الفقيه السوسي عبدالله بنطاهر" ماالسبيل إلى نصرة الرسول ﷺ ؟ " ( خطبة الجمعة ) - أئمة مروك -->
أحدث المواضيع
انتظار..

الفقيه السوسي عبدالله بنطاهر" ماالسبيل إلى نصرة الرسول ﷺ ؟ " ( خطبة الجمعة )



الحمد لله الذي شرع لنا بسيرة المصطفى قدوة لا ضِرار فيها ولا ضَرر، كلها طهارة ونقاء وصدق وأمانة وفكر ونظر، لا ظلم فيها ولا غش ولا خيانة ولا غرر. وأوجب علينا الدفاع عنها من إساءة من ألحد في الله وكفر، ومن أشرك بالله فعبد أهواء البشر، وأشهد أن لا اله إلا الله شهادة تجعلنا ممن وحد الله تعالى وشكر، وممن آمن بالقضاء والقدر، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله من كان له خير قول وأفضل أثر، وأصح الحديث والخبر، وأعظم شريعة تحمي الناس من كل مشكل وخطر، صلى الله وسلم عليه و على آله وأصحابه أكرم البشر، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم يكون لمن أحب النبي الجنةُ ولمن أساء إليه سقر.

أما بعد: فيا أيها الاخوة المؤمنون، أوصيكم ونفسي أولا بتقوى الله وطاعته.ما أكثر الحاقدين على الإسلام من أعدائه، وما أكثر الجاهلين بالإسلام من أدعيائه، فمنذ أن ظهر الإسلام على وجه الأرض، وأعداؤه يتربصون به الدوائر، ومعركتهم ضده دائرة في كل زمان ومكان، فمن معركة التشهير، إلى معركة التنفير، ومن معركة التمويه، إلى معركة التشويه، ومن معركة الكيد الخفي، إلى معركة العدوان الجلي، ومن معركة العدوان الظاهر، إلى معركة التدنيس الجائر، ومن معركة الإعلام السافل، إلى معركة الألغام والقنابل، ومن معركة الفسوق والأباطيل، إلى معركة الصواريخ والأساطيل. 
فمنذ أن ظهر النبي على وجه الأرض، وأعداؤه متفقون في الظاهر والباطن على محاربته، حسدا من عند أنفسهم، من بعد ما تبين لهم أنه الحق العظيم.لقد طلع علينا من بني جلدتنا في هذه الأيام من ينتقص من قدر الحبيب المصطفى، وهذا ليس بغريب من أعداء الطهارة والصفاء، ففي الأمس دنس أسيادهم المصحف الشريف، بظلمهم السخيف، دنسوا آياته المقدسة، بأيديهم المدنسة، ولكن إذا كانت الإساءة للحبيب المصطفى من هؤلاء أمرا طبيعيا، وإذا كان تدنيس القرآن الكريم من الكفار أمرا طبيعيا، فإن تقاعسنا -نحن المسلمين- عن الدفاع عن محارمنا ومقدساتنا ونبينا أمر غير طبيعي!!

نعم؛ يجب أن نقف ضد من يسيء للحبيب المصطفي؛ لا بالصخب والمظاهرات، لكن بالدروس والمحاضرات، بالعلم والعمل، بالحكمة والموعظة الحسنة، يجب أن نقف ضد هؤلاء بالرجوع إلى هذه السيرة العطرة نفسها، لنبني المستقبل بها ، لنصنع الحياة بها، أما المظاهرات فقد ثبت فشلها وعدم جدواها، فما أوقفت الحروب في بلاد المسلمين، وما أوقفت الظلم في فلسطين، وما جلبت للأمة الرفاهية والرخاء، إنما نخرب بها بلادنا، إنما نحقق بها فينا ما أراد أعداء هذه السيرة العطرة.

وأقول لك -أخي المسلم- بكل بساطة إنك لو لم تستطع إلا أن تصلح نفسك، فتمتنع عن جرائم كنت أنت ترتكبها لكان هذا منك دفاعا عن هذه الحبيب المصطفي، ولو لم تستطيعي -أختي المسلمة- إلا أن تمتنعي عن التبرج الفاضح والسفور الواضح لكان هذا منك دفاعا عن هذا النبي العظيم، ولو لم تستطع إلا أن تربي أولادك التربية الإسلامية الصحيحة وأن تجعلهم يحسون بانتمائهم للحبيب المصطفي لكان هذا منك دفاعا عن الحبيب المصطفي، ولو لم تستطع إلا أن تنقد مسلما واحدا من ضعف الفقر إلى قوة الغناء، أو من نقمة المرض إلى نعمة الصحة، أو من ذلة الجهل إلى عزة العلم، أو من ظلام الشرك إلى نور الإيمان، لكان هذا منك دفاعا عن الحبيب المصطفي الذي يقول لك: «لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير مما طلعت عليه الشمس وغربت». 

أيها الاخوة المؤمنون؛ إن المسلم -وهو يرى هذا العدوان الغاشم على مقدساته- لا ينبغي له أن يصاب باليأس والقنوط؛ لأن الله تعالى يقول: {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ}، ويقول سبحانه: {وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ}؛ بل إن إساءتهم لهذه السيرة العطرة بهذا الشكل دليل على يأسهم هم من النيل من إيمان المؤمنين، وفعلهم هذا علامة على أنهم جبناء قد أخذ القنوط منهم كل مأخذ لأنهم قوم ضالون

أما أتباع المصطفي فهم أهل القرآن يعيشون من الأمل، ويعملون على زرع الأمل، الأمل بالنصر المبين، الأمل بالفتح العظيم، الأمل بانتشار تعاليم هذه السيرة العطرة. لا تستقيم حياة أهل القرآن بدون الأمل؛ فالأمل هو القوة الدافعة الأولى للنصر المبين، هو الأساس والأصل، هو حسن الظن بالله، هو نقطة البداية الصحيحة الموفقة، إلى النهاية المشرقة المرموقة، من الأمل، إلى الإتقان في العمل، إلى الجودة في الإنتاج، إلى الإلحاح في الدعاء، إلى النصر المبين. والله تعالى يقول: {إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ}؛ فهذه الآية الكريمة تفتح للأمة باب الأمل، فتقول لكل مسلم: غير نفسك يتغير التاريخ، غير نفسك من الفساد إلى الصلاح، ومن الجبن إلى الشجاعة، ومن الظلم إلى العدل، ومن الجهل إلى العلم، ومن الخمول إلى العمل، ومن الحرام إلى الحلال، فإن الله تعالى قد وعد بأن يغير ما بك من مرارة الهزيمة والخذلان، إلى حلاوة النصر والأمان، ومن آلام الحزن والأسى، إلى آمال الفرح والسكينة والاطمئنان، ومن عنف القاسطين، إلى عنفوان المقسطين، وبهذا نكون قد انتصرنا للحبيب المصطفى.

إن الإساءة للمصطفى يجب أن يكون دافعا لنا للرجوع إلى هذه السيرة العطرة، بدأ من الأب في الأسرة، إلى الحاكم في الدولة، لنعيش مع هذه السيرة العطرة في قلوبنا لنعيش معها في معاملاتنا

إنها سيرة متميزة عن كل سيرة، فهي محفوظة ومسجلة في القلوب والأعمال، مروية ومخلدة للأزمان والأجيال، محفوظة في كتاب الله تعالى المنزل، وفي كتب الحديث المبجل، وفي كتب الشمائل والدلائل، وفي كتب السيرة التي اعتنت بها خاصة، وفي كتب التاريخ عامة، محفوظة من ألفها إلى يائها، من المولد إلى الوفاة، لقد اتصلت حلقاتها، وصحت أساندها، لا يوجد هذا لأي نبي من الأنبياء، ولا لأي عظيم من العظماء، وليس في هذه السيرة العطرة خط أحمر، أو دائرة حمراء، فيقال هذا لا يروى، أو هذا خاص لا يقال للناس، بل حياته كلها ملك لأتباعه، ومدروسة لأمته، لقد سلط الصحابة الأضواء الكاشفة عليها، فنقلوها إلينا كلها، حتى ما كان عادة وعرفا منها؛ علاقته بربه، علاقته بنفسه، علاقته بزوجته، علاقته بأولاده وأحفاده، علاقته بأعدائه، سلمه إذا سالم، حربه إذا حارب، صلحه إذا صالح، لا محل فيها للغش والخذلان، لا تعرف الزور والبهتان، بل كلها صدق وأمانة، وطهارة ونظافة، وحلم وصبر، فهي كما قال الله تعالى: {وإنك لعلى خلق عظيم}، وكما قال الرسول: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».

فعند ما ضاعت هذه السيرة العطرة ضاعت الأمة بكل مقوماتها، وما انهزمت الأمة اليوم أمام الصهاينة والصليبيين إلا حينما ضيعوا تعاليم هذه السيرة العطرة؛ ما ضاع شرع الله إلا بضياعها، وما ضاعت حقوق الإنسان إلا بضياعها، وما ضاعت الثقة والأمانة إلا بضياعها، وما ماتت الضمائر الحية إلا بضياعها، وما سقطنا في متاهات الديون الربوية إلا بضياعها، وما سادت الرشوة في معاملاتنا إلا بضياعها، وما انتشر الغش في أسواقنا إلا بضياعها، وما انتشر الظلم الاجتماعي إلا بضياعها، وما عانت الإنسانية من الحروب والتقتيل والتشريد إلا بضياعها.أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين أجمعين والحمد لله رب العالمين .

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمينأما بعد فيا أيها الإخوة المؤمنون!إن أمة المصطفى لن تموت؛ نعم قد تنهزم قد تضعف قد تتمزق قد تتفرق قد تسقط لكنها لن تموت؛ إنها تسقط لتقوم وتنتفض، إنها تنهزم لتتقدم وتنتصر، أتدرون لماذا؟ لأنها أمة هذا النبي العظيم، لأنها تحمل الكلمة الأخيرة في هذه الدنيا: كلمة التوحيد؛ فليست تحتاج إلا إلى توحيد الكلمة لتنتصر؛ هذا ما يدل عليه تاريخ هذه الأمة: فقد سقطت أول سقوطها في غزوة أحد، ولكنها نهضت في غزوة فتح مكة. وسقطت على يد الصليبين حين استولوا على القدس، ولكنها فاجأت التاريخ مرة أخرى في معركة حطين في فلسطين، وسقطت في العراق على يد المغول والتتار ولكنها فاجأت التاريخ، فنهضت مرة أخرى في معركة عين جالوت في فلسطين أيضا، وسقطت على يد الاستعمار الاستخراب الغربي، في القرن الماضي، ولكنها فاجأت التاريخ مرة أخرى فنهضت على يد مجاهدين أشداء، فدخل الإسلام أربا رغم أنوف الاستعمار، ولا ينبغي لنا نحن اليوم أن نظن أن الأمة قد سقطت وانتهى أمرها حينما نشاهد ما يعاني منه المسلمون اليوم من الحروب الظالمة، إلى الفتن المظلمة، إلى المصائب المجحفة، لقد أصبحت دماءهم مهدرة، وحقوقهم مهضومة، وأعراضهم منتهكة، واقتصادهم منهوكا، تارة على يد طغاة الصهيونية، وتارة على يد جناة الصليبية، وتارة على يد عتاة الشيوعية، وتارة على يد غلاة الشيعة، وتارة على يد دعاة العلمانية السفهاء، وتارة على يد بغاة المتنطعين، تعددت الأسماء وعدو الإسلام واحد.لأنها إنما سقطت هذه المرة أيضا لتنهض حين ترجع لسنة هذا النبي الكريم فتتمسك بتعاليمهما النيرة.هلموا إلى رحاب سيرة المصطفى بالقراءة والمطالعة!هلموا إلى رحاب سيرة المصطفى بالفهم والتفقه!هلموا إلى رحاب سيرة المصطفى بالاتباع والاقتداء!ألا فاتقوا الله عباد الله وأكثروا من الصلاة والسلام على رسول الله...

أئمة مروك ــ عبد الله بنطاهر,




 سيدي عبد الله بن طاهرالتناني إمام وخطيب بأكادير ومشرف مدرسة الإمام البخاري للتعليم العتيق
وللمزيد  من ترجمة شيخنا يرجى الضغط  :هـنـــا .
وله خطب قيمة ولمن يريد الإستفادة منها له ذلك
 بشرطين كما يقول شيخنا :
 1) الدعاء لي -بعد الإخلاص- عن ظهر الغيب.

2) غض البصر -بعد الإصلاح- عما فيها من العيب.
وتابعوا نشرهاباستمرار في أئمة مروك بحول الله وقوته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

نسعد بتعليقاتكم ومقترحاتم تهمنا