القول أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يعلم في البدء متى ليلة القدر، ثم إن الله العليم الحكيم قد أنساه إياها،،فعن عبادة بن الصامت قال: "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر فتلاحى رجلان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحى رجلان فرفعت، وعسى أن يكون خيرا لكم".(صحيح رواه أحمد).
وبقي الحال كذلك إلى وفاته عليه الصلاة والسلام، وما دام أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يعد يعلم وقتها، فإنه لا ينبغي لأحد من الصحابة ولا من غيرهم أن يحدد وقتها، وعلى جميع المسلمين علماء وغير علماء أن يكتفوا بالتماسها وتحريها في العشر الأواخر، فهي لا تعدو أن تكون إما ليلة إحدى وعشرين، أو ثلاث وعشرين، أو خمس وعشرين، أو سبع وعشرين، أو تسع وعشرين.
فهي في الوتر من العشر الأواخر قطعا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان ".(متفق عليه) وفي رواية عند البخاري:"تحروا ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان". وفي رواية:"التمسوها في تسع يبقين".(راجع الجامع لأحكام القرآن.عويضة).
قال ابن العربي المالكي:"والصحيح أنها في العشر الاواخر من كل رمضان، إلا أنها تنتقل في العشر، فتارة تكون إحدى وعشرين، وتارة تكون ليلة ثلاث وعشرين، وليلة خمس وعشرين، وليلة سبع وعشرين، فمن وافقها فقد سعد، والله يكشفها لمن يشاء من عباده".(المسالك).
- أما علاماتها، ففي ليلتها :
* تكون السماء مضيئة لا حارة ولا باردة ،قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وهي في العشر الأواخر , وهي طلقة بلجة لا حارة ولا باردة , كأن فيها قمرا يفضح كواكبها"(صحيح رواه ابن حبان). ومعنى بلجة أي مضيئة.
* لا ترسل في ليلتها الشهب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"ولا يرمى فيها بنجم".(حسن رواه الطبراني).
* القمر ليلتها يشبه هيئة نصف قصعة الطعام،عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: " أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة".(مسلم).
أما صبيحتها :
* فتصبح الشمس حمراء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة".(صحيح رواه ابن خزيمة).
* أن تطلع الشمس في صبيحتها صافية لا شعاع لها، فعن أبي بن كعب قال:" أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تطلع يومئذ لا شعاع له".(مسلم). وعند أبي داود:"مثل الطست".
* اما القول أن الكلاب لا تنبح وان الأوراق تتساقط فكل هذا لا دليل عليه.
- يستحب إحياء ليلتها بالقيام والذكر والدعاء ويردد ما ورد في السنة،عائشة أنها قالت:"يا رسول الله ، أرأيت إن وافقت ليلة القدر ما أدعو؟. قال: تقولين:اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني".(صحيح رواه ابن ماجة). واما زيادة "كريم" فلا وجود لها.
الحائض هي أيضا تحيي ليلتها من غير صلاة، عن عائشة قالت:"كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر شد مئزره، وأحيا ليله"(متفق عليه). قال القاري:"أي غالبه بالصلاة والذكر وتلاوة القرآن، قال النووي: أي استغرق بالسهر في الصلاة وغيرها".(مرقاة المفاتيح).
جاء في الموسوعة الفقهية:"ويكون إحياء ليلة القدر بالصلاة وقراءة القرآن والذكر والدعاء، وغير ذلك من الأعمال الصالحة".انتهى. فلا تشترط الصلاة فتقرأ الكتب وتدعو الله وتستغفره وتذكره على كل أحوالها.
والله من وراء القصد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا