الخطبة الموحدة الجمعة 7 أكتوبر2016 :العناية بكبارالسن .. - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

الخطبة الموحدة الجمعة 7 أكتوبر2016 :العناية بكبارالسن ..


الحمد لله الذي خلق الخلق , وسخر لهم ما في السماوات والأرض بعلمه وحكمته , وأسبغ عليهم الآلاء والنعم بفضله وواسع رحمته , خلق الإنسان ضعيفا لا حول له ولا قوة , ثم أمده بالصحة والعافية , فكان به حليما لطيفا خبيرا , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له , وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله , أرسله الله بالحق بشيرا ونذيرا , وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا , صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا .

أما بعد , أيها الإخوة المؤمنون , إن سنة الله في خلقه اقتضت أن يخرج كل إنسان من الرحم ضعيفا ليبدأ حياته على الأرض , ثم يكون طفلا بإذن الله , ثم يغدو بعد مراحل الطفولة والصبا شابا يمده الله بالقوة , ويعيش أجمل الأيام والذكريات , مع الأصحاب والأحباب , ثم تمر السنون والأعوام , ينتقل فيها هذا الإنسان في سفر هذه الحياة , حتى يصير إلى المشيب والكبر والشيخوخة والهرم , ومن الناس من يتوفى قبل ذلك , ومنهم من يرد إلى أرذل العمر , قال الله تعالى : ( ومنكم من يتوفى ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ) وقال عز من قائل : ( الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل بن بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير) .
والإنسان كما يحتاج إلى من يقوم به ويحسن إليه في مرحلة ضعف الطفولة , يحتاج كذلك إلى من يعتني به ويحسن إليه في شيبته وشيخوخته .
معشر المؤمنين , أولى الإسلام المسنين والشيوخ عناية خاصة , فدعا إلى إجلالهم واحترامهم وحفظ مكانتهم وتوقيرهم , فعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يجل كبيرنا " , وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يعرف شرف كبيرنا " , وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : جاء شيخ يريد النبي صلى الله عليه وسلم فأبطأ القوم أن يوسعوا له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ليس منا من لم يوقر كبيرنا " . ومن تعظيم الإسلام لشأن المسنين وحفظه لمكانتهم أنه راعى ظروفهم وعجزهم البدني في شأن العبادات , ففي شأن الصلاة أمر صلى الله عليه وسلم بمراعاة أهل الأعذار ومنهم الكبير فقال : " إذا صلى أحدكم للناس فليخفف , فإن فيهم الضعيف والسقيم والكبير , وإذا صلى لنفسه فليطل ما شاء " .
ومن مراعاة الإسلام للمسنين في شأن الصيام قول الله تعالى : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين ) قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما : " نزلت هذه الآية في الشيخ الكبير الذي يطيق الصوم , ثم ضعف فرخص له أن يطعم كل يوم مسكينا " .

فيا معشر الشباب , ارحموا كبار السن , وقدروهم , ووقروهم , وأجلوهم , فإن الله يحب ذلك ويثني عليه خيرا كثيرا , قال صلى الله عليه وسلم : " إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم " فإذا رأيتم الكبير فارحموا ضعفه , وأكبروا شيبته , وقدروا منزلته , وارفعوا درجته , وفرجوا كربته , يعظم لكم الثواب , ويجزل الله لكم به الحسنى في المرجع والمآب.
يا معشر الشباب , ما كان للكبار من الحسنات فانشروها واقبلوها واذكروها , وما كان من السيئات والهنات والزلات فاغفروها واستروها , فإنه ليس من البر إظهار زلة من أحسن إليكم دهرا , وليس من الشيم النبيلة إعلان هفوة من كان سبب ما بكم من خير , وخاصة الوالدين , قال الله تعالى : ( إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا ) .

أيها المؤمنون إن إجلال الكبير وتوقيره ومساعدته على قضاء حوائجه , سنة من سنن الأنبياء والرسل , قال الله تعالى حكاية عن كليمه موسى عليه السلام : ( ولما ورد ماء مدين وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان قال ما خطبكما قالتا لا نسقي حتى يصدر الرعاء وأبونا شيخ كبير , فسقى لهما ثم تولى إلى الظل فقال رب إني لما أنزلت إلي من خير فقير ) .
وهي سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرة الخلفاء الراشدين من بعده , فهذا عمر الفاروق رضي الله عنه يمر بباب قوم وعليه سائل يسأل , وهو شيخ كبير ضرير , فضرب عمر عضده ضربا خفيفا , وقال :" من أي أهل الكتاب أنت ؟ قال : يهودي , قال عمر : فما ألجأك إلى السؤال ؟ قال : الجزية , والحاجة والسن , فأخذه عمر إلى بيته , وأعطاه شيئا , ثم أرسل إلى خازن المال , فقال له : " أنظر هذا وضرباءه ( أي أمثاله ) , والله ما أنصفناه إن أكلنا شيبته , ثم نخذله عند الهرم " .
فاتقوا الله عباد الله في والديكم وكباركم واعرفوا لهم قدرهم , وأعطوهم الذي جعله الله لهم .
أقول قولي هذا , وأستغفر الله تعالى لي ولكم ولسائر المسلمين , والحمد لله رب العالمين .
الخطبة الثانية :
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على أشرف المرسلين , سيدنا ونبينا محمد عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليم , وعلى آله وصحبه الطيبين الطاهرين , والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .

أيها المؤمنون , تعيش المملكة اليوم حدثا عظيم الشأن , جليل القدر , في حياتها السياسية ومسارها الديمقراطي , تعيش مناسبة فاصلة كما وصفها مولانا أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله , في مستهل خطابه السامي بمناسبة الاحتفال بعيد العرش المجيد لهذه السنة , ويتعلق الأمر بدعوة الهيأة الناخبة إلى اختيار أعضاء مجلس النواب .
واعتبارا لأهمية هذا الاستحقاق , فقد أولاه سيدنا المنصور بالله عناية بالغة واهتماما فائقا في هذا الخطاب البليغ الجامع الشامل , ومما قاله حفظه الله : " فالمواطن هو الأهم في العملية الانتخابية , وليس الأحزاب والمرشحين , وهو مصدر السلطة التي يفوضها لهم , وله أيضا سلطة محاسبتهم أو تغييرهم , بناء على ما قدموه خلال مدة انتدابهم " كما وجه سدد الله خطاه , " النداء لكل الناخبين بضرورة تحكيم ضمائرهم , واستحضار مصلحة الوطن والمواطنين خلال عملية التصويت , بعيدا عن أي اعتبارات كيفما كان نوعها " ولم يفته أعز الله أمره أن يدعو " الإدارة التي تشرف على الانتخابات للقيام بواجبها في ضمان نزاهة وشفافية المسار الانتخابي " .
"
وتمثيل المواطنين في مختلف المؤسسات والهيآت , يقول مولانا الإمام , أمانة جسيمة , فهي تتطلب الصدق والمسؤولية , والحرص على خدمة المواطن , وجعلها فوق أي اعتبار " .

ويذكرنا هذا التوجيه الملكي القوي والبليغ بقول جده المصطفى الأمين عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام في حجة الوداع : " اللهم اشهد , اللهم اشهد , اللهم اشهد " .
أيها المؤمنون , التصويت واجب وطني , وعلينا جميعا ممارسته مسترشدين بهذه التوجيهات الملكية السديدة النيرة الواضحة أنصع ما يكون الوضوح .
فاللهم ألهمنا التوفيق والسداد , وأرنا الحق حقا والصواب صوابا , واهدنا الصراط المستقيم , صراط الذين أنعمت عليهم , غير المغضوب عليهم ولا الضالين , وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد , كما صليت وباركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين , إنك حميد مجيد .
وارض اللهم عن جميع صحابته الأبرار , المهاجرين منهم والأنصار , وعن أزواجه وذريته وسائر آل بيته الطيبين الأطهار , وعن التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين .


وانصر اللهم مولانا أمير المؤمنين , وحامي حمى الملة والدين , صاحب الجلالة الملك محمد السادس , اللهم انصره نصرا عزيزا تعز به الدين , وتجمع به كلمة المسلمين , وأصلح به وعلى يديه , واحفظه بما حفظت به السبع المثاني والقرآن العظيم , وأدمه فخرا وملاذا لهذه الأمة التي يقو د سفينتها بإيمان وعزم وتبصر ويقين , وكن له درعا واقية من كل سوء ومكروه , اللهم أقر عين جلالته بولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير الجليل مولاي الحسن , وشد عضده بشقيقه صاحب السمو الملكي الأمير السعيد مولاي رشيد , واحفظه في كافة أسرته الملكية الشريفة .
واشمل اللهم بواسع عفوك وجميل فضلك وكريم إحسانك , الملكين المجاهدين , مولانا الحسن الثاني ومولانا محمدا الخامس , اللهم أكرم مثواهما , وطيب ثراهما , واجزهما الجزاء الأوفى على ما قدما للبلاد والمسلمين من أعمال جليلة , واجعلهما في مقعد صدق مع الذين أنعمت عليهم من النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين .
ربنا آتنا من لدنك رحمة , وهيئ لنا من أمرنا رشدا , ربنا آتنا في الدنيا حسنة , وفي الآخرة حسنة , وقنا عذاب النار , سبحان ربك رب العزة عما يصفون , وسلام على المرسلين , والحمد لله رب العالمين .



أئمةمروك _وزارة الأوقاف

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا